بعد ايام من اعلان الجبهة الثورية السودانية لهياكلها القيادية واختيار السيد مالك عقار رئيسا لها والقائد عبد العزيز الحلو قائدا لقواتها العسكرية وياسر عرمان لامانتها, حققت الجبهة انتصارات قوية وهزمت قوات النظام المجرم بالخرطوم فى عدة معارك فى منطقة جاو والاحيمر وتروجى بجبال النوبة , حيث تمكنت الجبهة الثورية من الانتصار على الجيش السودانى ومليشيات المؤتمر الوطنى والتى لم تصمد امام قوة وعزيمة واصرار وبسالة قوات الجبهة الثورية والتى يقاتل فيها جنبا الى جنب ابناء جبال النوبة ودارفور والنيل الازرق , ويقاتلون حاملين فى قلوبهم هم اهلهم الذين يعانون التشرد والقتل والقصف اليومى, يقاتلون منادين بمبادىء الحرية والعدالة , تركوا خلفهم مستقبلهم الخاص تركوا جامعاتهم , ابنائهم وامهاتهم , والثمن الذى يريدون ليس سوى حرية هذه الشعوب الصامدة وانهاء الظلم والجور الذى يخيم على هذه البلاد منذ عقود . ولاجل هذا انتصروا لم تخفهم الطائرات ولا الصواريخ الايرانية , لم تخفهم الاعداد الهائلة التى حشدها البشير " ليقضى عليهم " كما توهم , بل ما زادهم ذلك الا يقينا بانهم على الصواب , لان من يحاربون مجرمون عالميا وان ما يدافع عنه هؤلاء الثوار شتان بينه وبين ما اتى يقاتل لاجله جيش البشير . الالاف القلوب الطاهرة والبطون الجائعة والنفوس المظلومة تقف من داخل الكراكير والخيام تدعو كل لربه لينتصر الثوار , وقد انتصروا . ان جاو والاحيمر وتروجى ومن سيأتى بعدها ما هى الا البداية , وهذا ما يعلمه جيدا الراقص المرعوب الذى ما ان قتل جنوده وشتتوا فى الغابات تاركين خلفهم حتى الكاكى الذى يشير الى انتمائهم اليه حتى , فر باحثا عن احضانه القديمة, الى متوهمين الاسلام والمنتحرين فى الشهادة من مليشيات الدفاع الشعبى . ولكن رغم محاولات زبانيته ليجمعوا له الاف لاداء التمام الا انهم كما يبدو لم ينجحوا سوى فى جمع بضع مئات كما بدا من كاميرات التلفزيون السودانى التى اجتهد مصوروه ليضخموا الحضور بتركيز الصورة حول مكان المنصة , وهذا بالضبط ما كان يفعله القذافى فى ايامه الاخيرة حين كان يجمع بعض المتوهمين من مدمنى حبوب الهلوسة فى الساحة الخضراء ليتظاهروا وكانت الكاميرات تظل مثبتة على منطقة محددة لساعات . ان الدفاع المسمى الشعبى لا ندرى من اى شعب هو مكون ! ومن من الشعب السودانى لم يكتوى بنار هذا النظام , والذين لم يكتووا واصحاب المصالح والحاشية والاقربين الا يتعظون من فرار بن على واسرته , ولا من مقتل القذافى ولا من سرير مبارك ومقام احمد عز من الفنادق الى الزنازين . ان النداء العنصرى الى القتال فى جبال النوبة , ودولة جنوب السودان والاعتداءات المستمرة على الجنوب دون مراعاة لحرمة السيادة التى يكفلها القانون الدولى , انما هو حملة تصعيدية اخرى للنظام السودانى المتهالك والذى لا يتوانى فيما يبدو عن تنفيذ سياسة الارض المحروقة ومحاولة اشعال نيران الحرب فى كل الجبهات وذلك املا فى التهرب من السقوط الحتمى للنظام وفى استيجاد بعض التعاطف من الشعب مع الدولة التى تحارب الاعداء , وفى محاولة ايضا للهروب من المسائلة الدولية والمحلية عن الجرائم المرتكبة فى دارفور , جبال النوبة والنيل الازرق , ذلك ان فتح الجبهات المختلفة للحرب واعادة فتح معسكرات تجنيد الدفاع الشعبى او ما سماه الراقص البشير " بالوية الردع" , ما هى الا محاولة اخيرة لتدمير الفرص المتاحة لايقاف الحرب والسماح بدخول المساعدات الانسانية لانقاذ حياة الاف المدنيين المحاصرين تحت نيران القتال والجوع . وفى ذات الاتجاه فان النظام الحاكم يحاول باعادة فتح معسكرات الدفاع الشعبى واقتياد القصر والطلاب الى ساحات القتال مرةاخري , يقوم باعادة تجربة التسعينات فى الحملة الجهادية على جبال النوبة , والتى شرد خلالها نصف مليون من ابناء النوبة وقتل ما لايقل عن مائة الف . ان التحدى الذى يبرزه البشير فى خطابه الاخير , وحديثه عن الصلاة فى كاودا قريبا ودون تحديد زمان , انما هو جزء من تنفيس الضغط العالى الذى تمكنت الجبهة الثورية على مستوياتها السياسية والعسكرية من ممارسته بنجاح على النظام السودانى , فتزامن التحرك الامريكى القوى والواضح بزيارة السيناتور وولف الى معسكر ييدا واستدعاء وزيرة الخارجية الامريكية هيلارى كلينتون الى الكونجرس لمناقشة الاوضاع فى جبال النوبة وجنوب السودان وكيفية تعامل الادارة الامريكية مع النظام فى الخرطوم, مع الضغط العسكرى الكبير من جبهات متعددة انما يظهر ضرورة التوحد واهمية العمل الجماعى الذى افتقده المهمشون والحراك السياسى السودانى لفترة , وما استطاع الثوار فى الجبهات المختلفة القيام به انتصارات على الجيش السودانى تمثل دفعة معنوية كبيرة للشعوب المهمشة فى الداخل وفى الخارج وفى مناطق الصراع وترفع من التوقعات وتجبر المجتمع الدولى الذى بدا غير مرحبا بقيام الجبهة الثورية فى البدء تجبره على اعادة النظر وترتيب حساباته مرة اخرى, والنظر الى السودان ومستقبله بعيون جديدة وبميزان قوى مختلف تمثل الجبهة الثورية مركز ثقل اساسى فيه . لقد توالت حملات استهداف النظام العنصرى الحاكم لابناء جبال النوبة منذ التسعينات وقاتل النوبة بقيادة يوسف كوة ضد مليشيات الدفاع الشعبى حتى انتهت الحرب فى 2002 ولم ينهزم النوبة فى وجه التقتيل المتعمد والعنصرى ولم ينفد عزمهم على الانتصار والان , وبعد عقدين من الزمان ومع اختلاف الادوات وتطور الامكانات فان ابناء جبال النوبة واخوتهم فى المقاومة والثورة من اجل الحرية من اقاليم السودان الثائرة , فانهم اكثر قدرة واصرار على مواجهة ما يعد له البشير , وان النهاية لجرائمه المرتكبة ضد المدنيين العزل ستكون قريبة على ايدى ثوار تعاهدوا على ان تكون تلك النهاية على ايديهم . [email protected]