ما أن تعلن دقات الساعة عن التاسعة مساء كل جمعة إلا واتجهت أعداد غفيرة من المشاهدين للفضائيات الى قناة «mbc4» للوقوف في انشداه على بعض نماذج مواهب الأمة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج التي يتفنن في عرضها برنامج Arab gots talents الذي نجح في جذب انتباه المشاهدين، وغاص في أعماق الأمة العربية منقبا عن مواهب أبنائها وبناتها. ولا ينقص من قدر البرنامج أن فكرته مستوحاة من برنامج تعرضه إحدى القنوات الأمريكية، وللأمانة فقد نجح البرنامج والقائمون على أمره في الوصول بصورة أو بأخرى الى كشف النقاب عن كثير من المواهب العربية التي كان بالإمكان أن يطمرها النسيان جراء الإهمال وعدم الأخذ بها وعرضها على باحة المجتمع العريضة. وما لفت نظري أنه إلى يوم الناس هذا لم يتقدم إلى البرنامج صاحب موهبة من أرض السودان، ليفتح هذا الواقع المزري شلالا من الأسئلة الحيرى التي تدور في الخلد، والفرد من بني جلدتنا تشده مواهب الغير، ويقينه أبدا أن السودان تملأ ساحاته المواهب الفذة، غير أنها لم تجد من يأخذ بيدها، ويقدم لها الرعاية ويمهد لها الطريق للانطلاق من وحل المحلية التي أوغلت فيه إلى فيحاء الإقليمية والدولية، إذ أنه يصعب على الإنسان تصور بلد في قامة السودان يشكو إلى الله افتقار أبنائه إلى المواهب. فالسودان كما أسلفت غني بمواهب أبنائه، فقط يحتاج لمن يرعاها ويعرضها على الملأ، ويتيح لها الفرصة لتحدث عن نفسها. ولعله يقع على عاتق وزارات الشباب والرياضة والثقافة والفنون عبء كبير في هذا المضمار، ولكن قبل أن تستبين دورها هذا نتساءل هل تلك الوزارات تنهض وتعمل جهدها في رعاية المواهب السودانية ؟ وهل تعلم أن ثمة برنامجاً يعمل على إبرازها بقناة mbc4 ؟ فإن كانت تعلم ماذا فعلت بشأن مواهبنا؟ وإن كانت لا تعلم فهذه دعوة مفتوحة لها لمتابعة المواهب العربية ومقارنتها بالتي نملك. ولعمري إن هذا الاهتمام بالمواهب أيا كان ضربها يجب أن يكون من أولى أولويات العامة والمسؤولين على حد سواء، إذ لا يروق لنا أن نفتقد مواهبنا في مثل هكذا محفل، ونكتفي بالفرجة على مواهب الآخرين وننسى أو نتجاهل ما بيننا من مواهب تضاهيها بل ربما تتفوق عليها. وعلى مسؤولينا إعمال سياسة البحث والتنقيب عن المواهب، عوضا عن انتظار ما يصلها مسخا مشوها، فحواء السودان لم تضن بطنها بولادة أفذاذ في شتى المجالات، غير أنها لم تجد لمواليدها عرائس، فطالتها يد الوأد، وأفل نجمها بعد أن غطتها سحب الإهمال ودخان النسيان. فهل نطمع في رؤية أو سماع ما يسر البال في هذا المجال..؟!