٭ في الوقت الذي كان يخوض فيه معاشيو الجيش ب (الانتباهة) حربا كلاميا ضد زميلنا الطاهر ساتي كان نظراء لهم بكوريا الجنوبية يفعلون الشئ ذاته ولكن ضد حكومتهم.. ٭ فهما حربان متزامنتان ولكن مع الفارق.. ٭ فمعاشيو الجيش (الانتباهيون) كانوا غاضبين بسبب وصف زميلنا الصحفي لهم ب (مرافيت) الجيش المنشغلين بالسياسة. ٭ وفي السياسة هذه منشغلون تحديدا بقضية فصل (العرب المسلمين!!) عن الجنوبيين. ٭ ألم يقل كبيرهم (المُنتبه الأكبر) إن الجنوبيين هؤلاء (لا يشبهوننا!!) ؟! ٭ أما معاشيو الجيش الكوريون فقد كانوا غاضبين بسبب عجز حكومتهم عن الرد على استفزازات الجارة الشمالية.. ٭ فقد اظهرتهم الفضائيات وهم يبكون مرّ البكاء - خلال مسيراتهم الاحتجاجية - ألماً وحزناً ان لا تقدر حكومتهم على مبادلة جارتها قصفا بقصف، واعتداء باعتداء و(حقارة) ب (حقارة)... ٭ ولكن هذا الذي (انتبه!!) له معاشيو الجيش الكوري ف (أبكاهم!!!) ، لا (ينتبه!!) إليه نظراؤهم السودانيون ب (الانتباهة!!).. ٭ إنهم (ينتبهون) فقط لمثل الذي قاله الطاهر ساتي... ٭ ولمثل الذي قلناه نحن من قبل نقلا عن حوار كنا أجريناه مع دكتور عثمان ابوعكر الرئيس المناوب للجنة السودنة.. ٭ فأبوعكر كان قد ابدى ندمه - في الحوار ذاك - على نيل السودان استقلاله بما ان استعمارا جديدا (مسلحا!!) كان يقف له بالمرصاد.. ٭ وطفق رئيس لجنة السودنة يحسب سنوات الحكم المدني - في السودان - مقارنة بالحكم العسكري.. ٭ وفي الوقت ذاك - أي وقت الحوار الصحفي - كانت السنوات (العسكرية) هذه تنقص عشرا ونيفا.. ٭ فغضب منّا - حينها - معاشيو الجيش (الانتباهيون) غضبا لم يبلغ عُشره غضبُ نظرائهم الكوريين.. ٭ ولا أدري الى الآن سببا لغضبة (الانتباهيين) تلك.. ٭ هل غضبو - مثلا - لأن ابا عكر أخطأ في (حساب) .. سنوات الحكم العسكري مقارنة بالديمقراطي؟! ٭ أم غضبوا لأنه أبدى ندما على ما بذل من جهد في اجراءات السودنة؟!! ٭ أم غضبوا يا ترى لأنه أشار الى ان (دور!!) الجيش في مجال السياسة لم يظهر إلا بعد انتهاء (معركة!!) الاستقلال ؟! ٭ وأيا كانت دواعي غضب معاشيي الجيش ب (الانتباهة) فإن هنالك دواعى للغضب أشد (وجاهة) في زماننا هذا.. ٭ دواعٍ أكثر (منطقية) من تلك التي اغضبت نظراءً لهم بكوريا الجنوبية. ٭ فمعاشيو الجيش بكوريا إذا كانوا قد غضبوا - الى حد البكاء بحرقة - جراء عجز حكومتهم عن مبادلة الجارة الشمالية قصفا بقصف، ف (إيش حال) لو كان الامر أكثر من مجرد قصف..؟!! ٭ (إيش حال) لو كان الامر فيه (احتلال لأرض!!) أو (انتهاك لحدود!!) ، و (اختراق لأجواء !!) ؟! ٭ ف (الانتباهيون) من معاشيي القوات المسلحة لم نشهد له غضبة مماثلة إزاء الذي حدث لجزء عزيز من أرضنا بشمال البلاد.. ٭ أو إزاء الذي حدث لاجزاء حبيبة من أرضنا بشرق البلاد.. ٭ أو إزاء الذي حدث لشاحنات سودانية - ومواطنين - بشمال شرق البلاد.. ٭ أو إزاء الذي حدث - من اختراقات جوية وبرية - بغرب البلاد. ٭ أو إزاء الذي حدث ل (مثلثٍ) لنا بجنوب البلاد.. ٭ كل ذلك لم نشهد غضبة من تلقاء معاشيي (الانتباهة) إزاءه تساوي معشار غضبتهم تجاه زميل لا (سلاح!!) له سوى القلم.. ٭ فهذا هو مبلغهم من (الانتباهة) !! - ومن ثم - مبلغهم من (الغضب)!!.. ٭ ولا وجه للمقارنة - والحال هكذا - بين غضبتهم هذه وغضبة نظرائهم بكوريا الجنوبية .. ٭ فهم أصلا لم يُغضبهم مثل ذاك الذي اغضب نظراءهم الكوريين حتى تكون هنالك مقارنة.. ٭ أو على الاقل ، لم نر لهم غضبة - مثل هذه - مقروءة، أو مسموعة، او (مدموعة!!!) ، أو (مسيورة!!) مسيرةً (سلمية).. ٭ ولكن نظراءهم الكوريين (كتبوا)، و(أسمعوا) و(دَمِعوا) و (سيَّروا) مسيرات غضبٍ وثَّقتها الفضائيات كافة.. ٭ ثم كان من نتاج ذاك الغضب ان اُضطرَّت الحكومة الكورية الى إعفاء وزير الدفاع وتعيين خلف له.. ٭ أما إذا كان نتاج غضب (الانتباهيين) الذي يتوقون إليه هو (إعفاء!!) الطاهر ساتي - ومن لفَّ لفه - فإننا لا نجد ما نختم به سوى الترحُّم على رئيس لجنة السودنة ثم التغني لهم - اقتباساً من الاغنية الشهيرة - (غضبك عجيب زي غفلتك).. ٭ فهو قد كان (غاضبا) - اي ابوعكر - كذلك مثل غضبة (الانتباهيين) هذه .. ٭ إلا ان غضبه ذاك كان من منطلق (انتباهةٍ!!) اخرى... ٭ (انتباهةٌ) الى ما آلت إليه أحوال البلاد عقب الاستقلال.. ٭ أو بالاحرى، ما (تبقَّى!!) من الاستقلال.. ٭ ولعلَّ من نعم الله على أبي عكر انه لم يعش ل (يحسب!!) السنوات العشر ونيف هذه.. ٭ فهي قد كانت (القاضية!!!!)..