تونس - طالب قيادي بارز في حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس راشد الغنوشي بالتنحي عن رئاسة الحركة والابتعاد عن العمل السياسي وأن يكتفي بالتفرغ إلى الجانب الدعوي. وكشف عضو مجلس الشورى التابع للنهضة الحبيب اللوز في مقابلة مع صحيفة "المغرب" أن الحركة يشقها تياريان "إيجابيان"، تيار دعوي يركز على الجوانب العقائدية والروحية وتيار سياسي يركز على دور الحركة في إدارة الشأن العام. وحصل "ميدل إيست أونلاين" على معلومات تؤكد أن تيارا من الشباب داخل الحركة يتبنى "البراغماتية السياسية" دخل في خلاف حاد مع "صقور النهضة" ذوي المرجعية السلفية وفي مقدمتهم راشد الغنوشي مطالبا بضرورة إعطاء الأولوية ل"العمل السياسي" حتى تتمكن الحركة من "النجاح" في إدارة الشأن العام. وأكدت قيادات نهضوية أن المؤتمر الاستثنائي القادم "سيبت في الفصل بين الحزب السياسي والحركة الدعوية". ويرجع المراقبون دعوة الغنوشي بالتنحي عن رئاسة النهضة كحزب سياسي إلى الفشل الذريع الذي منيت به الحكومة التي تأتمر فعليا بأوامره حتى أن رئيس الحكومة حمادي الجبالي عجز عن عزل بعض الوزراء الذين يحضون بدعم "الشيخ" رغم أنهم فشلوا في مهامهم وفي مقدمتهم وزير الخارجية رفيق عبد السلام صهر الغنوشي. وتسربت معلومات تشير إلى أن حمادي الجبالي "تذمر" من "إستقواء" بعض الوزراء المدعومين دعما مطلقا من الغنوشي حتى أنهم باتوا يتلقون تعليماتهم من "الشيخ" الذي يملي عليهم ما يجب أن يقوموا به وما لا يجب حتى أن وزير الخارجية هدد الجبالي بأنه "قادر على عزله من رئاسة الحكومة". وتحمل القيادات النهضوية الشابة التي "تمتهن السياسة" ولا تعير اهتماما كبيرا للأبعاد العقائدية "الشيخ" مسؤولية عزلة النهضة عن المشهد السياسي ما دفع الغنوشي إلى محاولة فتح قنوات حوار مع الأحزاب التي يصفها ب"العلمانية" وفي مقدمتها الحزب الجمهوري الذي يتزعمه أحمد نجيب الشابي. وقال الحبيب اللوز إن قيادات الحركة تطالب ب"فك الارتباط بين الحزب السياسي والحركة الدعوية" مطالبا راشد الغنوشي بالتنحي عن رئاسة الحركة والتفرغ إلى الجانب الدعوي على أن يترأس الحركة أحد القيادات الشابة التي تمتلك ثقافة سياسية وخبرة ميدانية. واضاف اللوز "لقد دعوت الشيخ راشد الغنوشي كم من مرة إلى أن يكون رئيس الحركة الدعوية وأن يكون للحزب السياسي رئيس آخر". وهذه أول مرة يتحدث فيها قيادي نهضوي عن الخلافات التي بدأت تعصف بحركة النهضة منذ تشكيل الحكومة إثر فوزها في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 التي فازت فيها بنسبة 32 في المائة. كما أنها أول مرة "يتجرأ" فيها قيادي نهضوي مطالبا راشد الغنوشي بالابتعاد عن العمل السياسي و"الاعتكاف" للجانب الروحي. وقال اللوز الذي يعد من أبرز صقور النهضة إنه في صورة فصل "الحزب السياسي" عن "الحركة الدعوية"، فإن النهضة ستواصل نضالها من أجل مشروعها الإسلامي ولكن ليس من خلال الاسلمة بالقوة والفرض لتغيير المجتمع عن طريق الدولة والسلطة". وتأتي تصريحات اللوز وسط أنباء يتداولها الفاعلون السياسيون حول بوادر انشقاق حاد وسط حركة النهضة التي يتحكم في شرايينها راشد الغنوشي. وخلال الأسابيع الماضية اهتزت صورة راشد الغنوشي لدى الفاعلين السياسيين كما لدى الرأي العام التونسي بعد أن تسرب شريط فيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي ظهر فيه خلال اجتماع بأمراء الجماعات السلفية يقسم التونسيين إلى "إسلاميين وعلمانيين" ويدعو السلفيين إلى التغلغل في مفاصل الدولة والمجتمع وإزاحة العلمانيين.