بيان رسمي سعودي بشأن حادث طائرة الرئيس الإيراني    عقار يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم "امتحان الشهادة السودانية"    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    إنجاز قياسي.. مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي للمرة الرابعة توالياً    عائشة الماجدي: نشطاء القحاتة أشباه الرجال بمرروا في أجندتهم في شهادة الغالي محمد صديق    بسبب إحاطة عاجلة عن رئيس إيران.. بايدن يقطع إجازته    ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الشيخ مدني يكت ل(الصدى)
نشر في الصدى يوم 03 - 05 - 2016


دونكم الصفر أو الصفر ، فاختاروا ...
القمة تحتاج لملياري جنيه شهرياً ودخل المباريات في موسم بحاله يكفي لشهر واحد
الوالي والأرباب والكاردينال والبرير تصدوا لردم الهوة الكبيرة بين الدخل والمنصرف بأريحية من الصعب استمرارها
مدخل أول : لأول مرة في حياتي وعمري الذي بلغ ثلاثة أرباع قرن ، أجد نفسي مدين بإعتذار معلن لكل من إستمع لي ، أو قرأ لي ، أو نقل له عني تفاؤلي المتواصل عن مستقبل الكرة السودانية ... وطموحي المتجدد المتكرر كل موسم بأن أحد أنديتنا القيادية سيعتلي منصات التتويج في ذلك الموسم ... وينتهي كل موسم وموسم لنجد الفرق الوحيد من موسم لآخر ، هو هل الخيبة في بداية الطريق ، وسط الطريق أم قرب النهاية ... لنبدأ موسماً جديداً نسير فيه على ذات درب الخيبة ، وكأننا معصوبي العيون ... وبديلاً لخبرات متراكمة تنضج بها تجربتنا وننافس ، نرى تكراراً لتجربة واحدة محدودة تقود لذات الفشل المتكرر ... فنحن شعب يتحدث كثيراً عن نفخ القربة المقدودة وساقية جحا كجزء ، من ثقافتنا ...
مدخل ثان : لقد كان هناك بصيص أمل في الإصلاح حتى نهاية الموسم الماضي ، وذلك لأن ظروف الأندية ، والطريقة التي تدار بها الأندية ، من النواحي المالية والإدارية والفنية كان من الممكن تدارك الخلل فيها وإستعدالها وتقويمها وتوجيهها نحو الطريق الصحيح ... ولترتيب محاور الفشل نبدأ بالمال ، فالإدارة ، ثم المحور الفنّي ، وهو ترتيب مقصود لأن المحور الأول وهو المال سيكون العنصر الرئيسي في الإنهيار الكامل لفريقي القمة ... وسأتناول ، إن شاء الله ، المحاور الثلاثة ، كل على حدة ...
أولاً : محور المال : العلّة : في السنوات الأخيرة إرتفع سقف المصروفات بالأندية إرتفاعاً غير موضوعي ، وغير محسوب النتائج ، وغير موظف توظيفاً يؤدي لنجاحات أو نتائج تتناسب أو تعادل صرفه ... قبل فترة كنت قد كتبت مقالاً عن تمويل الأندية والصرف عليها ، وأثبت بالإحصائيات الفعلية الدقيقة أن تمويل أي من الناديين القياديين كتسيير فقط ، بدون تسجيلات ، يحتاج لمبلغ يتجاوز الإثنين مليون جنيهاً شهرياً (لإزالة أي لبس : إثنين مليار بالقديم) ... فإذا علمنا أن دخل أي من الناديين من دخل كل المباريات المحلية في الموسم ، ودخل المباريات الخارجية ، وحقوق البث التلفزيوني ، والرعاية والإعلان ، والإشتراكات والتبرعات ، لا تتجاوز مجتمعةً إثنين مليون ونصف جنيهاً في كل الموسم ... وهو ما يعادل تسيير شهر ونصف على الأكثر .. وهذا يعني أن مجلس الإدارة مطالب بتغطية عجز مالي شهري يعادل مليون ونصف جنيهاً ... تصدّى في الناديين الكبيرين الإخوة جمال الوالي ، صلاح أحمد إدريس ، الأمين البرير والآن أشرف سيد أحمد الكاردينال لمهمة ردم هذه الهوّة المتزايدة إتساعاً بكل أريحية وشجاعة ، دون من أو أذى ... ولكن العقل والتفكير المتواضع يقول : لا يمكن