ننشر اليوم ونقلاً عن الزميلة الموقرة حبيب البلد نص الرد الحكيم الرصين من حكيم الهلال السيد طه علي البشير على الزميل الصحفي ياسر عبد الفتاح ولأن ما جاء في حديث الحكيم يعتبر تجسيداً لأدب الرد ومثاليات المهنة ورساليتها فإننا نقوم بنشر رد السيد طه علي البشير لتعم الفائدة لاسيما وان ما جاء في كلمته يعتبر أنموذجاً لما فيه من عبارات بليغة ومفردات عميقة. الأخ الأستاذ ياسر عبد الفتاح السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ولك التحيات النديات والأماني الصادقات الطيبات بعيد الفطر المبارك أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات وبعد.... لقد صدر تحت توقيع سيادتكم بحقي اتهام عظيم ولولا أن خبرة القانون الذي درسته أسعفتك وأن حزمة الأدب الهلالي أدركتك لكنت البستني بإشارات الظن جرماً ولأوقعت عليّ بموجب الشبهات حداً ولكنك تداركت كل هذا بذكاء الحلفاوي المعروف - فصغت الأمر مشبعاً بدلالات الاتهام ومبطناً بعلامات الاستفهام، لتقول هل تبدلت قناعات طه بالديمقراطية وهل غيرت وعدلت بعض الجراح والمرارات إيمان طه فعاد مؤمناً بالشمولية مكتفياً من غنيمة جهاده بالإياب أو إلى مثل هذا المحت تقريباً. وقبل أن أجيب عليك أظنك تدري أخي ياسر بأني ابتعدت كثيراً ونأيت بنفسي بعيداً عن الرد على كثير مما تسوده بعض الأقلام بحقي مدحاً كان أو قدحاً وذلك صوناً لنفسي من التهاتر والتنابذ والتعارك في غير معترك ثم لقناعتي وإيماني بأن العمل في المجال الرياضي يجب أن تسوده روح التسامى والتسامح الذي تفرضه أخلاق الرياضة وإلا فعلى المرء أن يتركه غير نادم. وعندما نبهني بعض الاخوة لما صدر تحت توقيعك بشأني عدت إلى الصحيفة وقرأت ما جاء بعمودك المقروء ومن ثم عزمت على الرد عليك خلافاً لما وطنت عليه نفسي وذلك لأني وجدت في حديثك وهجاً من أدب التخاطب الذي ينبغي أن يسود بين أهل هذا النشاط الأهلي الطوعي ولقد اخترت أن أرد عليك كتابة لعظم التهمة الموجهة إليّ وأهمية الرد عليها لأن الكتابة توثيق ولابد لمثل هذا الأمر أن يوثق لتأخذ به الأجيال بينة تكون لي أو عليّ وحتى تحفظه الأيام مستنداً وتاريخاً أحاسب به وأخاصم وأجادل عليه حتى لا يقدح قادح في قناعتي وإيماني بالديمقراطية زوراً وبهتاناً ولا يمدح بالكذب مادح دعمي وتأييدي للشمولية، ثم إن الرد الكتابي قد يفرض على الكاتب التقيد بما يمليه عليه ضميره ناظراً فيه إلى ما سيكون عليه مصيره يوم القيامة والحساب وقد صدق القائل: وما من كاتب إلا ستبقى ... كتابته وإن فنيت يداه فلا تكتب بكفك غير شئ ... يسرك في القيامة أن تراه ، ومن بعد دعني أردد معك القول إن الهلال كان في محنة كبرى بحسب ما جاء في عمودك بصحيفة (المشاهد) بتاريخ 31 مايو 2010م العدد رقم 4366 وإليك اعترافك بما آل إليه حال الهلال نصاً وحرفاً: (من يعتقد ان الهلال لا يعيش محنة كبرى يخدع نفسه ويوطنها على تقبل مزيد من المحن والنكسات ومن يظن أن البلايا التي لحقت بالنادي الكبير تحل بالبكاء ورفع اللافتات وشتم عباد الله فهو يتحرى الهروب إلى الأمام ويرغب في تصدير الأزمة إلى مقبل الأيام ليعود مجدداً إلى الركون والاستسلام حتى يجد في أول نكسة مقبلة فرصة أخرى لتحري الهروب من جديد) ، ثم تقول في الفقرة الثانية: (الذي يربط أزمة الهلال بهزائم وخسائر في دوري ابطال افريقيا أو في استحقاقات الدوري المحلي لا ينظر لأبعد من أرنبة أنفه وفي هؤلاء السطحيين تتمثل أزمة الهلال)، ثم تواصل في هذه الفقرة قائلاً: (دونك الرموز التاريخيين «للدموع السايلة مني» ممن أخرجتهم نكسة الاسماعيلي وتعثري كادوقلي وبورتسودان واستدركوا في الزمن بدل الضائع ان الهلال يعيش في محنة مع أن كل الوقائع الماثلة التي أعقبت حال التشظى التي قادها العميد أركان حرب سعد العمدة كانت تنبئ ان الهلال في انتظار أيام سوداء). أخي ياسر لقد صدقت نبوءتك وحلت الأيام السوداء التي ذكرتها وذلك حينما تقدم الأخ رئيس الهلال باستقالته التي تركت المجلس في مهب الرياح العاتية تتنازعه المشاكل من كل جانب وتسد عليه الاستحقاقات العاجلة كل سبيل وقد ضاقت عليهم ساحة الهلال بما رحبت ولم يجدوا بداً مما ليس منه بد فإما أن تغرق سفينة الهلال أمامهم وهم ينتظرون الفاجعة وينتظرون حساب التاريخ، وإما أن يتداركوها بالتضحية بأنفسهم وينتظرون شهادة التاريخ لهم أو عليهم وقد فعلوا ما فرضته عليهم ظروف المرحلة بكل حرجها وعنتها وما أملته عليهم ضمائرهم بكل أريحيتها واخلاصها لكيانها فاستقالوا محدثين بذلك فراغاً ادارياً ما كان له أن يكون لو أن السيد رئيس نادي الهلال استجاب وقتها لندائك في ذات العمود ولنداءات أخرى طالبته بمواصلة المسير إلى حين انعقاد الجمعية العمومية، لقد حدث الفراغ الاداري والهلال مواجه بالتزامات عظيمة خارجية وداخلية وكادت الفوضى أن تضرب بأطنابها في أروقة النادي الكبير وبلغ بنا الحال أن أصدر كابتن الهلال هيثم مصطفى بياناً كشف فيه سوء الاوضاع وحذر من عاقبة استمرار التردي فماذا كنا سننتظر من بعد هذا أخي ياسر؟؟ وهل كان بوسع السلطة الرياضية أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الواقع كان لابد من سد هذه الثغرة التي حدثت بأعجل ما يمكن وتدارك هذا الانهيار الوشيك بالتعيين أو التكليف أو التسيير أو الانتقال سمه بما شئت إذ لا معنى لاختلاف المسميات في مثل هذا الحال وقد تم تكليف هذا المجلس وفق صلاحيات محدودة ولأجل معلوم ومحدد ولعل أهم الصلاحيات أو الواجبات المفروضة عليه هي العمل على عقد جمعية عمومية تعيد للنادي ارثه الديمقراطي. ولعلك ترى أخي ياسر رؤية شاهد تابع للأحداث وعايشها ان الديمقراطية التي كان يمثلها مجلس الهلال المنتخب قد عانت وضاقت ذرعاً وسكبت دمعاً وشكت وجعاً طيلة فترة ذلك المجلس وفي خاتمة المطاف لم تجد وسيلة سوى الخروج من أضيق النوافذ وهي نافذة الاستقالة الجماعية أو الجزئية التي أفقدت المجلس شرعيته. فهل نذرف الدموع ونشق الجيوب حسرة على ذهاب المجلس الديمقراطي ونكتفي بهذا أم نعمل على إعادة الديمقراطية كخيار لا بديل له عبر جمعية عمومية ذات عضوية واقعية؟ وبهذا نكون قد أعدنا الديمقراطية من أوسع الأبواب بعد أن خرجت من أضيق النوافذ وهذا ما نسعى إليه جميعاً تحت قيادة هذا المجلس الموقر. أخي ياسر لا أظن اني اضيف إلى معلوماتك جيداً حينما أقول بان التعيين أضاف إلى كنانة الهلال سهاماً كثيرة جربناها في مواطن عدة فكانت الأصلب عوداً عند الملمات والأقوى شهوداً وحضوراً في كل المناسبات ودونك العميد المدهش والذي صار فيما بعد الفريق الأكثر ادهاشاً عبد الرحمن سر الختم وأمامك تجربة زين المجالس الهلالية وزينتها ميرغني ادريس وغير بعيد منك تجربة قاهر الظلام مجيد شفاه الله وعافاه فهل كان التعيين خصماً على الهلال أم اضافة؟ أخي ياسر إن الديمقراطية التي أخرجها ضيق الحال من أرض الهلال لابد أنها عائدة وما خرجت تطوف البقاع إلا لتبقى دائمة ومستدامة بإذن الله. تقول سلمى لو أقمت بأرضنا وما ندري كأني للمقام أطوف أخي ياسر ختاماً لا يسعني أن أقول: ما كنت أظن ان تهمة الشمولية بلا دليل ولو جاءت تلميحاً يمكن أن تطالني من رجل مثلك نهل من معين النضال فارتوى وطاله جحيم الشمولية فاكتوى. أما أنا العبد الفقير لربه فلن تتبدل قناعاتي ولن يتغير إيماني لأني ابن حزب الوسط الذي علم وحرر الناس كما أن تربيتي الصوفية الختمية التي عمرت وغمرت قلبي بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته لم تترك في قلبي مكاناً يسكنه البغض أو تحل فيه الكراهية بسبب مرارات السياسة أو جراحات الرياضة. وأخيراً لك ودي أخوك: طه علي البشير