احتضنت ارض القضارف الطيبة على مر تاريخها أطيافا من الأحرار ذوي الخلق الطيب والمعشر الجميل ،فلم يعرف عن أهلها غير حب الحرية والتزام مكارم الأخلاق التي تجنبهم المذمة والمذلة ليحرثوا ويغرسوا ما تمتد به أياديهم الكريمة للسائل والمحروم. فلم تعرف القضارف يوما بالسوء ولم يخدش سمعه أهلها احد كمدن أخرى ،فعرف كل حكامها طبع أهلها عن علم عالم اوتجريب جاهل ليتسق أسلوب الحكم مع سائر الصفات الطيبة لأهل القضارف طوعا أو كرها: فالخليفة عبد الله التعايشي أرهقته القضارف عندما ظنها كغيرها وحين ظن أن في أهلها ما وجده من إذعان وخضوع فتمردت القضارف مثنى وثلاث ورباع وادعي احد رجالها ما استند إليه الخليفة نفسه زاعما انه المهدي المنتظر وتمرد زعماء القبائل عليه وعلى جنده الذين نهبوا ما في أيدي الناس (دون إيذاء رجل أو امرأة من أهلها) تمرد الجند على قادتهم فغيرهم الخليفة واحدا تلو الآخر دون أن تهدأ القضارف الحره التي لم يستقم أمرها إلا بالعدل والإحسان في عهد الزاكي طمل (الزاكي عدل والجداد قدل) وفي عهد الحكم الانجليزي المصري للسودان اختارت الحكومة من رجالها أكثرهم حنكه وحكمه لقياده فرقه العرب الشرقية ومركز القضارف ومنهم مستر قاي كامبل وقوين بل . وفي تاريخها الحديث استضافت القضارف جيوشا من الموظفين المدنيين والعسكريين والحكام على مستويات مختلفه فمنهم من اهتدى بخلق أهلها ولم يؤذهم ومنهم من استكبر فمضى تاركا الذكرى السيئة والسمعة القبيحة. أسعدني اعتذار السيد كرم الله عباس الشيخ عن غارة الأسبوع الماضي التي استهدفت فتيات القضارف الطاهرات الطيبات مستودعات القيم الفاضلة اللاتي سيورثنها أجيالا قضارفية قادمة، تلك الغاره التي لم يحدث لها شبيه في أي مكان في العالم ولاحتى ايران وافغانستان وسعودستان دول القهر والاستكبار اوضطهاد حقوق الإنسان وإذلاله وانتهاك كرامته التي هي اغلى هبات الله له .وقد خلصت من مانشر في احدى الصحف وأقوال و إفادات بعض القريبين من مراكز اتخاذ القرار ان السيد الوالي قد استنكر الحملة الغاشمة واستدعي المسئول الأول عن الجهة التي ينتسب إليها معظم منفذيها الذي نسب الأمر إلى مسئول في ادنى سلم الترقي في تلك المؤسسة مما يجعلنا نطالب السيد الوالي ووزير الوزارة الاتحادية التي ينتسب إليها المذكور و قيادته الولائيه بمحسابته ومعاقبته باقسى وأقصى العقوبات واختيار البديل المناسب لقياده هذه الوحده الحساسه التي ظلت تحركاتها من أكثر الأشياء اثاره للرأي العام السالب والمشاعر المناهضه للحكومة على كافه مستوياتها ،أما إذا لم تصح الرواية فيجب محاسبه المسئول أيا كان وذلك لان الرأي العام قد حاسب وعاقب كرم الله على ماحدث ولما كان رده متأخرا فانه لن يبلغ كل الآذان التي استمعت لكرم الله يتوعد بتطبيق الشر يعه الاسلاميه في القضارف التي أخلاق أهلها الشريعه والقرآن وكريم الخلق . إن السيد كرم الله الذي كرمته القضارف لأكثر من مره في حشود غير مسوقه يجب أن يحافظ على ثقة أهل القضارف فيه وذلك أن يبادلهم الثقة بالثقة ثقة في أخلاقهم الكريمه التي أكدها كل من حكم القضارف والعمل على معالجه ما هو سالب بالحكمة والموعظة الحسنه ومعاقبه من يحاولون الاساءه لإنسان القضارف العظيم الأصيل وذلك مع تذكر طباع أهل القضارف الذين لايخيفهم السلطان بل يأسرهم الإحسان الذي دفع به إلى المقعد الأول في الولاية الذي نحسب انه جلس عليه لاطمعا في سلطه يتولاها أو دنيا يصيبها بل للتغيير والإصلاح وإنصاف أهل القضارف ،إن ماحدث لن يفقده مقعدا ما حرص عليه يوما بل افقده حب أهل القضارف له وان لم يكن على علم به فيا أخي كرم الله: المحاسبه هي الحل وليشهدها أهل القضارف أجمعين حفاظا على العهد مع من انتخبوك وحتى تعود ثقة أهل القضارف في حكومتهم المنتخبه التي إذا لم ترع حقوقهم سادت الفوضى .ولاشك أن الجميع يعلم حساسية وضع المرأة في المجتمع السوداني وما يمكن أن يسببه الاعتداء عليها من مشاكل،كما أن الضرر طال أهل ولايات أخرى من طالبات الجامعة مما يعكس صورة سالبه عن القضارف التي أكرمت وفادة طلابها منذ ستة عشر عاما فلم يؤذ منهم احد ولم يسمعوا ما يكرهون وما حدث يتطلب من الوالي بجانب المحاسبه الرادعة الاعتذار الوافي لأهل القضارف ولطلاب جامعتها واولياء أمورهم أينما كانوا .وختاما نشيد بدور الأئمه والدعاة الذين ناهضوا الحمله الغاشمة المتسترة بالدين الحنيف والشريعه الغراء . وعلى رأسهم مولانا داؤود فنعم العلماء هم قاده خير في مجتمع خير. بسم الله الرحمن الرحيم (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).