لهذه المعادلة المعتمدة على الأريحية الفردية أن تستمر ، لأنها ببساطة شديدة تمثّل إستنزاف موارد شخصية غير مستردة ... واليوم أستغرب كثيراً لكل الآلية الإعلامية المكثفة التي تهاجم الأخ أسامة ونسي وزملاءه الذين تصدّوا لهذه المهمة منطلقين من صدقهم ورغبتهم الصادقة في التصدّي لمسئولية كانوا يعتقدون أنها مسئولية مقدور عليها ... ولكن الواقع خذلهم تماماّ ... ومصدر إستغرابي للحملة المطالبة برحيل المجلس المعيّن اليوم قبل الغد ، أن هؤلاء المطالبين لا يدرون أنه لا يوجد الآن بديل جاهز يمكن أن يتولّى هذه المسئولية بصيغتها الراهنة ... كل الحديث عن الجمعية العمومية والديمقراطية جميل جداّ ... ولكن الترشيح لمنصب الرئاسة هو مربط الفرس ... أرجو أن نسأل أي متصدّي لرئاسة المريخ أو الهلال سؤالين : كم من الزمن ينوي التضحية بالعمل من أجل النادي ؟ والسؤال الثاني : كم من ماله الخاص ينوي هبته للنادي ؟ ... وعند إجابته على السؤالين ، نقوم بعملية حسابية بسيطة : أضرب عدد الشهور التي حددها لقيادة النادي في عجز النادي الشهري ، مليون ونصف جنيهاً ، فإذا تطابق حاصل الضرب مع المبلغ الذي أعلن أنه سيرصده للنادي ، أبقوا على هذا الشخص عشرة وعضّوا عليه بكل النواجز ... جمال الوالي مريخابي ، لا يشك أحد في ذلك ... قدم للمريخ الكثير ، لا يختلف إثنان على ذلك ... لكن جمال ، يعلم أكثر من غيره ، أن إستمراره بذات المنهج الذي يعتمد على قيادة الفرد ، وتمويل الفرد هو طريق قصير قصير قصير ... وحتى الهلال الذي ينعم الآن بأيادي أشرف الكاردينال البيضاء ، فمصير أشرف لن يختلف كثيراّ عن مصير جمال ، فالمال الشخصي الخاص له حدود وسقف ، والمال العام إذا لم يكن متجدداّ ومتناسباً مع الصرف ، تبقى مساهمته في الحلول ضئيلة ... ولعل مما يزيد من معاناة الذين يتصدّون للعمل بكل هذه التضحية أنهم يجدون من يسئ إليهم ، وقد يشتمهم البعض مباشرة ، وهذه هي المعادلة غير المفهومة إطلاقاً على الأقل على مستوى أسرهم ... وما أقوله الآن ليس مجرد ناقوس للخطر أقرعه ، وإنما هو صيحة داوية لنفيق من سبات عميق بدأ يخدّرنا جميعاً ... فالنتيجة الحتمية ستكون توقف قطار النشاط ما دمنا نؤمن بمبدأ "أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه" ، وكيف لا يتوقف ونحن لا نملك حق الأجير؟ ... ولننسى حكاية النادي غني برجاله ... ففي الأيام الفائتة إحتفينا بنفرة في المريخ ، تنادينا جميعاً ، تباهينا بأن النفرة وفّرت ما يقارب نصف المليون ... وبعملية حسابية بسيطة نقول أن الوضع المالي يحتاج لأكثر من خمسة وعشرين نفرة في الموسم الواحد قياساً باحتياجات النادي ... هل هذا ممكن؟ ... فإذا لم نتدارك الأمر فالصفر الكبير ينتظرنا في النتائج والمستوى ... ونصبح أمام خيارين لا ثالث لهما : إما القناعة بالصفر الذي يصل حالنا إليه حتمياً والبقاء فيه ، أو إعتبار الصفر بداية نؤسس عليها لنهضة جديدة ونستعجله بدلاً عن الإنتظار ...
الحل : لعل أضعف حلقات العمل الرياضي عندنا هي اللا مبالاة في التعامل مع المال ... لا مؤسسية ، لا ترشيد صرف ، لا قيود للتصرف في حدود الإمكانات المتاحة ... ومن حسن الطالع أن الحل بسيط ومتاح ، ولا يحتاج لمجهود جبار أو عبقرية ... وهو حل من خلال محورين : الأول الصرف والثاني الإيرادات ... أما الحل بالنسبة للمحور الأول فيتمثّل في الإلتزام الجاد الصارم بشروط الفيفا المالية لترخيص الأندية ... وأهم ملامح هذه الشروط :
‌أ. تعيين كوادر مالية وحسابية مؤهلة ومتفرغة .
