عرفت أعداد اللاجئين الماليين إلى الأراضي الموريتانية ارتفاعاً مذهلاً خلال الأسابيع الأخيرة، وسجلت رقماً فاق 10 آلاف لاجئ خلال النصف الأخير من شهر يناير الجاري. وحسب المعطيات الرسمية لدى الجهات الحكومية الموريتانية في مدينة فصالة قرب الحدود المالية، فإن عمليات القصف التي قام بها الطيران الفرنسي في مدن ليره وتمبكتو والقرى المجاورة لهما أدى لتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين خوفاً على أنفسهم من نيران الطائرات. كما أن عدد المنتمين إلى القبائل الطارقية والعربية هربت من المنطقة، خوفاً من عمليات انتقام قد يقوم بها الجيش المالي بها في حال سيطرته على المنطقة. وقال محمد وهو أحد الشباب الفارين من قرية "أكني" 35 كلم جنوب مدينة تمبكتو في حديث ل"العربية.نت" من مدينة فصالة (1400 كلم شرقي العاصمة نواكشوط) "قريتنا صغيرة جدا، ومع ذلك تعرضت لقصف شديد من قبل الطيران الفرنسي، كانوا يصبون النار علينا صبا". وأضاف "لقد هرب كل السكان حفاظاً على أرواحهم، لقد تركنا أمتعتنا وحيواناتنا ولا ندري ما وقع لها بعدنا، ولم يكن من خيار أمامنا إلا ذاك، لا يمكنكم أن تتصوروا حجم القصف وقوته التدميرية". أما المسن عبدالله، فأكد هروبه مع عائلته خوفاً من التعرض للانتقام من قبل الجيش المالي، وقال: "كنت شاهداً على ما حصل خلال تسعينيات القرن الماضي، لقد أبيد الآلاف على أساس اللون والعرق، والآن لم يكن بإمكاننا أن ننتظر حتى لا تتكرر التجربة، خصوصا أننا سمعنا أن الجيش المالي أصبح قريبا من مدننا". وينتقد عبدالله - وهو في عقده الثامن - تجاهل العالم لما يقوم به الجيش المالي، قائلا: "هل تابعتم ما قام به في قرية ادجابيلي، لقد نشرها الإعلام الفرنسي رغم دعم فرنسا للماليين لكن لم يكن بإمكانه تجاهل ما حدث من قتل على أساس العرق واللون، فحوالي 20 شخصاً قتلوا بدم بادر وألقيت جثثهم في بئر، وتم إحراقها لإخفاء الجريمة". طوابير للحصول على صفة "لاجئ" ويمر اللاجئون الأزواديون بإجراءات روتينية قبل الحصول على صفة "لاجئ" من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، تبدأ هذه الإجراءات بالوصول إلى نقطة على الحدود الموريتانية المالية، حيث تتولى وحدة من مكافحة الإرهاب في الجيش الموريتاني تفتيش اللاجئين ومصادرة ما معهم من الأسلحة، وتسجليهم على لوائح لدى الجيش. أما الخطوة الثانية في طريق الماليين للحصول على صفة "لاجئ" فهي التسجيل لدى الشرطة الموريتانية في مقر مفوضية الشرطة في فصالة – وهي أقرب مدينة موريتانية إلى الحدود المالية – وتكون الخطوة الأخيرة هي التسجيل لدى لجنة مشتركة بين المنظمات الإغاثية والمفوضية العليا اللاجئين يحصل اللاجئون بعدها على بطاقات "صفراء" تخولهم الحصول على النقل إلى مخيم آخر يبعد عن فصالة حوالي 45 كلم. ويشكل "مخيم امبره" قرب مدينة باسكنو شرقي موريتانيا المحطة الأخيرة للاجئين الماليين على الأراضي الموريتانية، وتشرف المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة على هذا المخيم، فيما يتولى الدرك الموريتاني تأمينه. وتواجه المنظمات العاملة في المجال الإغاثي تحديات متزايدة بفعل التدفق الكبير للاجئين خلال الأسابيع الأخيرة، بفعل الفرار من العمليات العسكرية التي يعرفها الشمال المالي. كما أن الأوضاع الإنسانية للاجئين تزداد سوءا يوما بعد يوم بفعل تزايد أعدادهم، وانتشار الأمراض المرتبطة بموسم الشتاء بين الأطفال والمسنين، رغم الإجراءات الصحية التي تقوم الجهات الحكومية الموريتانية ومنظمة أطباء بلا حدود.