حَتّامَ نحنُ نُساري النّجمَ في الظُّلَم ِ** ومَا سُرَاهُ على خُفٍّ وَلا قَدَمِ مما لا شك فيه أن الوضع في بلادنا السودان قد وصل إلى مرحلة اللاعودة اى ما يسمى uphill battle ، و هذه الوضعية ليست سوى مرحلة طبيعيه مبنية على نظرية أن المادة لا تفنى و لا تستحدث من العدم و إنما يمكن أن تتحلل اى نظرية الهدم و البناء وكما انها تتطابق مع الفكرة التطهرية فى قصة سيزيف الذى عليه حمل صخرة على ظهره الى اعلى قمة جبل حتى اذا ما قارب القمة و الخلاص من عذاباته ، سقطت الصخرة الى اسفل الجبل ليعود سيزيف مرة اخرى و هكذا تتكرر المأساة فى اسطورة سيزيف . و هذا ما يحدث لنا فكلما اعتقدنا اننا قد تخلصنا او كدنا ان نتخلص من الفشل و العذابات التى لم يمر بها اى شعب فى الدنيا من قبل فاذا بنا نعود الى ما وراء نقطة الصفر وكذلك فانك أن أردت التغيير فلا بد من الهدم و التحطيم اى خوض التجربة بحذافيرها ، إلا أن الشيء المؤلم فى مجمل التجربة السودانية أن يفوق حجم التضحيات الحد المعقول و يجهز على مستقبل البلاد و أحلامها قاطبة فبغض النظر عن الموت الملايينى الذي اجتاح البلاد خلال سنوات الحرب التي تدور رحاها في نواحي البلاد الأربع حتى هذه اللحظة الكئيبة البائسة من عمر السودان . وبغض النظر عن الأموال و الموارد و الزرع و الضرع الذي سرق و نهب نهارا جهارا و الحياة التي أفسدت بسبب الركود العلمي و الفكري و الاقتصادي خلال العقود الماضية و استشراء الفقر و الشعوذة و الدجل والاستبداد على وجه الخصوص خلال حكم الطغمة الجاهلة المضللة ، و بصرف النظر عن المؤسسات التي انحرفت انحرافا حادا و بشعا و المؤسسة العسكرية التي نعق فيها البوم و أصبحت خرابا و أثرا بعد عين بعد أن كانت إحدى أشهر و امهر المؤسسات العسكرية إقليميا من الناحية العلمية و الأكاديمية و ظلت لسنوات درعا منيعا للبلاد و جيرانها و أصدقائها . بغض النظر عن كل ما سبق فان الجائحة الاجتماعية هي اخطر ما حدث و هي الكارثة الحقيقية التي فتكت بالبلاد و بالعقل في السودان إذ أن القهر و لمم الظلم و الكراهية العقائدية و القبلية و العشائرية العنصرية التي زرعها الاتجاه الاسلامى في نفوس المواطنين جعلت من المجتمع السوداني مجتمع فقير في صلاته الاجتماعية و أواصره الإنسانية لان التجربة الفجة الغثة التي مر بها السودانيون خلال حكم عصابة الاتجاه الاسلامى كفيلة باغتيال سنوات من محاولات النهوض و التطور و التقدم التي بذلها السودانيون في محاولتهم اللحاق بركب البشرية الذي دأبت خطاه تتسارع نحو الكمال ، إن الوقت الذي أضاعه السودان في التناحر و التناطح حول بديهيات في الوقت الذي تم فيه حسم الكثير من القضايا مثال الدين و الحقوق و بناء الدولة و سياسة الشعوب وفلسفة الحكم و الخلافات الايدولوجية و فصل الدين عن الدولة منذ آلاف السنين وفي وقت نهضت فيه أمم بكاملها خلال عقود معدودة من الزمان و خرجت من قمقم الجهل و التخلف ووصلت إلى مصاف الدول الصناعية ..