مضى يوم الخميس 4 مارس هادئا ولم يتذكره أحد بالخير أو الشر في الخرطوم، وهو اليوم الذي يصادف مرور عام على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر مثول (وفي رواية أمر قبض) بحق الرئيس عمر البشير، ورغما عن أن ما جرى يمثل حدثا تاريخيا - بغض النظر عن زاوية نظرك اليه - باعتباره استهداف لرأس دولة السودان ولأول مرة في تاريخ السودان الحديث منذ مقتل الخليفة عبد الله التعايشي. ولم يحفل بمرور عام على القرار الا رجلين متقابلين، الأول رئيس الجمهورية والثاني رئيس المحكمة الجنائية الدولية، فقد صرح كل واحد منهم بما يمثل موقفه: اذ أعلن البشير تحديه للمحكمة الجنائية الدولية مؤكدا انه سيستمر في السفر الى خارج بلاده بحثا عن الموت شهيدا. وقال امام الحشد الشبابي الذي نظمته الهيئة القومية لترشيحه باستاد أركويت للناشئين قبل يوم من حلول الذكرى السنوية الأولى، انه لا يخشى الا الله ولن يركع الا له،وحمل في شدة على القوى الغربية ووصفها ب «الكذب والنفاق»،مبينا أنهم يريدون تركيع السودان واذلاله ويهددونه بالحصار وقطع «القمح والدولارات»، وقال «أنهم كذابون ومنافقون الامر ليس بأيدي أميركا والأمم المتحدة ولن نركع لهم كما ركع غيرنا». واشار البشير الى أن تلك القوى وبعد ان تحقق السلام في جنوب البلاد وشرقها سعت الى تأجيج الحرب في دارفور وملاحقته عبر المحكمة الجنائية الدولية، وتخويفه من السفر الى خارج البلاد وتهديده بتوقيف طائرته، ليقول « نحن لا نخشاهم وسنستمر في السفر لأن الموت يمكن ان يكون بالحمى والملاريا أو حادث سير أو سكتة قلبية ولكن الموت السعيد أن نلقى ربنا شهداء لنلتحق بالزبير محمد صالح وابراهيم شمس الدين. من جهته قال رئيس المحكمة الجنائية الدولية القاضي سانج هيون سونج ان الرئيس السوداني عمر حسن البشير سيمثل في نهاية المطاف للعدالة أمام المحكمة في لاهاي. ورفض انتقادات بعدم اعتقال البشير حتى الآن وقال وهو يتحدث بمناسبة ذكرى مرور عام على اصدار المحكمة مذكرة اعتقال ضد البشير في لندن “عندما صدرت مذكرات اعتقال ضد سلوبودان ميلوسفيتش وتشارلز تيلور سخر الناس وقالوا تلك مزحة ولكن لم يمر أكثر من ثلاثة أعوام لمثولهما أمام المحكمة.” ومضى يقول “سيتم احضار الرئيس البشير الى لاهاي ليمثل للعدالة.” مقللا من اهمية ان البشير المطلوب لاتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية لم يعتقل. ومع هذا الأخذ والرد من الطرفين، تبقى الأسئلة حول جدوى المحكمة في ظل أوضاع السودان المعقدة وما اذا كانت العدالة مقدمة على السلام أم العكس أم انهما متساوقان ولا ينفصلان أم انهما متوازيان، وهل تجاوزت الاحداث المحكمة الجنائية الدولية بتوقيع الاتفاقية الاطارية بين الحكومة والعدل والمساواة والمباحثات الجارية الآن بالدوحة مع الحركات الأخرى، أم ما زال في الأمر بقية، و.. و.. و.. وما اذا كان مرور عام - على طلب المثول أو أمر القبض - في خانة الايجابي أم السلبي؟!