التأم في مساء الإثنين 21 مارس من هذا الأسبوع، حفل استقبال كان قد دعا له سفير المملكة المتحدة بالخرطوم بمنزله، ضم هذا الحفل طاقم السفارة البريطانية والمجلس الثقافي البريطاني، إضافة لأعضاء جمعية (Chevening) السودانية وممثلين عن عدد من كبريات الشركات السودانية والمؤسسات الحكومية. والغرض من ذلك اللقاء كان دعوة الشركات والمؤسسات السودانية لتقديم الدعم المالي لمنحة (Chevening) التي تموَّل بشكل أساسي من وزارة الخارجية البريطانية وتُدار بواسطة المجلس الثقافي البريطاني، وقد بدأت هذه المنحة في عام 1983م، وكان قد استفاد منها من ذلك الوقت إلى الآن أكثر من «200» سوداني وسودانية حصلوا على درجة الماجستير من جامعات المملكة المتحدة العريقة في كثير من المجالات كالزراعة والهندسة والقانون والطب والاقتصاد وإدارة الأعمال.. إلخ. وفي الفترة السابقة كانت بعض الشركات والمؤسسات السودانية قد ساهمت مالياً في تمويل المنحة. وكنت شخصياً من أولئك الذين ساعدهم الحظ في الاستفادة من منحة (Chevening) لعام 2005 2006م، وبموجبها حصلت على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي من جامعة مانشستر. وعندما كنت طالباً في جامعة مانشستر كنت أتألم أيما ألم عندما أقابل الأعداد الكبيرة من الطلاب القادمين من دول أفريقية وآسيوية ومن أمريكا الجنوبية للدراسة في جامعات بريطانيا المعترف بها عالمياً بالمستوى الأكاديمي والبحثي شديد التميّز، في حين يغيب وبشكل شبه كامل وجود الطلاّب السودانيين، فجحم المنح والبعثات المتوفرة لغير السودانيين متنوعة ومتعددة، بينما يعاني شباب السودان وشاباته من شحِّ أو شبه انعدام هذه الفرص. إن أهم مطلوبات التنمية في أي بلد هي التنمية البشرية، فالإنسان هو محرك التنمية بكافة جوانبها، ولذا فالاستثمار في التنمية البشرية يجب أن يُعطى الأولوية المناسبة. وبالنسبة لنا بصفتنا سودانيين، فإن منحة (Chevening) يأتي معظم تمويلها من البريطانيين والشركات البريطانية وهنالك للشركات الوطنية للمساهمة المالية في دعم هذا المشروع، ونتيجة لذلك سيزداد عدد الفرص المتاحة لبنات وأبناء السودان المتميّزين الذين يتوقع بحسب المنحة أن يصلوا إلى مواقع قيادية في المهنة التي يمتهنونها أو التخصص في خلال عشر سنوات من تاريخ حصولهم على درجة الماجستير في المملكة المتحدة. وللعلم فإن تكلفة ابتعاث طالب واحد في هذه المنحة تكلف حوالي «20000» جنيه إسترليني. ومن هنا فإني أدعو جميع الشركات السودانية لتفعيل مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، والإسهام إما بتمويل منحة كاملة أو على الأقل ب «50%» إسهاماً منهم في فتح نافذة أمل أمام شباب وشابات السودان المحبطين، ومساعدةً في اختراق حالة العزلة والانغلاق التي تخيِّم على مستقبل جيل كامل من شباب السودان وقادة مستقبله.