ماليزيا و اليابان و كوريا و اندونيسيا و غيرها مثالا لا حصرا- وتفرغ العالم للخلق و الإبداع و تقدم البشرية ، مازلنا نحن نقبل بمن يتدخل و يزج بأنفه في علاقاتنا الروحية و عباداتنا، و حياتنا الخاصة جدا كيف نسمح بهذا الهراء كل هذه السنوات العجاف التى قضت على التعليم و الصحة و دمرت البنية التحتية للبلاد و خدعت الناس بالكبارى و الطرق الفشنك المغشوشة و التى لا تساوى بصلة الى جانب التخريب الذى احدثته تلك السنوات ..!! وكما قلت ان الاخطر و الاخطر فى المسالة هو الفساد الذى استشرى بالمجتمع من عنصرية و قسوة و تشظى و تدين كاذب بغيض الاف المساجد التى بنيت ضرارا و على شفا جرف هارى من اموال النصب و النهب و المراباة الصريحة ،و المراوغة باسم الدين ، صناعة للفقر و الجهل فى مؤسسات تعليم مهترئة المناهج لا تعلم الطفل سوى الخنوع و الكذب و الخداع و بها يتم قصف العقل منذ الصغر، انحسار بل انعدام البحث العلمى الجاد و المفيد و تكريس ميزانيات البحوث العلمية نحو علوم ابسط ما يقال عنها انها تافهة و لا يحتاجها الناس للنهوض بحضاراتهم ، تلك العلوم التى نشات على هامشها مؤسسات عاطلة و معطلة لمسيرة الشعب السودانى (هيئة علماء السودان مثالا صارخا) و يقينى ان هذه المؤسسة قد فرخت من بغاث الطير و الافكار المنحرفة مما كان له سىء الاثر على المجتمع السودانى مما قد يصعب اصلاحه لعقود كثيرة قادمه فقد تكرست خلال هذه الفترة افكار مثل الكفر و الاسلام بالرغم من ان الكفر ليس العبارة المقابلة للاسلام و انما هى العبارة المقابلة للايمان ، و مفاهيم العرب و الزرقه ، و تم جمع اهل الغرب دارفور و كردفان و اهل الجنوب فى سلة واحدة مقابل الشماليين و فى الشمال انقسم الناس الى رطانة و عرب وحلب و فقراء جدا و اغنياء جدا و فى هذا و ذاك تتداخل اشكاليات تواجد ابناء الجنوب و الغرب فى الشمال و نزاعاته و صراعاته الطبقية و العقائدية و العرقية فى حالة ابسط ما يقال عنها انها وضعية تمزقية وتحطيمية لم يسبق لها مثيل فى السودان. لقد ظل الاتجاه الاسلامى بسلوكياته الخرقاء و خطله يحفر قبره بيديه و يسرع فى ذلك و يجتهد ، لقد ركضوا خلف السلطة و الجاه و تركوا الله ، و ظلموا الناس فأى منقلب ينقلبون و فعلوا الموبقات السبعة و زيادة عليها تلاعبوا بالدين و الخوف و تلطخت اياديهم بدماء الابريا ، وكانو يرونه بعيدا و نراه قريبا ، و ها قد جاءت ساعة الحساب، و بعد ان تكالبت عليهم امة لا اله الا الله ابتداء من الاحتقان و الثورات الداخلية وعدم الاستقرار السياسى و الخارجى من مجتمع دولى و دول جوار و منظمات اقليميه و على رأسهم الحيزبون التى لا تستحى و لا تخاف الله في احد "امريكا" و قلبت لهم ظهر المجن و الاممالمتحده متمثلة فى مجلس الامن و التى رفضت رفضا باتا و قررت ان ترى الموت و لا تقابل المسنوح البشير، والمحكمة الجنائية و فرنسا، و الصامتون كثيرون