هناك صلاحيات واسعة منحت للولايات تتعلق بالتوزيع العادل لإيرادات الولاية وتنظيم استعمالات الأراضي وإصدار تشريعات لتحصيل الموارد كعوائد الأراضي والرسوم والضرائب سواء على مستوى الولاية أو مستوى المحليات التي تعاني من ضعف الصلاحيات وقلة الإمكانات في ظل هيمنة الحكومات الولاية على مقدرات المحليات والقصور الإداري في تنمية الموارد ومضاعفة الإنتاج المحلي لاسيما الزراعي منه بشقيه النباتي والحيواني . لم تأخذ معظم الولايات بالتخطيط الإقليمي بتصور علمي يلتقي مع التخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني العام بحيث يواكب التخطيط العمراني للبيئة المحلية مخططات الحكومة المركزية كالخطة الاستراتيجية الربع قرنية والخطط الخمسية للدولة من خلال مخططات هيكلية للمدن وإقليمية للولايات تتوافر فيها فرص تنمية المارد البشرية ثقافياً وصحياً واجتماعياً وتنمية الثروات الطبيعية وتوظيف الإمكانات الاقتصادية بالتحديد الأمثل لاستعمالات الأراضي وفقاً للموارد والإمكانات المتاحة لكل محلية . لقد استنفرت الولايات خلال السنوات الخمس الماضية من عمر اتفاقية السلام في إقامة مشروعات للتنمية لخدمة أغراض دعائية يعول عليها في تجاوز مرحلة الانتخابات العامة كمشاريع سفلتة وإنارة الطرق وغيرها من المشاريع الخدمية الصحية والتعليمية ولم تحظ تنمية الموارد الاقتصادية للولايات باهتمام يذكر في سبيل زيادة موارد الولاية وتوفير بدائل للتمويل بخلاف وزارة المالية الاتحادية ووقف الرحلات الماكوكية للخرطوم في سبيل الحصول على تصديق أو تمرير للموازنة المرصودة لمشروعات الولاية، كما أدى هذا الاعتماد على الخزينة المركزية إلى ظاهرة سودانية فريدة تمثلت في عجز المحليات عن صرف رواتب منسوبيها لاسيما رواتب المعلمين مما هدم أهم أركان العملية التعليمية التي يعول عليها في التنمية البشرية وإحداث النهضة في دولة التوجه الحضاري !!. وهناك جوانب بالغة الأهمية في التنمية الإقليمية لم تحظ بالأولوية والتركيز المطلوبين كمهمة التدريب والتأهيل المستمر للكوادر التي تتولى شؤون الولايات والمحليات، حيث لم يتجاوز التدريب أصحاب الحظوة والولاء للقيادات الحزبية الحاكمة وبقيت معظم القيادات على المستوى الأدني أسيرة الروتين والبيروقراطية المعهودة تتطلع إلى ما يأتيها من توجيهات مما قلص إسهام المحليات في تنمية وترقية المجتمع هذا إذا استثنينا الوضع الراهن للمحليات المتكدس بمحسوبيات التوظيف من عديمي المواهب والقدرات في ظل تراجع دور الضباط الإداريين . ولعل ضعف التدريب والتأهيل هو ما يحول دون إنزال العديد من مشاريع التنمية إلى واقع المحليات ويعطل معالجة مشكلات العشوائيات والبناء في مجاري السيول ويحول دون وضع خطط مدروسة لتصريف مياه الأمطار ومع انشغال المهندسين وصناع قرار السياسات العمرانية بمضاربات الأراضي وسوق العقار ستطل على الدوام أزمة تصريف المياه وكوارث الفياضات وسيبقى النيل بفروعه وبركة والقاش مصادر تهديد للمدن كل موسم خريف .