ضوابط جديدة في تأجير الشقق المفروشة بالخرطوم والسجن والغرامة للمخالفين    تفسير!!    "الدعم السريع" تدين قصف "الجيش" لشاحنات المساعدات الإنسانية ب "مليط"    صندل: حكومة تأسيس لا تحمل أجندة انفصالية ولا عنصرية    الشرطة توقف 3 متهمين بينهم امرأة بتزوير مستندات أراضٍي بشرق النيل    كَواسي أهْوَاهُ    رئيس الوزراء يثمن تأهل المنتخب الوطني لربع نهائي بطولة أمم إفريقيا للمحليين (شان)    (موسم التسجيلات مع الشعب الخبير )    اجتماع مهم بقاعة محلية الدامر يناقش قضايا البراعم والناشئين بحضور رئيس الهيئة بولاية نهر النيل    تواصل التسجيلات الرئيسية بحلفا الجديدة    وجه العاصمة الخرطوم سيتغير بشكل جذري    تمهيدا لاستئناف النشاط: حصر الساحات والمنشئات الرياضية بمحلية امبدة    من كتاب البلادة وفساد الطوية    اعترفت ببيع ملابسها.. أول ظهور لكيم كارداشيان في برنامج حواري    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    4 حالات تحكيمية مثيرة في مباراة النصر والاتحاد    المؤتمر السوداني يرفض مذكرة تفاهم بين شركة السكر السودانية و"رانج" السعودية    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    أقوال مثيرة لصاحب محل بقالة اشترى منه طفل نودلز وتوفى بعد تناوله    شاهد بالصور.. السلطانة هدى عربي تشعل مواقع التواصل وتبهر جمهورها بإطلالة ملفتة من القاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. طفلة الشهيد محمد صديق تدمي قلوب المتابعين وترثي والدها بقصيدة مؤثرة: (سطر يا زمن وأكتب يا تاريخ إنو محمد قالها من ياتو ناحية)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفلة سودانية تبهر مذيع سعودي بلباغتها وتحدثها باللغتين العربية والإنجليزية بطلاقة والجمهور يفخر بها    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية تحتوي عريسها بحب وحنان ورومانسية وتعتذر له بعد أن قامت ب"رش" الحليب على وجهه والجمهور: (نحنا لينا الله وقعاد المظلة)    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    سوداني في المهجر يتتّبع سيرةَ شخصية روائية بعد أكثر من نصفِ قرنٍ    بعد أن اباها مملحة في مينسك واسطنبول، هل ياكلها زيلينسكي ناشفة في ترمبستان؟    التوسع نحو أفريقيا..إسرائيل تفتح سفارة في زامبيا    اجتماع في السودان لمحاصرة الدولار    على سبيل المزاح.. مقطع فيديو يوثق إطلاق ليبي «أسدًا» على عامل مصري يُثير موجة من الغضب    قائمة الأندية الأوروبية التي اعتمدت على اللاعبين الشباب    وزارة الداخلية المصرية تبعد سوداني خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام    المركزي ينفي صحة الخطاب المتداول بشأن تجميد حسابات شركة تاركو    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام إسرائيل تجاوزت الحدود    انعقاد مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    الشرطة السودانية تشكل مجلس تقصي حقائق حول ما تمت إثارته عن صلة لأحد ضباط الشرطة بخيوط مقتل الطبيبة روعة    شغف غناء الحماس والسيره. الفنان القادم في سماء الغناء الشعبي .بكري الخامسة    مدير عام قوات الجمارك يقف على ترتيبات افتتاح جمارك الحاويات قري    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    أكشن في شارع فيصل.. لص يدهس 3 أشخاص وينهي حياة سودانية أثناء الهروب    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    الفاشر تمنحنا شارة إشارقة الغد المأمول    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغناء الجميل والطرب الأصيل هو ديدن المبدعين في بلادي «1»
يا ليل ابقالي شاهد على نار شوقي وجنوني
نشر في الصحافة يوم 25 - 03 - 2011

٭ إن تحدثنا في مرات سابقة عن الغناء الهابط وأثره في انهيار القيم فإننا اليوم نتحدث عن الغناء الرصين والشعر الجيد ومساهماته في بناء الانسان والانسانية بتحفيز الانسان السوداني نحو القيم النبيلة والمعانى الراقية والشجن الجميل ،وهذه هى مرامي وأهداف النفس السوية والتي تشيع الفرح والسرور بين الناس، وإن ما ينتجه الشاعر فهو شعر حقيقي يحمل صورا شعرية جميلة وما يضيفه الفنان بعد الالحان هو التطريب الجيد والمخارج في الحروف والامتاع في الاداء عبر مكونات صوت الفنان علواً وهبوطاً مع السلالم الموسيقية.
بدأ الغناء بصورة منتظمة من بداية العشرينيات وما لفت الانتباه من مغنين في تلك الفترة الشيخ مرجان، وظهرت في تلك الفترة أغاني الطنبور والرميات وأشهرها رميات ود الفكي القادم من كبوشية.. ثم جاء الحاج محمد أحمد سرور والامين برهان وعبد الكريم عبد الله كرومة وشكلوا فرقة غنائية متفردة تزامنت مع ظهور مجموعة من الشعراء متميزة أمثال ابو صلاح وعبيد عبد الرحمن وسيد عبد العزيز ومحمد ود الرضي.. وكان الفنان عبد الله الماحي القادم من كبوشية أيضاً في تلك الفترة من نجوم الغناء.
