* "نحن ونحن الشرف الباذخ دابي الكر شباب النيل !" * المستمع لأغاني الحماسة السودانية والمفخرة التأريخية سيوقن بديهياً بأننا شعب له حجمه الذي قد لا يختلف عليه اثنان "سودانيان" -صدقني ماااا اختلفنا أيها القاريء العزيز- ولكن ما بات يحيرني في هذه السانحة هول إحساسنا بالمفاجئة البحتة كلما تم شعور غيرنا من شعوب العالم العربي - على سبيل المثال لا الحصر - باستحقاقنا للحصول على لقب ما او جائزة ما او كلما أشار أحدهم إلينا بالبنان مادحا إيانا وشاكرا حسن تصرفنا الأخلاقي !. * نتحدث كثيراً عن علماء السودان وكيف أن أحدهم يمكن له أن يغير من ملامح العالم الصحية والأكاديمية والعلمية بمجرد مشاركته بالرأي الشخصي كإنسان سوداني له من القيمة التعليمية - قديمة كانت أم حديثة - الشيء الكثير .. ثم وحين يشارك باختراع ما مثلما فعل أحمد الساعة - أحمد محمد الحسن سابقاً - نقيم الدنيا ولا نجد لها مكانا للجلوس !. * نحن ندرك تماما أن هذه "البروباقاندا" الإعلامية المحيطة به صاحبته بعد اتهام مدرسته له بصنع قنبلة ما لتصاحبه بعدها التغطية الإعلامية المهولة إلى لحظتنا هذه ! .. على الرغم من إدراكنا أيضا بأن كل ذلك لم يكن أبداً بسبب اختراعه لتلك الساعة او ظناً من الشعب الأمريكي بأنه قام باختراع "آلة زمنية " مثلا !. * سأتفق مع الحقيقة القائلة بذكاء هذا الطفل الذي يخطو بكل ثقة إلى عالم الشباب الواعد سأقول باستحقاقه كل تلك الاحتفاليات عن جدارة ولكن مع إبقاء سؤالي "الاستنكاري" قائما "نحن كسودانيين مخلوعين في شنو؟!" ، هو لم يكن ممثلاً للسودان حين اخترع الساعة وأمريكا لم تقم بتكريمه كطفل سوداني بل كطفل أمريكي مسلم أولاً وأخيراً دعمته المنظمات الحقوقية إعلاميا لايصال الظلم الواقع على طفل أمريكي لمجرد اشتباهه بالإرهاب نظرا لخلفيته الدينية ومنها بدرت محاولة التجميل المصاحب لوجه العنصرية البغيض والمتبع ضد المسلمين أحايين كثيرة منذ الحادي عشر من سبتمبر العام 2001 داخل دولة العدالة والمساواة الإجتماعية أو هكذا يقال..!! * نعود لأفعالنا "الخلعنجية" آنفة الذكر .. فقد بالغنا بإظهار الفرح قبل عدة أعوام حين قام راع سوداني بعكس صورة مشرفة عن الأمانة السودانية في إحدى صحارى المملكة العربية السعودية حيث شاركنا في تسليط الأضواء على تاريخنا القديم المتجدد بأخلاقياته عبر وسائل التواصل الإجتماعي وكأننا نحاول اثبات شيء ما لشعوب العالم وهو أننا - والعهدة على الراوي - الشعب الأوحد الذي توارث مخافة الله في حقوق الغير أبا عن جد !!. * ما الذي دفع بي لتذكر هذه المفخرة الوطنية المتوارثة منذ القدم لتتمثل للقاريء الكريم على هيئة "دهشوشة" متجددة إذا؟! سأقول بأن الدافع اللحظي هو ما يقوم به المجتمع السوداني الممتد عبر "حي الفيسبوكاب" مربع "القروبات" من "المهاتاة" الخلع المتجددة" متمثلة في "مشاركة شباب سودانيين"..!! * في برنامج تلفزيوني يدعى The Voice أو الصوت وهو برنامج يحاول استكشاف الأصوات المميزة في عالمنا العربي ومن ثم تقديمها للأضواء أسبوعيا وحتى لحظة اختيار الفائز منها لنيل اللقب المستحق. أين تكمن تصاعد أدخنة الدهشة هنا؟ لا أجد سببا واحدا يبرر "حجم خلعتنا" بدخول شاب مثل أمجد شاكر أو محمد الطيب - ومن قبلهم نايل وسيأتي من بعدهم الكثير - ومشاركتهم في البرنامج لتمثيل السودان طالما استحقوا فعلا المشاركة عن جدارة ونيل استحسان الحكام ! * هم شباب سوداني يمتلك من الأصوات الجميلة ما قد يمتلكه اي إنسان آخر ولكننا بتنا كمن يدرك ولو متأخرا أن الأضواء العربية كان ينبغي أن يتم تسليطها أحيانا على السودان لأنه شئنا أم أبينا يتبع للعالم العربي ثم - وبعد ما تم المراد - تعاملنا مع هذا الموضوع "بعدم تصديق" مبالغ في تقبله بيننا كشعب !. ما الغريب في اختيار هؤلاء الشباب لتمثيل وطنهم إذا؟ لا شيء ! وما عدت أعلم لماذا نتحدث كثيرا عن عظيم هويتنا ثم نناقض هذه المفخرة بمبالغتنا في الدهشة على حين استحسان الغير لهذه الهوية السودانية. * خلاصة ما توصلت إليه بعد ربع قرن "ونيف نيفين كدة" قضيتهم حاملة الجواز الأخضر- والحمدلله رب العالمين - أن : * - الإنسان الذي يثق في قدراته لن يتحدث عنها كثيرا بل سيدفع بها للتحدث عن نفسها بأفعاله !. * - إضافة إلى أن نفس ذلك الإنسان الواثق من نفسه لا يجب أن ينتظر الإطراء من أحد آخر كيما يشعره بالرضا عن نفسه !. * - وثالثا وأخيرا أعتقد فعلا أن نفس ذلك الإنسان - يحليله بيكون اتشرق وأنا ماسكة في سيرته من قبيل ! - لو وجد إطراء من الغير وسمع مدحا يعظم من شأنه فإنه لا يجب أن يصاب بهستيريا "الخلعة الشديدة" لما في ذلك من تناقض مع ثقته في استحقاقه المدح والتقدير !. * ولا يجب عليه أيضا التعامل مع الكلمة الطيبة في حق أخلاقه ونجاحه وتميزه وحتى هويته السودانية "كمستجد النعمة" يبالغ في اظهار تلك النعمة أمام الملأ كي يشار اليه بالبنان ! وإلا فإنه فعلا سيبدو كمن يقول للعامة - وبكل ثقة- "بالجد؟!! تفتكر انا بستاهل أترشح وأفوز؟ بستحق يشكروني يعني؟!". * طبعا أيها الشاب السوداني الذكي تستحق المدح وأكيد تستحقين الشكر أيتها الشابة السودانية المبدعة نحن فقط نحتاج بذل مجهود أكبر في اقناع أنفسنا أولا بذلك ولن نحتاج بعدها لإثبات استحقاق وطن كالسودان لأي تصفيق من الغير ليشعر السوداني منا وفينا "بعظمة وشان كبير" !. وربما أقول ربما حينها فقط ستنبع أغاني حماستنا من معين جار لواقع معاش حاليا بدلا عن اضطرارنا اللجوء إلى بئر ماضينا الراكد وما حواه من ورق مغسول تاريخيا وأصوات أشباح كانت تتغنى بحضارة تحاول ألا تندثر".