على الرغم من أن «33» رجلاً ظلوا تحت الارض لشهرين ونيف معلقين بين الحياة والموت، يحدوهم امل ان يلقوا نظرة اخيرة على ابنائهم وزوجاتهم، إلا ان سطح الارض كان معسكرا لمئات الاسر واصدقائهم وكل من تعاطف معهم وكل رجال المناجم في تشيلي، وكانت هناك مشاهد اخرى تملأها اجواء نسوية مشحونة بالغيرة، بعد أن اكتشفت خمس من زوجات المحتجزين أن لازواجهن علاقات بأخريات، وقد تبين لاحداهن ان زوجها قد أنجب من تلك العلاقة، وعرفت اخرى ان زوجها مرتبط بأربع اخريات، وهناك التي تفاجأت بأن هناك اخرى تصلي من أجل زوجها وتضئ له الشموع، رغم أن الاطباء لم يخبروا الرجال بذلك بعد خروجهم من تحت الارض، خوفا على وضعهم النفسي، الا ان ذلك لم يمنع النساء من العراك حول هؤلاء الرجال. ولم يقتصر ذلك على المجتمعات الغربية، حيث تلاحظ ان العلاقات خارج اطار الزوجية في مجتماعتنا المحلية تتزايد بصورة مرعبة، وترتبت عليها آثار انعكست على المجتمع سلبا، بالمعالجات التي تنتهي في بعض الحالات بارتكاب جرائم يحاول المتورطون من الطرفين التخلص بها من تلك العلاقات التي يتعامل المجتمع مع مرتكبيها بدونية وعدم احترام. «الصحافة» استطاعت الحديث مع بعض من يقيمون مثل هذه العلاقات، حيث وافق بعضهم على الحديث عن علاقاتهم، بينما رفض كثيرون الخوض في الأمر مبررين ذلك بأنهم لا يملكون الجرأة التي يواجهون بها الآخرين لمعرفتهم التامة بحجم الفعل. قصدنا احدى النساء التي ابدت رغبتها في الحديث وطلبت عدم ذكر اسمها، وقد دلنا عليها احد معارفها. وحينما هاتفتها وعلمت ما أريده بدا التوتر في صوتها، ولكن سرعان ما اجابتني ووافقت على الحديث، وطلبت مني تحديد موعد، وفي الزمان المحدد التقيت بها في وسط الخرطوم، وكانت تقود سيارة فارهة وهي في العقد الرابع من عمرها أو بقليل، وترتدي ثيابا فاخرة من احدث الموديلات الاوروبية وتضع على رأسها «طرحة» لا تكاد تغطي خصلها المتطايرة، ورائحة العطر الفوَّاح تملأ السيارة، وما بين الخنصر والبنصر من يدها اليسرى تظهر دبلة زواجها الذهبية وخاتم انيق تنكسر عليه الاضواء كلما انعكست فيه، ويدل منظره على انه غالي الثمن، بينما كان اصبعها السبابة ينقر على سيجارة من نوع البينسون الفاخر، فترتفع خيوط دخان خفيفة وتختلط برائحة العطر وتختفي عند مكيف السياَّرة. وقالت إن علاقتها مع ذاك الرجل الذي يصغرها بعدد من السنوات، بدأت عندما اكتشفت ان زوجها يخونها مع أخرى، وتأكد لها ذلك بعد ان رأته منغمسا في الخيانة، وقفزت الى ذهنها حلول كثيرة من بينها الانفصال عنه وحرمانه من العيش مع ابنيه، ولكنها اختارت أسوأها وفضلت ان تسقيه من ذات الكأس، وقالت إنها تشعر بالراحة النفسية لأن احساس الانتقام يعلو على كل شيء، فهي لا تبحث عن المال او اشياء لا تجدها عند زوجها، وانما هي ردة فعل. ومضت في الحديث لتقول إنها لا تشعر بحجم خطئها الا عندما تنظر لابنيها، ولكن هل تعاقب زوجها على حسابهما، فما ذنبهما ان كان والدهما يسلك طرقا لا تليق برب الاسرة؟ وقالت لي إنها تريد التخلي عن هذه العلاقة التي اصبحت خصما على حياتها، اذ انها تنتمي لأسرة محافظة جدا لا تتحمل مثل هذه الاخطاء التي قد يصل عقابها الى الموت. وما تخشاه ليس زوجها بل إخوتها.. وتنهدت وهي تقول إن حلها السيئ للمشكلة أوقعها في مشكلة اكثر تعقيدا، وتريد التخلص من هذه العلاقة التي لم يتجاوز عمرها العامين، وبدأت بعد يوم واحد من خيانة الزوج.. وكانت قد وجدت الشاب الذي تربطها به الآن خيوط متشابكة من الاخطاء على حد قولها، في احد شوارع الخرطوم، وما فعلته أنها اوقفت سيارتها وطلبت من الصعود اليها، ولم يتردد وجلس الى جانبها وألقى التحية، وبدأ بينهما حديث تخللته بعض الدعابات، ثم سألته: «لِمَ لَمْ تسأل لماذا طلبت منك الصعود؟» فاجابها: «في كل الاحوال ليس لدي مانع إن كانت لديك مشكلة وتحتاجين لمساعدتي فلن اتأخر