‌ب. إعداد ميزانية سنوية مراجعة بواسطة مراجع قانوني ...
‌ج. يكون الصرف في حدود دخل النادي ، ولا يحق لأي نادي المشاركة في المنافسات الخارجية إذا كانت عليه ديون أو متأخرات حقوق لاعبين ، أو جهاز فنّي أو عاملين في النادي ، وعلى النادي أن يثبت قبل المنافسة أنه مسدّد لكل إلتزاماته المالية لكل هؤلاء ، أو يقدّم كتابة ما يثبت أنه توصل لتسوية مرضية مع الطرف الآخر ... الإخلال بهذا الشرط لا تقف عقوبته عند عدم المشاركة الخارجية ، بل يمتد لإلغاء ترخيص النادي ...
وهذا بالضرورة يعني البداية من الصفر ، البداية تبدأ بتصفية كل ما هو واقع الآن ، وإنتهاج سياسة جديدة تتحدث عن مستوى صرف على التسجيلات بسقف معيّن ، ومما يسهّل تنفيذ هذه الخطوة أن الجنوح والمبالغة في الصرف على التسجيلات ظلّت مقصورة على التنافس بين الناديين الكبيرين ... ولقد أثبتت التجارب السابقة أن إدارتي الناديين عندما قد إتفقتا أكثر من مرة بما سمي " إتفاقية الجنتلمان" التي قضت بعدم التنافس للكسب الإداري في التسجيلات والتركيز على حاجة الفريقين الفنية دون تقاطعات ... أثبتت تلك الإتفاقات نجاحها من حيث الإلتزام بين الطرفين ، مما كانت نتائجه الواضحة تقليل الصرف ، وتسجيل لاعبين أثبتوا كفاءةً لأن إختيارهم كان قد تم بناءً على حاجة فنية فعلية لأي من الفريقين ...
وأما في محور الإيرادات فأي محاولة للإستمرار في الإعتماد على نمطية المواعين الحالية ، لن يقود لأي تقدم بأي درجة من الدرجات ... فالمطلوب إقامة مؤسسات إقتصادية مدروسة لتصبح أذرع تمويل للنادي ، أو تحويل النادي نفسه لمؤسسة إقتصادية ذات طبيعة خاصة ... وهنا لا بد لي من الإشادة بالسياسة التي أعلنها الأخ والي الخرطوم سعادة الفريق أول مهندس ركن / عبد الرحيم محمد حسين التي أعلن فيها دعم حكومة الولاية المقدر في تأسيس مؤسسات إقتصادية لصالح الأندية ، وتقديم تسهيلات وخدمات تخدم ذات الغرض ... وفي تقديري هذه مبادرة عظيمة ينبغي إستثمارها دون إبطاء أو تردد ... ويؤكد هذا التوجه إشارة السيد رئيس الجمهورية لتكن البداية بالهلال والمريخ في معرض حديثه عن قانون الرياضة الجديد ...
