قام مئات من سكان مدينة تمبكتو، صباح أمس، بنهب متاجر يملكها العرب والطوارق في أول «عملية انتقامية» تشهدها المدينة التي كانت تخضع لسيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة، والتي ينتمي أغلب قادتها ومقاتليها إلى العرب والطوارق. وأكد مصدر محلي في منطقة قريبة من تمبكتو في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن عشرات الأشخاص قاموا بمهاجمة منازل وأسواق تابعة للعرب والطوارق، مؤكدا أن النهب استهدف السوق الجديدة المعروفة محليا باسم «يوغوتاو»، التي تقع وسط المدينة، والمعروف بأنها مملوكة لتجار من العرب البرابيش من أهل المدينة. وأضاف المصدر المحلي، الذي فضل حجب هويته، أن «المهاجمين قاموا بتحطيم منازل العرب والطوارق في عدد من أحياء تمبكتو التي كانت تسكنها أغلبية من العرب والطوارق»، غير أن اندلاع الحرب جعلها خالية بشكل تام من القوميتين. ومن جهتها، نددت الحركة العربية الأزوادية، التي يتحدر أغلب الناشطين فيها من عرب تمبكتو، بما قالت: إنه «عمليات النهب الممنهجة لمئات المنازل والأسواق المملوكة للطوارق والعرب في غاو وتمبكتو ورهاروس، والتي جرت تحت إشراف الجيش المالي». كما نددت الحركة ب«التوقيف التعسفي والتصفية التي يقوم بها الجيش المالي في حق المدنيين الأبرياء من العرب والطوارق خلال هجومه على أزواد»، إضافة إلى «السرقة والحرق الذي تعرضت لها آلاف المخطوطات في مركز أحمد بابا في تمبكتو». وأضافت الحركة في بيان أصدرته من نواكشوط أمس، أنه «نظرا لهذه الأحداث فإننا ندعو فرنسا التي من المفروض أنها بلد قانون، إلى تحمل مسؤولياتها، وتوقف على الفور هذه الأعمال الإجرامية والانتقامية التي قد تكون سببا في حرب أهلية»، معبرة عن «استنكارها صمت المجموعة الدولية والمنظمات الدولية المختصة إزاء هذه القضايا». وكانت الأسر العربية في تمبكتو قد فرت في اتجاه موريتانيا منذ بداية العملية العسكرية الفرنسية، وقد حاولت هذه الأسر نقل ما استطاعت من متاع، وبضائع غير أن الكثير من ممتلكاتها بقي في محلات وسط المدينة ومنازل في بعض الأحياء هي التي استهدفها النهب. وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن حالة من القلق كانت تسود المدينة منذ أن غادرها مقاتلو «أنصار الدين»، وقبيل وصول الجيش المالي والقوات الفرنسية إليها، حيث كان ينذر الوضع بالانفجار في أي لحظة مما أدى بالعرب والطوارق إلى الفرار من المدينة باتجاه موريتانيا والجزائر، مع قلة فضلت اللجوء إلى البوادي. وتسبب نزوح التجار العرب والطوارق في نقص حاد للمواد الغذائية الشحيحة أصلا، إضافة إلى انقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي والماء عن تمبكتو منذ تخلي الحركات الإسلامية عن إدارة هذه الخدمات، خاصة بعد قصف مخازن الوقود التابعة لهذه الحركات. وقالت وسائل الإعلام الفرنسية إن حشدا من المهاجمين يتكون من أشخاص في غاية الفقر، حسب ما ظهر عليهم، قاموا بنهب مخازن أكدوا أنها تعود ل«عرب» و«جزائريين» و«موريتانيين» يتهمونهم بأنهم ساندوا الإسلاميين المتحالفين مع تنظيم القاعدة؛ فيما نفى المصدر المحلي أن يكون في تمبكتو أي محلات تابعة لموريتانيين أو جزائريين، مؤكدا أن أغلب الأسواق في المدينة يملكها العرب البرابيش والطوارق. وأضافت وسائل الإعلام ذاتها أنه تم العثور في بعض المحلات على ذخائر وأجهزة راديو عسكرية غداة سيطرة الجنود الفرنسيين والماليين على تمبكتو؛ لكن القسم الكبير من السكان كان منشغلا بالاستيلاء على كل ما عثروا عليه من تلفزيونات وأغذية وقطع أثاث.