درج جهاز الأمن والمخابرات الوطني منذ العام 8002م فيما أذكر على الاعلان عن حاجته لخريجين يتم توظيفهم كضباط أو ضباط صف للعمل بالجهاز في تخصصاته وفروعه المختلفة، وآخر هذه الاعلانات كان الشهر الماضي، ويعد هذا الاعلان الذي درج عليه الجهاز سلوكاً جديداً لم يُعهد لا في الأجهزة السابقة منذ تأسيس الجهاز ولا في الجهاز القائم حالياً حتى قبل عام 8002م حين بدأ يعلن عن وظائفه لأول مرة، فما حدث قبل ذلك هو أن الجهاز قد تأسس بالكامل من قوائم تنظيم الاتجاه الاسلامي وكانت كل قوائمه وركائزه وقياداته من رجالات ونساء هذا التنظيم أو من يثقون فيهم ويعرفون ولاءهم لهم ويضمنون سيرهم في الركاب، لم تكن هناك إعلانات «توظيفية» بل كانت إستدعاءات تنظيمية شملت حتى بعض عضوية التنظيم المغتربة في المهاجر المختلفة للعمل في وظائف قيادية عليا ووسيطة في الجهاز أو في غيره من مؤسسات الدولة الأخرى، كان هذا هو قوام هذا الجهاز وما زال، ولكن لا بأس إن إختط الآن نهجاً مغايراً في التوظيف بفتح وظائفه عند مداخل الخدمة لكل أبناء الشعب السوداني ليتنافسوا عليها منافسة مفتوحة نظرياً وإجرائياً، ونقول نظرياً وإجرائياً نظراً للتجارب التي خبرناها في مؤسسات التوظيف للخدمة العامة الاعرق من جهاز الأمن في الاعلان عن الوظائف، ومنها لجنة الاختيار للخدمة العامة التي ظلت على الدوام متهمة بعدم الحياد في مهمتها، ولهذا لم يكن مجرد الاعلان عن الوظائف وقبول طلبات المتقدمين كافياً للحكم على هذه التجربة بأنها كاملة الحياد والنزاهة، ويبرئها تماماً من المآخذ والملاحظات التي لم ينفك الخريجون يبدونها على لجان التوظيف للخدمة العامة... ومن هذه الملاحظات ما ذكره لي من جاءني يشكو من ما رأى أنه ظلم لم يقع عليه وحده بل شمل آخرين غيره من قائمة الاحتياط الذين إجتازوا المعاينات السابقة ولكن لم يتم إستيعابهم وهم حوالي أثنى عشرة خريجاً لاستيفاء الربط المقرر من الوظائف الشاغرة، الأمر الذي جعل مدير الجهاز يبعث لهم بخطابات شخصية ممهورة بامضائه الشخصي يمتدح فيها كفاءتهم وصبرهم، وبعد الاشادة بنهج مدير الجهاز ومن قبله اسلوب الجهاز في فتح وظائفه أمام المنافسة الشريفة، يقول محدثي أنه أصيب بالدهشة عندما قرأ إعلاناً جديداً للجهاز يعلن فيه حاجته لوظائف جديدة، علماً بأن المدة ما بين الاعلان السابق الذي إجتازوا معايناته كلها والاعلان الأخير لم تبلغ الشهرين، كما لم تختلف شروط التقديم الجديدة عن سابقتها سوى أنها إستبعدت من المنافسة خريجي العام 7002م واضافت خريجي العام 0102م بدلاً عنهم، ولهذا كان الأفضل توفيراً، للمال العام والجهد والوقت ان تتم تغطية حاجة الجهاز الجديدة من الوظائف من قائمة الاحتياط الذين إجتازوا الامتحان وكل المعاينات لا أن يصدر الجهاز إعلاناً جديداً ويدخل في إجراءات جديدة خاصة وأن نظام قائمة الاحتياط «Waiting list» معروف ومعمول به على نطاق واسع، ويدعم هذا الاتجاه أيضاً أن هناك كثير من الخريجين من أبناء الولايات ولم يأتوا إلى الخرطوم إلا للتقديم لوظائف الجهاز ومتابعة سير بقية الاجراءات ليعودوا بعدها إلى ولاياتهم وفي كل مرة يعانون الامرّين في الاقامة وتدبير مصاريف الأكل والتنقل، فهؤلاء برأي محدثي لا بد على الاقل من الاعتذار لهم جميعاً، فأن يعودوا لأهلهم باعتذار خير لهم من أن يعودوا محبطين بخفي حنين... وأخيراً هذا هو رأي كثيرون من أمثال محدثي فما هو رأي قيادة الجهاز...