ثانياً : محور الإدارة : العلّة : يكفي في هذا المحور أن نطرح عدداً من التساؤلات ، نعلم سلفاً الإجابة عليها ولكنها ستقودنا حتماً للعلّة في إدارة الأندية ... كم مرة تم تحديد معسكرات إعداد للفريق زماناً ومكاناً وفترةً وتمويلاً ، ولم يتم التنفيذ كما أعلن؟ ... كم مرة تم تحديد سفريات الفرق للتنافس الخارجي زماناً وحجوزات وتمويلاً ، ولم يتم التنفيذ كما أعلن؟ ... كم مرة تم الإعلان عن صفقات تسجيلات لاعبين بمواصفات فنية عالية ، ولم يتم التنفيذ كما أعلن؟ ... كم كان عدد صفقات الأجانب الذين يستلمون حقوقهم بالعملات الأجنبية ، من مدربين وأجهزة فنية ولاعبين ، وقدموا أداءً وعطاءً يعادل ما نصرفه عليهم؟ كم مرة قمنا بتحديد أسس ومعايير وشروط ما نريد أن نتعامل معه قبل الإختيار؟ ... أين التخطيط من المفارقة التي تجعلنا من الدولة الوحيدة على مستوى القارة الإفريقية التي يصل فريقاها الإثنان لدور الأربعة في الموسم السابق في البطولة الكبرى ، إلى دولة فريقها الأول يخرج من الدور الأول ، والثاني متخوّف ومهدّد بالخروج من دور الترضية بالكونفيدرالية من فريق مهدد بالهبوط في بلده هذا الموسم؟ ... لقد كنت ولا زلت على قناعة لم أخفها أن تعاملنا مع اللاعبين المصابين يشوبه خلل إداري كبير ... وكنت دائماً أردد أن أي لاعب لا يكمل أي مباراة أو تمرين مصاباً ، مهما كانت درجة الإصابة من بساطة ، ينبغي سفره خلال ثمانية وأربعين ساعة على الأكثر لعناية أي من روابط المشجعين خارج السودان لعرضه فوراً على أخصائي إصابات الملاعب ... وذلك لأن النتيجة لا تقبل غير إحتمالين كليهما إيجابي ... الأول : أن يتضح أن إصابة اللاعب تتراوح بين طفيفة وطفيفة جداً ، وفي هذه الحالة سيعود اللاعب للملعب بمعنويات عالية وبثقة أكبر وبإطمئنان على مستقبله ، والثاني : أن تكون الإصابة كبيرة أو جسيمة ، وفي هذه الحالة ، يكفي أن أقول أنه في أكثر من 90% من حالات اللاعبين السودانيين المصابين ، عندما نرسلهم للخارج ، يكون تعليق الدكاترة أنهم جاءوا متأخرين جداً بعد تأريخ الإصابة ... مما يشكّل عنصراً أساسياً في إطالة فترة العلاج ، أو صعوبته أصلاً ... وكلاهما ضار باللاعب وعودته للميدان كما كان ... والسؤال : هل يكلّف اللاعب في هذه الحالة أكثر من ثمن التذكرة ؟ وهل من الصعب على أي رابطة في الخارج إستلام اللاعب من المطار وعلاجه وإرجاعه سالماً معافى وبمعنويات عالية لمزيد من البذل والعطاء؟ ... وأسئلة وأسئلة آخرى كثيرة ... والإجابة سلباً عليها تقودنا للصفر الحتمي ، فإما أن ننتظره لنبقى عليه ، أو نستعجل صفراً يكون بداية نؤسس عليها ...
الحل : الوقف الفوري لسياسة الترقيع والترميم والتعامل مع المشاكل بالقطاعي ... والبداية إعتكاف خبراء في كرة القدم ، سودانيين أو مدعومين بأجانب ، لإعداد دراسة وخطة ممرحلة لتأهيل جيل من اللاعبين المتميّزين ، مستفيدين من نعمة الله علينا بالموهبة الفطرية لدى أطفالنا ... وهو تخطيط لن يكلف كثيراً مقارنةً بالصرف الحالي ومضمون النتائج ... ولنؤكد ذلك نقول أن من شروط ترخيص الأندية المعلنة بواسطة الفيفا في محور منشط كرة القدم : " يجب على النادي مقدم طلب الرخصة أن يقدم كتابة برنامج ، وخطة لتنمية تطوير نشاط الناشئين والشباب ، ومن ضوابط الحد الأدنى لهذه الخطة :
‌أ. تنظيم جهاز للناشئين والشباب من : هيكل ، أجهزة ، علاقات ، فرق ناشئين ، إلخ ...
‌ب. فريق ناشئين مسجل من 10 – 14 سنة ...
‌ج. فريق شباب مسجل من 15 – 21 سنة ...
‌د. البرنامج يجب أن يؤكد إلتزام ومساندة النادي للّاعبين في مؤسسات التعليم ...
‌ه. توفير الرعاية الصحية للاعبين ...
وبعد إعداد الدراسة يتم تحويلها لبرنامج وخطة زمنية متكاملة ، ثم يتم التعاقد مع منفّذين لهذه الخطة ، يكون إختيارهم مستنداً على معايير وأسس دقيقة تضمن الحد الأدني من إستمرارهم في تحمل المسئولية ... وهذه الدراسة هي الصفر الذي نؤسس عليه مستقبل الكرة ، ودونه الصفر الذي ينتظرنا لنستقر عليه ...
