وكأنه سؤال علمي يجيب عن حقيقة علمية مفادها: «قبل أن تقتل زوجتك.. عليك أن تتأكد مما يعلق بين أظافرها»، فقد أجرى باحثو معهد الطب الشرعي في مدينة هومبورغ بولاية زارلاند الألمانية تجربة بتكليف من محكمة الولاية الواقعة جنوبألمانيا لمعرفة كمية الحمض النووي للزوج التي يمكن أن تعلق بأظافر زوجته أثناء الحياة اليومية العادية. شارك في التجربة عدد كبير من الأزواج للكشف عن ملابسات جريمة يتهم فيها رجل بقتل زوجته. وتقوم التجربة على خدش المرأة لزوجها بأظافرها بأشكال متعددة وفي أحوال مختلفة وذلك لمعرفة ما إذا كانت آثار الحمض النووي التي عثر عليها تحت أظافر القتيلة والتي تعود لزوجها المتهم ناتجة عن صراع بينهما أم أنها آثار يمكن أن توجد في الأحوال العادية. يكون الخدش أولا بأظافر جافة ثم بأظافر مبللة، وفي كلتا الحالتين تظل آثار من قشرة جلد الرجل في أظافر المرأة. وتحدث فرانك شوبرت محامي المتهم في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن تجربة الخدش بالأظافر بين عدد من الرجال والنساء والتي شارك فيها 40 زوجا وأجراها باحثو معهد الطب الشرعي في مدينة هومبورغ بولاية زارلاند. قال شوبرت: «على هؤلاء الأزواج أن يعيشوا مع بعضهم البعض وألا يكون لديهم أطفال في سن الرضاعة». ولمحاكاة الجريمة المراد الكشف عن مرتكبها بأكبر قدر ممكن من الدقة فإن جميع الأزواج المشاركين في التجربة يعيشون مع طفلين ليسا في سن الرضاعة، فلو كان هذان الطفلان رضيعين لما كانا مناسبين للتجربة لأن أظافر الزوجين ستكون عندئذ أكثر نظافة مما يجب في هذه الحالة وهو أمر قد يؤدي إلى نتيجة غير حقيقية. يمكن أن تؤدي نتائج هذه التجربة إلى براءة موكل المحامي شوبرت أو إدانته حيث يتهم بقتل زوجته عمدا في نوفمبر 2011 ضاربا إياها بمقبض الدش ثم خنقها، حيث عثر تحت أظافر الزوجة على آثار الحمض النووي لزوجها وهو ما جعل المدعي يعتقد بأنه كانت هناك معركة بين الزوجين ما زال المتهم يلزم الصمت إزاء الاتهامات الموجهة إليه. ولكن: هل تكفي كمية الحمض النووي التي يعثر عليها تحت أظافر المرأة لإثبات أن معركة وقعت بالفعل بين الزوجين؟ يرفض المسؤولون في معهد هومبورغ للطب الشرعي الإفصاح عن مجريات التجربة خشية أن يشكك آخرون في طرقهم البحثية قبل أن يقدموا التقرير النهائي الخاص بالتجربة التي كلفوا بإجرائها من قبل محكمة ولاية زارلاند بمدينة زاربروكن. ويسعى الباحثون الآن لمعرفة كمية الحمض النووي التي تعلق بأظافر الشخص الخادش بأظافره لآخر وكمية الحمض النووي التي يمكن أن تعلق بأظافر شخص «لم يدخل في معركة مع الشخص المخدوش». وعن طبيعة وسائل الطب الشرعي يقول توماس ريبرت، الطبيب الشرعي بجامعة ماينس الألمانية: «نحن نعمل في أبحاثنا بشكل عملي قريب من الواقع ونجيب عن الأسئلة التي يطرحها علينا رجال القانون». غير أن هؤلاء الباحثين يتعاملون أكثر مع الأحياء أكثر منه مع الجثث وذلك خلافا لما تصوره المسلسلات البوليسية. فباحثو الطب الشرعي يحاولون على سبيل المثال معرفة كمية الحشيش التي يمكن أن تصل لدم المدخن السلبي وبوله، حيث يؤكد الكثير من الأشخاص الذين يعثر لديهم على نسبة عالية من المخدرات في الدم أن هذه النسبة وصلتهم بسبب مجالسة أصدقائهم المدخنين. وأجرى باحثو جامعة ماينس عددا من التجارب لمعرفة مدى صدق هؤلاء، حيث سافروا إلى هولندا مع 10 أشخاص متطوعين وجلسوا معهم في أحد المقاهي التي يدخن فيها الحشيش. وأوضح ريبرت أن: «الكثير من المعلومات يتم نقلها من كتاب تعليمي لآخر.. وكثيرا ما نسأل عن أدلة على هذه المعلومات فلا نجد شيئا من هذه البراهين.. لذلك فإن الأبحاث التي يقوم بها الزملاء في زارلاند أبحاث أساسية، فهناك جزء من الطب الشرعي يتطلب قدرة على كشف الحقائق المستترة لأنه ليس هناك شيء في دولة القانون أسوأ من أن يسجن شخص بظلم».