ولدت (بيجي بارتل) بقرية (اتوم) بغانا وعاشت بها حتى منتصف العقد الثاني من عمرها. ثم حضرت إلى الولاياتالمتحدة في عام 1970، وعاشت بعاصمتها منذ ذاك. كانت بيجي على علاقة قوية بأهل قريتها، فعمها هو ملك القرية التي يبلغ عدد سكانها السبعة آلاف شخص ويعتمد إقتصادها على صيد السمك. وفي عام 2008، رنّ هاتف (بيجي) في حوالي الرابعة صباحا، كانت على الطرف الآخر من الهاتف قريبة لها تحدثها من قريتها وتخبرها نبأ وفاة عمها الملك. لكن المحادثة لم تقتصر فقط على التعزية، بل كان هنالك أهم خبر، لقد إختيرت (بيجي) لكي تكون الملكة خلفا لعمها. وقالت لها قريبتها انه بعد وفاة الملك، تجمع أهل القرية وتم وضع جميع أسماء الرجال المؤهلين لمنصب الملك في ورقة لكي يتم إختيار السلف. لكن هنالك صوت ما رشح إضافة إسم (بيجي) إلى القائمة لتصير أول إمرأة يتم أصلا ترشيحها لمنصب الملك. وبدأت العادات والتقاليد، فيتم صب النبيذ وتقرأ الدعوات والصلوات، وتتم قراءة الأسماء. وفي كل مرة كان يقرأ إسم (بيجي) كان النبيذ يبدأ في التبخر. وواصلت قريبتها، إننا لم نصدق في البداية انك انتِ المختارة، فعدنا التجربة مرة أخرى، وأيضا لا يتبخر النبيذ إلا بعد ان يذكر إسمك. وآمن البعض بان (بيجي) هي المختارة بينما كان هنالك نفر آخر معترضون، فتمت إعادة التجربة للمرة الثالثة، وتتكرر ذات النتيجة فقط حينما يذكر إسم (بيجي). وهنا آمن الجميع بان (بيجي)هي فعلا الملكة المختارة. وإحتارت (بيجي)، ان منصب الملكة يتطلب منها وقتا كبيرا ومجهودا عاليا. وليس هذا فحسب، (بيجي) لا تتمكن من ترك الولاياتالمتحدة تماما، فهنا هي مرتبطة بمتطلبات كثيرة مثل دفع أقساط السيارة والمنزل، وترددت كثيرا. تقول (بيجي) انه بالرغم من الصعوبات المتوقعة إلا انها شعرت ان هذا مصيرها وانها قد تتمكن من مساعدة أهل قريتها أكثر، وقررت ان تقبل المنصب. وعادت (بيجي) إلى قريتها في غانا وتم تنصيبها كأول ملكة في تاريخ القرية. ووجد هذا التنصيب قبولا كبيرا بين السكان خصوصا النساء الذين وجدوا ان في تنصيب (بيجي) رفع من مكانتهم. ولم تجد الملكة الجديدة إعتراضات إلا من بعض كبار رجال القرية الذين بعد كثير من مد وجذب تقبلوا الأمر الواقع ورضخوا له. وبدأت (بيجي) تنجح في مهامها العصيبة، اولها كان وضع حد للفساد وضياع المال العام (يا ربي، هل يوجد فساد في كل مكان). ثم كان فتح وحساب وضعت فيه اموال القرية حتى تصرف من اجل منفعتها فقط. وبدأت (بيجي) ايضا في بناء مدرسة ثانوية لرفع مستوى التعليم في القرية ليس للرجال فقط كما كان سائدا بل وللنساء وفتيات القرية ايضا. ووجدت ان قصة بيجي مثيرة من نواحي كثيرة، أولها ان هذه التقاليد القديمة في الألفية الثالثة وفي عصر التقدم والتكنولوجيا لا تزال حية ترزق. والأمر الثاني، ان النساء لا يزالن يحققن نجاحاتٍ وتقدمات خصوصا في تقلد مراكز عالية، سواء كانت ميركل في المانيا او (بيجي) في قريتها بغانا. مات الملك وعاشت.. الملكة!!