1- ورم حنجرة الرئيس البشير ؟ ذكرنا في مقال سابق ( بتاريخ الخميس 2 أغسطس 2012 ) ، بأنه قد تم اجراء عملية جراحية ناجحة لكحت ورم في حنجرة الرئيس البشير في الدوحة( الأربعاء 1 أغسطس 2012) ! ونفى وقتها المستشار الصحفي للرئيس البشير حدوث هذه العملية . ثم واصلنا بعدها الكتابة عن تطور ورم الحنجرة في خمس مقالات لاحقة لأهمية الموضوع ، وحق الشعب السوداني في معرفة الموقف الصحي للرئيس البشير، دون شماتة أو تشفي . ثم وبعد حوالي ثلاثة شهور من وقوع الحدث ، وفقط يوم الأحد 21 أكتوبر 2012 ، يعترف المستشار الصحفي للرئيس البشير باجراء الرئيس البشير لعملية في حنجرته في الدوحة في أغسطس 2012 . طيلة الفترة السابقة ، كانت صحة الرئيس البشير مستقرة ، ومن ثم عدم الحاجة لكشف سر العملية الجراحية . ولكن ، وكما ذكرنا سابقا ، انتكست حالته الصحية منذ يوم الثلاثاء 9 اكتوبر 2012 ، الأمر الذي منعه من السفر لكادقلي لمخاطبة الجلسة الختامية للملتقى التشاوري . تدهور حالة الرئيس البشير واختفائه المريب عن الأنظار ، أرغم مستشاره الصحفي للإعتراف بالعملية الجراحية في الدوحة ، رغم أنه أنكرها من قبل في أغسطس 2012 . نعرف أن الرئيس البشير مهجوس بأمر القبض ، الذي نغص عليه حياته وطرد النوم الهادئ من عينيه . لأنه يعرف أنه لا مناص من تفعيله ، طال الزمن أم قصر . ولا يمكن شطبه في أي حال من الأحوال ، كما أكدت الدكتورة دلاميني زوما رئيسة الإتحاد الأفريقي . ونعرف أن الرئيس البشير يعرف ، حق المعرفة ، أن المرشح الجمهوري رومني سوف يقبض عليه ويسلمه للمحاكمة في لاهاي ، إذا فاز في الإنتخابات الرئاسية . خصوصا وقد أكد في حملته الإنتخابية أن البشير سوف يلقى نفس مصير دكتاتور بنما السابق نوريجا ، الذي قبضت عليه ( 1989 ) وحدة كماندوز أمريكية في القصر الجمهوري في بنما وحملته للمحاكمة في الولاياتالمتحدة . ربما تكون حالة الرئيس البشير الصحية قد تدهورت مصادفة في يوم الثلاثاء 9 اكتوبر 2012 . رغم أن بعض المراقبين يؤكدون أن لهذه الإنتكاسة صلة بتفوق رومني على اوباما في استطلاعات الرأي ( بنقطة مئوية ونصف نقطة ) ، بعد المناظرة الأولى بينهما ( دنفر - الأربعاء 3 أكتوبر 2012 ) ؛ وموقف رومني العدائي والإقصائي ضد شخص الرئيس البشير. تشير بعض الدراسات الى أن اضطراب الحالة النفسية للمريض من توتر واكتئاب تؤثر على تطور الأورام سلبا ؟ ولكن ربما لا يكون هذا الإفتراض صحيحا، وتكون الإنتكاسة مصادفة ، ولا علاقة لها بمناظرة اوباما ورومني . والله أعلم وأنتم لا تعلمون . ربما تحسنت صحة الرئيس البشير لو فاز اوباما بالإنتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 ، والعكس صحيح لو فاز رومني كما سنرى لاحقا . وربما يكون الرئيس البشير قد سعد لأن المناظرة الثالثة والأخيرة بين اوباما ورومني ( الثلاثاء 23 أكتوبر 2012 ) قد أغفلت محن وإحن السودان ودارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ، وركزت على ايران وسوريا ومصر وليبيا وخرج منها اوباما متفوقا . وأكدت استطلاعات الرأي العام ( يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 2012 ) تفوق أوباما ( 47 % ) على رومني ( 40 % ) . مرة أخرى ربما لا يكون هناك أي رابط بين الأمرين ( صحة الرئيس البشير ونتيجة الإنتخابات الأمريكية ) . ولكن الأمر المعروف والموثق أن الرئيس البشير يتابع هذه الأنتخابات بشكل مرضي ووسواسي . ويتحتم على كل سوداني متابعة هذه الإنتخابات لأنها تؤثر بشكل مباشر وقوي حتى على بائع التبش في سوق الجمعة في كبكابية ، كما سنوضح لاحقا في هذه المقالة . 2 – الرئيس الإمبراطور ؟ ذكرنا في مقالة سابقة أن الدكتورة كوندليزا رايس قد أكدت عدم صدقية المسلمة التي رسخت في أذهان كثيرين من أن الولاياتالمتحدة لها ( سياسات خارجية ثابتة ) في كل الأمور التي تراعي مصالحها الإستراتيجية ، بصرف النظر عمن هو الرئيس ؟ تعترف كوندليزا بأن الترتار يقف عند الرئيس ، الذي يقرر في النهاية ما يريد ؛ وتدور الآلة الامريكية الجبارة لتنفيذ أوامره . فهو أكثر قوة من امبراطور . وضربت كوندليزا مثلأ بحرب العراق ، التي شنها الرئيس السابق بوش ، رغم أنها مدابرة للمصالح الإستراتيجية الأمريكية ، وضد قرارات مجلس الأمن الدولي . تكتسب معلومة كوندليزا أهمية قصوى بالنسبة لبلاد السودان ، لأن سياسة أوباما في السودان تختلف كليا عن سياسة غريمه رومني . 3- أوباما ورومني والبشير ؟ يعرف الجميع سياسة إدارة اوباما في السودان ، التي ستستمر دون تغيير في حال فوز أوباما في الإنتخابات المقبلة ( الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 ) . ترتكز سياسة أوباما على ( مبدأ القس ) ، الذي تم استعراضه سابقا ، والذي يدعو لضمان الإستقرار في دولة جنوب السودان ، كشرط أساسي وقبلي للتنمية والتقدم ! ويربطه بضمان الإستقرار في دولة الشمال . ولا يتأتي الإستقرار في الشمال إلا باستمرار الرئيس البشير في السلطة ، كونه ديكتاتورا في الداخل يطيعه الجميع ، ومطية يسهل ابتزازه بأمر القبض لينفذ الأجندة الأمريكية في دولتي السودان . أهم نتائج سياسة إدارة اوباما في السودان : + دعم الرئيس البشير شخصيا ونظامه ( حسب مبدأ القس ) ، + تجميد تفعيل أمر قبض الرئيس البشير ( الإستقرار يجب العدالة حسب مبدأ القس ) ، + انفصال جنوب السودان السلس ومصالحته مع الشمال ، + بروتوكولات أديس أبابا ( الخميس 27 سبتمبر 2012 ) لضمان الإستقرار في الدولتين ، + تهميش وتغييب المعارضة السياسية الشمالية لتقوية الرئيس البشير ، + تهميش وتغييب حركات دارفور الحاملة للسلاح ومحاربة حركة العدل والمساواة ، بعد المشاركة في اغتيال قائدها الدكتور خليل ابراهيم لتقوية الرئيس البشير ، + تهميش وتغييب الحركة الشعبية الشمالية بالضغط عليها لنبذ استعمال السلاح والإنخراط في حوار سياسي مع نظام البشير ، + تطبيع علاقات السودان مع جيرانه ، خصوصأ تشاد . ونعرف أن سياسة رومني في السودان مدابرة تماما لسياسة اوباما . يؤمن رومني بأن العدالة واحقاقها تمثل صمام الأمان والشرط القبلي للإستقرار ، والتي لن يكون هناك استقرار بدونها . ومن ثم فإن رومني يدعو للقبض على الرئيس البشير ( حتى لو استدعي الأمر ارسال فرقة كوماندوز للقصر الجمهوري في الخرطوم كما في حالة دكتاتور بنما ) ، ومحاكمته في لاهاي ليعم الإستقرار والسلام في ربوع دارفور والسودان ، ومن ثم في دولة جنوب السودان . نزيدكم كيل بعير ؟ كما ذكرنا في مقالة سابقة أصبح السفير ريتشارد ويليمسون ( المبعوث الخاص للرئيس بوش الإبن للسودان ، في نهايات فترة بوش الثانية ، المنتهية في يناير 2009 ) كبير مستشاري رومني للشئون الخارجية ، ومن المحتمل أن يتولى وزارة الخارجية الأمريكية ، إذا ما فاز رومني في الإنتخابات الرئاسية. قال السفير ويليمسون عن الرئيس البشير كلمات اختزلت مجلدات ! قال : ( في يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 ، سوف يكتشف الرئيس البشير ، كما ايران ، وجود شريف جديد في المدينة ) ! هل تتذكر الشريف والخائن في أفلام الكاوبوي الأمريكانية ؟ من هو الشريف ومن هو الخائن في فيلمنا هذا ، يا ترى ؟ موعدنا يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 لنعرف ؟ وحتى ذلك الموعد ، يمكنك أن تردد مع ود الأمين : أشوفك .. بكرة فى الموعد تصور .. روعة المشهد ! وداعا يا ظلام الهم على أبوابنا وعلى أبواب دارفور ما تعتب ! ومرحب يا رومني تعال ما تبتعد . . . قرب ! إذا فاز رومني في الإنتخابات في نوفمبر المقبل ، فإنه قد يطبق سياسة العصا الغليظة في التعامل مع شخص الرئيس البشير ، تماما كما تعامل بوش مع صدام والملا عمر الأفغاني ( حسب وعيد رومني ) . ومن ثم أهمية متابعة الإنتخابات الأمريكية ، لأن نتيجتها سوف تؤثر تأثيرا مباشرا حتى على راعي الغنم في ديار الكبابيش ؟ خصوصا واٍستطلاعات أخري للرأي ( يوم الأحد 21 أكتوبر 2012 ) أظهرت تقارب فرص فوز أوباما ( 50% ) مقابل رومني ( 49 % ) ، في التصويت الشعبي على مستوي الولاياتالمتحدة . وإن كانت النماذج الحسابية قد أظهرت تفوق أوباما ( 68% ) مقابل رومني ( 32% ) ، في التصويت حسب الكلية الإنتخابية . راجع تقرير النيويورك تايمز ( الأحد 21 أكتوبر 2012 ) المفصل عن نتائج النماذج الحسابية في التصويت حسب الكلية الإنتخابية على الرابط أدناه : http://fivethirtyeight.blogs.nytimes...lege-favorite/ ولكن ما هي الكلية الإنتخابية ؟ 4 – الكلية الإنتخابية ؟ لمن لا يعرف تعقيدات الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، نتطوع بدرس عصر ، لأهمية الموضوع وتأثيره على بلادنا، وبالأخص على شخص الرئيس البشير . ونبدأ فنقول أن الإنتخابات الرئاسية الأمريكية انتخابات غير مباشرة ، وتتم حسب نظام الكلية الإنتخابية ، وليس حسب نتيجة التصويت الشعبي ( صوت انتخابي لكل مواطن أمريكي ) لكافة مواطني الولاياتالمتحدة ، كما في انتخابات البرلمان في بريطانيا مثلا . نجد في النظام التشريعي للولايات المتحدةالأمريكية : + مجلس النواب وبه 435 عضو منتخب . + مجلس الشيوخ وبه 100 عضو منتخب ، بواقع عضوين من كل ولاية من ولايات أمريكا الخمسين . + مركز كولمبيا وبه 3 أعضاء ( منتخبون لغرض الإنتخابات الرئاسية الأمريكية فقط ) ومجموعهم ( 538 ) يمثل الكلية الإنتخابية ، ويطلق على هذا العدد اسم ( الناخبون العظماء ) . هؤلاء هم الذين سوف ينتخبون الرئيس الجديد في يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 ، وليس مجموع الشعب الأمريكي . ولضمان فوزه ، يتحتم على أوباما أو رومني الحصول على 270 صوت ناخب عظيم . تم تقسيم عدد 538 ناخب عظيم على ولايات الإتحاد الأمريكي الخمسين بالإضافة الى مركز كولمبيا على أساس عدد السكان في كل ولاية ، أو بالأحرى عدد المواطنين الناخبين المسجلين في كشوفات الإنتخاب ، بشرط أن لا تقل أي ولاية من الولايات الخمسين أو مركز كولمبيا عن 3 ناخبين عظماء . في المتوسط حوالي 300 ألف مواطن ناخب مسجل يمثلهم ناخب عظيم واحد . في يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012 ، يصوت الناخبون المسجلون في كل ولاية من الولايات الخمسين ومركز كولمبيا ( 71 مليون و300 ألف ناخب أمريكي مسجل على مستوى الإتحاد ) ، لواحد من المرشحين الرئاسيين . دعنا ناخذ كمثال ولاية كلفورنيا لتقريب الصورة . ولاية كلفورنيا بها حوالي 17 مليون و300 الف ناخب مسجل يحق لكل واحد منهم التصويت في الإنتخابات الرئاسية ، وتحتوي الولاية علي 58 ناخب عظيم . أفترض جدلا أن غالبية الناخبين المسجلين في كلفورنيا صوتوا لأوباما ( ولو بفارق صوت واحد من رومني ) . في هذه الحالة يفوز أوباما بجميع الناخبين العظماء ( 58 ناخب عظيم ) في ولاية كلفورنيا ويصير رصيده 58 في الكلية الإنتخابية . وهكذا في بقية الولايات ال 49 ومركز كولمبيا . وفي المحصلة النهائية يتحتم على أوباما حصد 270 ناخب عظيم ( على نطاق الإتحاد ) على الأقل للفوز برئاسة أمريكا . النماذج الحسابية المذكورة أعلاه أعطت أوباما 366 ناخب عظيم ( 68% ) مقابل 172 ناخب عظيم لرومني ( 32% ) ؟ الرئيس البشير مبسوط 24 قيراط من النماذج الحسابية ؟ 5 – أمنيتان ؟ نتمنى للرئيس البشير عاجل الشفاء ، ونتمنى لرومني الفوز في الإنتخابات . رغم أن وعود المرشحين شئ ، وتفعيلها فيما بعد الفوز شئ أخر مختلف جدأ ؟ [email protected]