ثالثاً : محور اللاعبين : العلّة : لست من الذين يلومون اللّاعبين على أي إخفاقات للفريق ... فلوم اللاعبين في هذه الحالة مثل لوم تلاميذ أي مدرسة تسوء نتائجها في إمتحان الشهادة مع تبرئة مدير المدرسة والمعلمين ... النادي مدرسة للتربية السليمة وتنمية الموهبة وإشاعة روح التنافس الشريف بين أفراد الفريق داخلياً وبين الفريق مقابل الفرق الأخرى خارجياً ... ولذلك يجب أن نعترف أنه من أضعف حلقات نشاطنا الكروي هي آلية إختيار اللّاعبين إبتداءً ... كلنا نعلم أن فريقي القمة يمثلان أكبر قاعدة جماهيرية ، وأقوى آلة إعلامية ، وأوفر إمكانات مادية مقارنةً بفرقنا السودانية الأخرى وعلى مستوى القارة الإفريقية ... ونعلم أن كل لاعب سوداني يتطلع لإرتداء شعار أحد الناديين كجسر للفريق القومي وربما الإحتراف الخارجي ... والسؤال البسيط هنا هل حقيقة أن لاعبي الفريقين دائماً يمثلون صفوة اللّاعبين الطموحين؟ ... وهل نحن متأكدون من أن هؤلاء اللاعبين مستوعبون لمسئوليتهم الإضافية كلاعبين في فريقين يمثلان السودان خارجياً بانتظام؟ ... ولعل أسوأ من ذلك آلية إختيارنا للّاعبين الأجانب ... أقل ما يمكن أن يوصف به إختيارنا للأجانب أنه إختيار كارثي ، ضرره أكثر من نفعه ، فنحن نصرف عليهم أضعاف ما نصرفه على لاعبينا المحليين ، في حين أن مردودهم يقل كثيراً عن ما يقدمه لاعبونا المحليون في أغلب الأحيان ... هل لدينا أي تفسير أو منطق للدفع لأي شخص مرتب بالدولار ليكون دوره الجلوس على دكة الإحتياطي؟ ... أنا من الذين يقيسون جودة أداء اللاعب بقدراته في الكرات المشتركة مع الخصم ... في آخر مباراة للمريخ رصدت لللاعب تراوري من عشرين كرة مشتركة مع الخصم فشل في إستحواز الكرة سبعة عشر مرة ، وارتكب مخالفة في الثلاث الباقيات ... هذا مجرد مثال واحد ... ولا أريد أن أسترسل ... فإذا أردتم أن تتأكدوا من نوعية اللاعبين الذين نعتمد عليهم ... عليكم بهذه التجربة : قوموا بتسجيل محاضرة المدرب لأي مباراة ، وتسجيل ملاحظاته للاعبين الفردية ، ثم أحضروا تسجيلاً للمباراة بالفيديو ... سيصيبكم الذهول من الفرق بين حديث المدرب وما تشاهدونه ... كم مرة قرأنا أن المدرب عمل على تصحيح أخطاء المباراة السابقة؟ كثيراً جداً ... ولكن كم مرة حقيقة تم تصحيح تلك الأخطاء؟ ...
الحل : أولاً : بالنسبة للاعب السوداني تقوية الرؤية الفنية في الإختيار فالفريقين القياديين هما سدة ولحمة الفريق القومي ، وهذا قدرهما ، وهذا واقع لم نتجاوزه بعد ، ولذلك لا مجال لغير الأفضل لهذين الفريقين ... ثانياً : بالنسبة للاعب الأجنبي علينا بالإستعانة بوكلاء لاعبين مؤهلين ، ويمكن أن نبدأ بإتفاقيات تعاون مع فرق المغرب العربي في الإختيار ... أما اللاعبون الأجانب المجنّسون ، أرى أنه لا بد من شرطين أساسيين لتسجيلهم ، الأول أن يكون مؤهلاً فنياً للعب في الفريق القومي ، والثاني أن يكون مستوفياً لشروط الفيفا للمشاركة مع الفريق القومي السوداني ... فالجنسية السودانية ليست بالبساطة التي نستخدمها للتحايل على عدد الأجانب المسموح بهم للفريق الواحد ... وتجربة الشقيقة قطر في التجنيس من أنجح التجارب لأن التجنيس مرتبط بالمشاركة القومية ... ختاماً العودة للصفر والبداية العلمية الجادة أفضل بكثير من الإستسلام للواقع أو محاولة ترقيعه ، وإن كانت البداية من الصفر تحتاج لصبر ، لكنه مضمون النتائج السعيدة ... والله من وراء القصد ...
محمد الشيخ مدني
رياضي متقاعد
مايو 2016م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.