و فى انتظار ان تقع البقرة فتكثر سكاكينها ، وبعد ان بدأ صعاليك الانقاذ يطلقون الكلام جزافا فى كل حدب و صوب و يستبقون خيار تقرير المصير بالحقن المعدومة فى مستشفيات السودان و بعد ان اصبحت الدولة السودانية تعيش فى فراغ دستورى غير مسبوق و كراع فى الوحده و كراع فى الانفصال وساسة البلاد الاغبياء عاجزون بل مشلولون تماما عن ادارة الازمة الحقيقية التى يعيشونها، و الشعب مكتوف اليدين ، فالنتأكد بأن هذا النظام المهترىء قد انهار تماما و سيسقط وحده هكذا.. واذا حدث ما حدث فان البلاد لا شك غارقة فى الفوضى و حمامات الدماء فهل لدينا وقت لنناقش حال السودان ما بعد حكومة الانقاذ البائدة بالتاكيد ، ماذا نفعل بالتركة السياسية و الاجتماعية الثقيلة التى ربما تحتاج لقرن لمعالجتها ماذا نفعل للجرح العميق الذى خلفة اوغاد الاتجاه الاسلامى بين ابناء الوطن الواحد، ان تصريحاتهم و مجلس علمائهم ، لان ما يسمى بمجلس علماء السودان ، مؤسسة هى فى حد ذاتها انفصاليه لان هيئة علماء السودان يجب ان لا تكون من المسلمين فقط بل من كل الديانات الموجودة فى السودان تشمل حتى علماء الوثنية و الديانات التقليدية هذا اذا كنا فى دولة قانون و مواطنة، لان السودان ليس بلدا اسلاميا و انما متعدد الديانات و الاعراق و الثقافات ، فكيف تنشا مثل هذه المؤسسة التخريبية الانفصالية الخائبة باسم السودانيين المواطنيين جميعا و قانونيا فى هذه البلاد. يعلم الاسلاميون اصحاب المشروع الحضارى الداعر يعلمون تماما انهم يلفظون انفاسهم الاخيرة و الى الابد و لذا فهم بتصريحاتهم الرعناء انما يحاولون توسيع الشقة وخلق الفرقة بين اهل السودان و يتم ذلك حتى خارج البلاد من بذاءات و اساءات عرقيه يوجهها بعض العاملين بالسفارات لابناء الغرب و الجنوب حدث ذلك فى ندوة للسفارة فى استراليا حيث وجه عضو السفارة الاساءة لاحد ابناء دارفور قائلا بالحرف الواحد " نحنا الزيك ده بنرسله للشاى و الجرايد" و فى ليبيا قام عضو السفارة فى ندوه بتوجيه الفاظ عنصرية لابناء الجنوب و الغرب .. وكل ذلك مثبت بمحاضر و تسجيلات بالصورة و الصوت..يقينى ان هذا السلوك لا يسلكه افراد الشعب فيما بينهم و انما قادة قبيلة الاتجاه الاسلامى البغيضة لا لشىء الا لانهم قد فقدوا بوصلتهم الاجرامية و تمكن منهم الجهل و و مزقهم الطمع و الجشع و البخل و الشح اى ممزق و اصابهم جنون العظمة وشيزوفرينيا الدين و الدنيا و هم فى سكرتهم يعمهون ، فجاءهم البأس ...و السم القدر عشاءهم...هل ظنوا انه من السهل ان تقبل اخلاقهم الساقطة ووجوههم الشوهاء ونفاقهم وتلاعبهم بالدين و بمقدرات الشعب..ونهبهم الثروات و هتكهم لاعراض الناس واكل السحت لاكثر من هذا و ظنوا ان فعلتهم ستمر مر الكرام و غير الكرام و بلا مناقشة الحساب؟ لقد انتهت الانقاذ و انتهى معها الاتجاه الاسلامى و الى غير رجعه و ما هى الا ساعة و الساعة ادهى و امر .. حاتم محمد محمد صالح