بدأت تركيا في الآونة الأخيرة بإبداء اهتمام متزايد لتطوير علاقاتها مع دول القارة الأفريقية ومن ضمنها السودان، وأحد مظاهر ذلك اتفاقية عام 2014 لتشجيع الاستثمار المتبادل بالإضافة إلى مذكرة التفاهم للتعاون في مجال إنشاء مناطق حرة بهدف إنشاء وتأسيس بنية تحتية قوية للعلاقات الاقتصادية بينهما مع تأكيد الجانبين ضرورة زيادة صادراتهما المتبادلة بينهما، وهذه كانت أولى البوابات التي فتحت أمام المستثمرين الأتراك في السودان، إضافة إلى بداية تأسيس مشاريع مشتركة بين الدولتين في السودان. وأعلن مدير مكتب رجال الأعمال والصناعيين الأتراك في السودان فرات كوكوم، امس، أن بلاده تسعى لزيادة استثماراتها في السودان بما يفوق ستة مليارات دولار، مبيناً أنه تم إنشاء مسلخ بولاية الجزيرة بقيمة مليار يورو ضمن المشاريع التركية. وقال في تصريح لسونا على هامش مشاركته في ملتقى التصنيع والابتكار، إن بلاده تحرص على المشاركة في كل الفعاليات السودانية، مشيراً إلى أن أكثر من 40 من كبار رجال الأعمال كان يفترض أن يشاركوا في الملتقى، إلا أن عملية الانقلاب الفاشلة حالت دون ذلك. وأضاف كوكوم أن السودان فيه مجالات واسعة للاستثمار، الأمر الذي جعلنا نركز في زيادة استثماراتنا خاصة في مجال الزجاج والورق نسبة لحاجة السودان إليهما، كما لدينا استثمارات اخرى في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية. وأشار إلى أنه سيتم خلال الأيام المقبلة فتح مكتب بالخرطوم لجمعية رجال الأعمال الأتراك ليكون جسراً بين البلدين ولتسهيل الإجراءات الخاصة بالاستثمار ومعالجة الصعوبات التي تواجه المستثمر التركي. وكشف رئيس اتحاد رجال الأعمال الأتراك في السودان محمد جتنصوي، عن زيادة حجم التبادل التجاري بين الخرطوم وأنقرة، وقال إن حجم التبادل التجاري ارتفع الى أكثر من 500 مليون دولار بنهاية العام الماضي، بعدما كان يتراوح بين 250 300 مليون دولار العام 2012. وقال جتنصوي في تصريح لوكالة «الأناضول»: بلغ حجم التجارة بين تركيا والسودان رقماً قياسياً جديداً. وأضاف: تشمل النشاطات الرئيسة لرجال الأعمال الأتراك في السودان، بناء البنية التحتية وتطويرها، التصنيع، إنتاج الصلب والتعدين. وأشار إلى أن الشركات التركية في السودان زادت عن 480 شركة تعمل في المجالات الاستثمارية والتجارية، وأوضح أن في عضوية الاتحاد أكثر من 85 شركة. واكد أستاذ الاقتصاد بجامعة أفريقيا العالمية البروفيسور محمد عبد القادر أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ومنذ الاستقلال لم تشهد تطورا ملحوظا رغم توفر عدة عوامل تساعد في زيادة التعاون الاقتصادي بينهما وأهمها المقاطعة الاقتصادية من قبل أمريكا وبعض الدول الأوروبية مما يدفع السودان إلى الحصول على شركاء آخرين وتركيا مؤهلة لتلعب هذا الدور. وأشار الباحث إلى أن التعاون الاقتصادي بين البلدين أقل من المستوى المطلوب، مضيفًا أن مستقبل التعاون بين البلدين سيشهد تطورا لوجود الرغبة الحقيقية من جانب البلدين ولكن تحقيق ذلك التكامل يتطلب إزالة أشكال البروقراطية وتعقيد الإجراءات بالنسبة للمستثمرين وأن تسعى الحكومة السودانية إلى تقديم مزيد من التسهيلات للمستثمرين الأتراك في المجال الزراعي والصناعي والتركيز علي توطين التصنيع الزراعي. واشار وزير الاستثمار مدثر عبدالغني الى ان الاستثمارات التركية في السودان في تزايد مستمر ونمو متقدم وبصورة كبيرة في القطاعات الصناعية ولها اسهاماتها المقدرة في الانشطة المختلفة من اسمنت وصناعات غذائية وكهربائية . واكد ان الترتيب الآن يصب لوضع رؤية للاستثمارات وفي الغالب الاستثمارات الانتقائية التي يحتاجها البرنامج الخماسي مؤكداً انه تم تجاوز العقبات التي تعترض الاستثمار في السودان من خلال تبسيط الاجراءات وتم التنفيذ والممارسة الفعلية بتجاوز هذه العقبات مشددا ان واحدة من القضايا الاساسية في البرنامج الخماسي ان يركز الاستثمار على الانتاج والتحويل الصناعي. وكان وزير النفط السوداني، محمد زايد عوض دعا تركيا للدخول في مجال الاستكشاف والإنتاج النفطي، في الوقت الذي أبدت فيه شركتان تركيتان رغبتهما في دخول مجال حفر الآبار النفطية واختبارات الإنتاج في السودان. والتقى عوض، على هامش مشاركته في المؤتمر الدولي الثامن للطاقة الذي انعقد اخيرا بنظيره التركي علي رايزا، الذي امتدح تجربة السودان في توطين صناعة النفط. ووجّه زايد الدعوة لرايزا حتى تدخل تركيا في مجال الاستكشاف والإنتاج النفطي والتعاون في مجال التدريب، وقال إن السودان يمتلك ميزة نسبية في مجال الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية، إضافة إلى مجالات حقول الغاز والنفط، مشيراً إلى فرص الاستثمار المتعددة في صناعة النفط. وفي السياق أعلنت شركة «دلتا» التركية خلال لقاء وزير النفط السوداني، الدخول في مجال الخدمات النفطية خاصة في مجال حفر الآبار النفطية واختبارات الإنتاج، كما أبدت شركة «جي واي بي» التركية الدخول في مجال النفط والاستفادة من الخبرة التي تمتلكها الشركة. وكان وزير النفط قد التقى بعدد من وزراء الطاقة المشاركين في المؤتمر، لبحث التعاون المشترك والاستفادة من المزايا في كل دولة والتعاون في مجال التدريب ونقل الخبرات والتكنولوجيا والخدمات النفطية. واشار الخبير الاقتصادى بروف علي عبدالله الى ان أولى المحاولات لتطوير التعاون الاقتصادي بين تركيا والسودان بدأت بتشكيل لجنة على مستوى وزاري مهمتها عقد الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين وهذه تجتمع بصورة دورية والذي تم تحقيقه من خلال هذه اللجنة هو التوقيع على اتفاقيات في مجالات الزراعة والشراكة الزراعية والمجال الفني والتعليم والتعاون العلمي والنقل والتعدين والمعادن والكهرباء، كذلك أوصت اللجنة بإزالة العوائق الجمركية وتسهيل الحركة التجارية ونقل البضائع إضافة إلى الاتفاق حول حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل، مبينا أن العلاقات التركية السودانية آخذة في التطور والنمو ومن المؤمل أن يصل حجم الاتفاقات التجارية إلى ثلاثة مليارات دولار في خلال العامين القادمين عبر إنشاء تكتل تجاري مشترك بينهما.