نجح فريق تونسي في النزول إلى عمق 425 متراً في إحدى مغارات الشمال التونسي، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً جديداً في رياضة المغاور التونسية لم يسبقه إليه أي فريق آخر من مستكشفي المغاور، خاصة من فرنسا وبلجيكا والنرويج وبولونيا، الذين نشطوا في السابق لتحقيق أرقام قياسية من خلال مغاور "عين الذهب" التي باتت معروفة للغاية على المستوى العالمي. وكان الرقم العالمي السابق في عالم اكتشاف المغارات بتونس في حدود 265 متراً فقط، وهو مسجل باسم فريق "بيدون" الفرنسي. وقال شاكر الطبيب، رئيس جمعية "الرياضة للجميع" بمدينة زغوانالتونسية (60 كيلومتراً شمال تونس العاصمة)، إن الفريق التونسي تألف من 10 تونسيين بمعية فرنسيين فقط، وقد تمكنوا من استكشاف "شبكة جوفية"، هي عبارة عن نهر جوفي قديم وثلاث قاعات جديدة بمغارة المنجم، بها أشكال ومناظر رائعة الجمال، نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط" اليوم الأحد. وتقع مغارة "المنجم" بجبل السرج في منطقة الوسلاتية من ولاية القيروان، ويبلغ ارتفاعه 1347 متراً، وهو ينتمي إلى سلسلة جبال الأطلس. وأشار الطبيب إلى أن هذا الاكتشاف مكّن فريق المستغورين (الذين يمارسون نشاط اكتشاف المغارات" من معرفة مصدر وطبيعة تكون مختلف القاعات المكتشفة سابقاً، ومن اكتشاف مدخل مغارة "المنجم". وأكد من ناحية أخرى أنه مع هذه الاكتشافات الجديدة أصبح بإمكان مغارة "المنجم" أن تتنافس مع مغارة "عين الذهب" بجبل السرج من ولاية سليانة القريبة من القيروان، على لقب أجمل مغارة في العالم من حيث المساحة والعمق وتضاريس الجمال. ومن ناحيته، عبّر محمد الخمسي، رئيس جمعية الاستغوار بزغوان، عن فرحته العارمة بهذا الاكتشاف، وقال إنه "اكتشاف القرن" بالنسبة للاستغوار التونسي الذي ظل لسنوات في الصف الثاني يقدم المساعدة للفرق الأجنبية التي تستكشف المغاور التونسية وتسجل تلك الاكتشافات باسمها دون أن يعترف أحد بمجهوداتهم، وقد حان الوقت ليتعرف العالم إلى حرفية وجرأة المستغورين التونسيين. واعتبر الخمسي أن الاكتشاف الجديد سيفتح المجال واسعاً أمام تنمية الاستغوار في تونس، وسيجذب المستغورين والباحثين والدارسين من مختلف أصقاع العالم، للقيام بأبحاث بيولوجية بخصوص الكائنات الحية الموجودة بالمغارة. ويتكون جوف مغارة "المنجم" من صواعد ونوازل وهي صخور معروفة بكثافتها وصلابتها وتكونت من قطرات المياه المتسربة من قمة الجبل عبر طبقات الصخور خلال ملايين السنين. وتعود تسميتها إلى ظروف اكتشافها التي جاءت بمحض الصدفة، حيث تمكّن عمال مناجم سنة 1901 من اكتشافها في عمق 50 متراً تحت الأرض، وظلت على حالها إلى حدود 1950، حيث أصبحت وجهة قارة لفرق استغوار من جنسيات مختلفة. ومنذ سنة 1969 تم اكتشاف أكبر قاعة تضمها المغارة حالياً وهي "قاعة الحبيب بورقيبة"، وتوالت على أثرها الزيارات لاستطلاع ما في جوفها من كنوز طبيعية ومنظومات بيئية متنوعة.