عنك». وطلبت منه أن يقضي معها بعض الوقت في منزل صديقتها، فاستجاب لرغبتها دون رفض، وبعد ذلك اصبح لديهما مكان خاص يقصدانه كلما أرادوا فعل ذلك. واضافت انها تلتزم تجاه الشاب ماديا بشكل كامل. وعن مصير علاقتها التي وصفتها بالمشبوهة قالت إنها الآن تحاول الانسحاب شيئاً فشيئاً، لأن الشاب اصبح متمسكاً بها كثيراً. وفي كثير من الأحيان يطلب منها الانفصال من زوجها لترى علاقتهما النور، ولكنها ترفض ذلك اكراماً لاولادها. وما تخافه الآن هو ألا يقبل الشاب انهاء العلاقة، فهي لا تعلم ماذا يضمر في داخله، وأكدت على ان النهاية قريبة، فهل ستتمكن من وضع حد لهذا الحال الذي قد ينتهي بهدم أسرتها..؟! وليس النساء فقط من يقمن مثل هذه العلاقات التي يرفضها المجتمع، حيث يقول احد الرجال المتزوجين إن مدخله لهذه العلاقة حدوث فتور بينه وزوجته في حياتهما الزوجية، لأن ثقافتها الجنسية قليلة مما أدى الى ابتعاد كل طرف عن الآخر، ولحاجته الماسة لممارسة حياته الطبيعية. وقال إنه تعرف على مجموعة من الفتيات الى ان ارتبط بإحداهن ارتباطا وثيقا، واصبح يبحث عن اطار ليجد الشرعية لهذه العلاقة التي لا يقبلها المجتمع بهذا الشكل غير الشرعي من كل النواحي الدينية والاجتماعية. لم يكونا الوحيدين، فمثلهما في كل مكان، سواء أكان ذلك في الشارع او داخل المؤسسات، حيث تدور في داخلها أغرب العلاقات التي قد تدوم ساعات فقط، فبعض أصحاب المناصب المرموقة مصابون بداء العلاقات بعيداً عن زوجاتهم. وكلما رأى أحدهم فتاة يهيئ نفسه لاغتنام فرصة قد تكون ليست بعيدة.. ولم يكن ذلك الرجل الخمسيني الاصلع ذو الشوارب الكثيفة الذي يشغل منصباً في مؤسسة كبيرة، يتردد في إقامة العلاقات مع أخريات في عشرينيات العمر. ولكن ما الذي يدفع رجلاً في مثل هذا العمر لإقامة هذه العلاقات التي قد تفشل في اول طريقها؟ معظم من وجهت اليهم هذا السؤال قالوا ان هذا الأمر مرتبط بالعامل النفسي لدى الرجل الذي يدخل نفسه في مقارنات بين زوجته وكل فتاة تمر امام عينيه، أو ربما هو عائق نفسي كبير يريد من خلاله أن يثبت لنفسه ولمن حوله أنه مازال ذلك الشاب الذي تتجه إليه نظرات الفتيات.. ولكن تقول إحداهن انها مراهقة الكبر التي تفقد الرجل توازنه الى حد فقدانه لرجولته. وترى أخرى ان ذلك مرتبط بحب الجاه والمنصب، فمن خلال ذلك يرى انه فوق المساءلة، لذا بامكانه أن «يطيح» كما يشاء ويختار من يشاء، ليعيد الشباب في دمائه عبر هذه العلاقات. ويقول دكتور معاذ شرفي اختصاصي الأمراض النفسية لدى الشباب والاطفال، إن بعد الناس عن الوازع الديني من أقوى الأسباب للتوجه نحو هذه العلاقات غير الشرعية، وكذلك المشكلات الزوجية التي أصبحت غزت البيوت، وغياب الجانب التربوي، اضافة الى استغلال النساء هذه العلاقات باعتبارها مصدرا للدخل والصرف على الاحتياجات، فيلجأن الى اقامة علاقات بطريقة غير مشروعة. ويرجع دكتور معاذ أيضاً الأسباب الى الجشع المادي بشكل اساسي، فالدين يرفع روح القيم والاخلاق. وأردف قائلاً ان الاعلام الغربي يرسِّخ مثل هذه المفاهيم ويصور العلاقات غير الشرعية على انها مخرج من المشكلات التي تواجه الزواج. ومن جانب آخر يقول انها قد تكون واحدة من أسباب زيادة اللقطاء واطفال الشوارع، ويجب توعية الناس بمفهوم الزواج والشراكة الزوجية. وقال إن في مجتمعنا ما يزيد الأمر سوءا، ألا وهو التسلط من قبل الرجل على المرأة مما يلغي مفهوم الشراكة الزوجية، فمن المفترض أن تقسم الواجبات وفقا لهذه الشراكة، وتنمية الثقة في الذات، والتركيز على الجوانب الإنسانية أكثر من المادية، وتقوية روح الايمان عند الطرفين.. فكل هذه المعالجات مجتمعة ستحفظ المجتمع من ظواهر الانحلال. وعن الإحصاءات التي تم رصدها للعلاقات خارج إطار الزوجية يقول دكتور معاذ: «ليست هناك أرقام بعينها، ولكن يمكن القول إن هناك كماً هائلاً من العلاقات غير الشرعية».