لا جدال في شعبية برنامج أغاني وأغاني بدليل صموده للعام الخامس وتحلق الناس يوميا حول شاشة النيل الأزرق لمتابعته. وأفضل ما فيه، بالتأكيد، هو استعادة مجموعات كبيرة من جيل الشباب لذاكرة الغناء السوداني الغنية والدسمة بأصوات مغنين شباب معروفين ومحبوبين. ويمثل السر قدور، مقدم البرنامج، كتلة جاذبية كبيرة للبرنامج بقدراته الفذة وخبرته الطويلة في عالم الفن السوداني وطريقته العفوية المحببة في التقديم، وله عندي مكانة خاصة بحكم أنه أستاذي وصديقي وزميل عمل لسنوات طويلة في القاهرة....ولكن! حفل برنامج هذا العام بظواهر تستحق التوقف عندها ومناقشتها، فقد تم تحويل الاستديو لفصل دراسي يضم 13 مغنيا، يزدحم بهم المكان وتتوه الكاميرا بين وجوههم ونتوه نحن في زحمة أصواتهم، كما يتوه معلم الفصل السر قدور بينهم. لا أعرف الحكمة ولا المعنى في زيادة عدد المغنين المشاركين في البرنامج كل ليلة لهذا العدد المهول، ولم نكتشف أية إضافة نوعية لهذه الزيادة الكمية. وقد لخص الفنان محمود عبد العزيز حال الفصل في الحلقة الأولى، حيث نام في نصفها، وظل مكشرا في النصف الثاني، ثم غاب عن بقية الحلقات التي شاهدناها حتى الآن. كما عجزت كاميرا المخرج عن تقديم هذا العدد الكبير من الفنانين للجمهور في الحلقة الأولى، حيث فشلت في مطابقة الأسماء مع الصور وظلت تلهث بينهم. الفنانة الشابة شموس مثلا عرفت في برنامج "نجوم الغد" بتقديم أغاني الفنان الراحل عثمان الشفيع، لكنها لم تجد فرصة في الحلقة الأولى للمشاركة رغم أنه تم ترديد أكثر من أغنية لعثمان الشفيع، وأظن أنه تم نسيانها في الزحمة. ويبدو أيضا أن التحضير الأولي للحلقات لم يكتمل، وأقصد تحضير موضوع للحلقات لتأتي الأغنيات متجانسة مع موضوع الحلقة، سواء كان الموضوع فنانا بعينه أو موضوعا شعريا أو غنائيا، فقد جاءت الحلقة الأولى فاقدة للبوصلة وبدون موضوع محدد. وأكثر ما آلمني أنه تم حشر اسم الفنان الراحل صالح الضي عرضا في الحلقة ليقوم الفنان عصام محمد نور بغناء رائعته "بتتغير"، وأظن أن صالح الضي يستحق حلقة مفردة له ولغنائه الجميل، والسر قدور من القلائل الذين يعرفون صالح الضي وعاشا سنويا في القاهرة قبل رحيل الضي. وأهمية وجود موضوع هو أننا نتزود بالمعلومات الغزيرة للسر قدور، ثم يكون هناك معنى وقيمة للأغنيات التي تقدم لمطابقتها للموضوع، لكن في حلقات الفنان كمال ترباس تم رص الأغنيات بدون فواصل من المعلومات والحديث حولها. وقيمة برنامج السر قدور هو المزج بين المعلومة والطرب الجميل، ولا يجب التفريط في أي من هاتين القيمتين. نأمل أن يكون الحال في الحلقات القادمة أفضل مما شاهدناه حتى الآن، ولا بد من العمل على تحسين البرنامج في المرات القادمة لأن الفكرة صارت مكررة في قنوات كثيرة، وأحيانا باستخدام نفس الفنانين. فيصل محمد صالح الاخبار [VIDEO=http://www.youtube.com//v/1N9o3vDfIWA&feature=player_embedded#at=59]WIDTH=400 HEIGHT=350[/VIDEO] http://www.youtube.com//v/1N9o3vDfIW...embedded#at=59