تونس - اعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس الاثنين فشل مبادرته لتشكيل حكومة تكنوقراط لا تضم ممثلي احزاب، وذلك لاخراج بلاده من الأزمة السياسية التي أججها اغتيال المعارض شكري بلعيد في السادس من الجاري. وقال الجبالي في مؤتمر صحافي "ليس هناك وفاق كاف بين الاحزاب السياسية حول المبادرة كما قدمت (...) ولذلك ساذهب الى الرئيس 'المنصف المرزوقي ' غدا لننظر في الخطوات القادمة". ولم يوضح ما اذا كان سيقدم استقالته ام لا في ضوء تهديده بتقديم استقالته في حال فشلت مبادرته.غير أن الجبالي أشار إلى أنه لاحظ أن "المفاوضات قادت إلى تطور مهم نحو البحث عن وفاق حول الخروج بحل آخر" غير مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط. ومضى يقول بمرارة "حرصا مني على أن أكون صريحا مع شعبنا لن أخلط بين مسار مبادرتي بتشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة ومسار حكومة سياسية". وكان الجبالي هدد باستقالته في حال فشل مبادرته، غير أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي طلب منه عدم الاستقالة تقديرا للظروف الصعبة التي تمر بها الحركة الحاكمة. وفي رد سريع على إعلان الجبالي حمل سياسيون ومحللون حركة النهضة فشل توصل المفاوضات إلى وفاق على مبادرة الجبالي مؤكدين أن النهضة تسعى إلى "فرض حكومة سياسية" قد تقدم من أجلها تنازلات من شأنها تحقيق الحد الأدنى من الوفاق بينها وبين الأحزاب السياسية المعارضة. في غضون ذلك أعرب رئيس حركة النهضة الحاكمة راشد الغنوشي عن استعداد الحركة لقبول مطلب المعارضة بتحييد وزارات السيادة في أول خطوة من نوعها تؤكد تنازل الحركة على تمسكها بحقيبتي وزارة الداخلية التي يتولاها القيادي في النهضة علي لعريض ووزارة الخارجية التي يتولاها صهر الغنوشي رفيق عبد السلام. وأكد الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري عصام الشابي الاثنين ان راشد الغنوشي أكد للأمينة العامة للحزب مية الجريبي أن "تحييد وزارات السيادة أمر ممكن بما في ذلك وزارة الداخلية". وأضاف الشابي أن رئيس حركة النهضة أبدى استعداده عن تنازله لتحييد وزارات السيادة الذي يعد أحد أهم مطالب المعارضة خلال اجتماع رئيس الحكومة حمادي الجبالي بممثلي الأحزاب للتشاور حول مبادرته يوم السبت. ويأتي تنازل الغنوشي عن التمسك بوزارتي الداخلية والخارجية وسط ضغوطات كبيرة تمارسها أحزاب المعارضة التي تعكف على التفاوض بشأن مبادرة حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة على حركة النهضة التي تبدو مهزوزة بعد التأييد الواسع الذي لقيته مبادرة أمينها العام. كما يأتي هذا التنازل في سياق تلويح حمادي الجبالي بالاستقالة من رئاسة الحكومة في حال إمعان الغنوشي على رفضه تشكيل حكومة تكنوقراط توكل إليها مهمة إخراج البلاد من الأزمة التي تتخبط فيها بعد أن فشل وزراء النهضة في معالجة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وشدد الشابي على أن "أي حكومة مقبلة لا تكون فيها وزارات السيادة محيدة هي حكومة لا تستجيب لمتطلبات الوضع ولا يمكن أن تقود ما تبقى من هذه المرحلة بنجاح". وقالت مصادر قيادية في حركة النهضة محسوبة على التيار الليبرالي الذي يقوده الأمين العام للحركة حمادي الجبالي أن رئيس الحركة راشد الغنوشي أجرى لقاءا مع الجبالي و"رجاه" ألا يقدم استقالته من الحكومة ومن الحركة "لأن النهضة تمر بوضع دقيق وحرج يستوجب الصبر على تحمل الضغوطات ولا تتحمل الانشقاق" الذي بات يهدد الحركة التي كثيرا ما افتخرت بوحدتها وتمسك بنائها الداخلي. وأكدت نفس المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها أن "الغنوشي تعهد بأن يبذل كل جهوده من أجل التوصل إلى حل توافقي بين مبادرة الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط ومطلب النهضة بتشكيل حكومة كفاءات سياسية". وكشفت المصادر أن "الجبالي أبدى امتعاضه من رفض الحركة لمبادرته وللضغوطات التي تمارسها ضده في الوقت الذي ساندتها أحزاب المعارضة" مؤكدة أن الجبالي أكد للغنوشي إصراره على تقديم استقالته ما لم تقدم النهضة عن جملة من التنازلات وفي مقدمتها تحييد وزارات السيادة". واستبعد راشد الغنوشي في تصريحات الاثنين استقالة حمادي الجبالي من رئاسة الحكومة ومن الأمانة العامة لحركة النهضة. وقال في هذا السياق "لا أتوقع أن يستقيل الأخ حمادي الجبالي، نحن نتوقع أنه سيستمر لأن هذا قرار الحركة". وأرجع سياسيون تصريحات الغنوشي إلى"نوع من الاتفاق" تعهدت فيه النهضة بمراجعة موقفها الرافض لمبادرة الجبالي باتجاه "حكومة تكنوقراط مطعمة بكفاءات سياسية" وهو توجه تلتقي فيه مع عدد من أحزاب المعارضة.