وتعتبر الكلمة الرصينة من اولى خطوات العمل الفني الغنائي الناجح.. لذلك نجد أن الحاج محمد أحمد سرور قد شق طريقه لوحده بعد ان ترك الغناء مع برهان وكرومة وذلك باختياره لاجمل الاشعار، وكما يشير الكاتب الصحفي المتميز في سِفره العظيم سرور- سايق الفيات.. ان سرور تعامل مع جهابذة الشعراء في تلك الفترة كمحمد عبد الله الامي ومحمد بشير عتيق وعبد الرحمن الريح.. وأن أغاني سرور قد خلدت في الاذهان.. واغنية يا قائد الاسطول من كلمات الشاعر سيد عبد العزيز والتي يقول مطلعها:
يا قائد الاسطول تخضع لك الفرسان
يا ذو الفخار والطول ارحم بني الانسان
فهذه الاغنية رغم إنه قد مر عليها العديد من السنوات منذ غناها سرور ولكنها حاضرة في ذاكرة مستمعي الطرب الجميل وذلك لجمال الكلمات وجودة الموسيقى ومستوى التطريب لدى سرور ومن كلمات سيد عبد العزيز أيضاً غنى سرور:
من حور الجنان ام انت إنسان الكمال
ام انت الملاك جيت توري الناس الجمال
ومن ابداعات الشاعر ابراهيم العبادي غنى سرور:
برضى ليك المولى الموالي وفيك لازم الصبر الجميل
لو تحول دون قصدي العوالي برضي اغوص في بحوري واوالي
ليك إخراج درري الغوالي وانشي شعري وزجلي وموالي
اشدي وحدي واهدي الحوالي في ثناك قليل يا جميل
إن سرور ابن ودرو شدا بجميل الكلمات وتغنى فأسحر واطرب لود الرضي:
ليالي الخير جادت من المحبوب
نسائم الليل عادت من المحبوب
ومن كلمات ود الرضي غنى:
يلوحن لى حماماتن همن عيني غماماتن
وافكر فيك واتأمل لعبيد عبد الرحمن
افكر فيه واتأمل اراه اتجلى واتجمل
هلالي الهل واتكمل
ما اروع الكلمات وما أجمل دلالاته ومعانيها وإعمال الفكر في الغناء ومستقبل الحب والمحبوبة إنه الغناء الذي شكل وجدان الامة السودانية وانها رسالة الفن تنشد قيم الحق والخير والجمال، إنه سرور عندما يغني صفوت جمالك صافي لعبيد عبد الرحمن أو آنة المجروح لسيد عبد العزيز او اطرد الاحلام يا جميل اصحى او يا سايق الفيات للعبادي.. فشكراً جميلاً لطارق شريف الذي وثق لهذا القامة وعميد الفن السوداني سرور والرحمة للفريق ابراهيم أحمد عبد الكريم الضابط الفنان الذي عملت معه في إخراج برنامج نسائم الليل وقد كان يعجبه اداء سرور ويتحدث عنه بعظمة ويصفه بأنه فنان كبير، وآمل ان يواصل الاخ عوض بابكر بحوثه وكتاباته عن سرور وهو يحمل زخيرة معرفية كبيرة عن الغناء السوداني وقد عملت معه عددا من السنوات في إخراج برنامج الحقيبة بعدة اسماء منها حقيبة الفن أو صدر المحافل وهو باحث ملم بتفاصيل بدايات الغناء السوداني وتطوره..
ولم يكتف الصديق الفنان طارق شريف بالتوثيق لسرور سايق الفيات إنما رفد المكتبة الغنائية السودانية بسفر اخر وهو كرومة كروان السودان وشكراً جزيلاً ابن قلعة ام درمان طارق شريف وانت تكتب عن كرومة عاشق الفن والجمال والموسيقى واجمل مناجات الليل عند كرومة عندما يغني:
يا ليل ابقالي شاهد
على نار شوقي وجنوني
ومن أجمل ما كتب عمر البنا تغنى كرومة:-
زيدني في هجراني
في هواك يا جميل العذاب سراني على عفافك دوم سيبني في نيراني
كما جمعت سرور مع الشاعر عمر البنا:
يا نعيم الدنيا
كيف الحياة من غير ليمك ومن بعدك اصبح حظي زي لون هضليمك
وقد غنى هذه الاغنية صاحب الحنجرة الذهبية عبد العزيز محمد داؤود ، وإن جمال كلمات ادريس البنا جعل ابو داؤود ان يؤديها.. كما ان جمال الصياغة الشعرية جعلت الدكتور الفنان محمد عبد الله الريح ان يختار لكتابه الجميل والرائع عن ابو داؤود (كيف الحياة غير ليمك) إن للكلمة سحرا وجرسا عند الدكتور محمد عبد الله الريح الذي يشده لعوالم جميلة الشعر الجميل وإن الطرب الاصيل لعبد العزيز داؤود جعله من يسهمون برأيهم في الغناء السوداني ويشير في كتابه:
لو أن ابو داؤود ظهر في العصر العباسي لوجد فيه اصحاب صناعة الموسيقى والنغم ضالتهم أو أن صوته يتجاوز حدود الطبقة او الاكتاف أو الديوان الواحد ما اجملك حساس محمد حساس وانت تصف الحنجرة الذهبية لابي داؤود.
وغنى كرومة كلمات الشاعر صالح عبد السيد (ابو صلاح) وصف الخنتيلة، والعيون النوركن بجهرا، وقسم بمحيك البدري، ويا ليل ابقالي شاهد، وخلي العيش حرام، وضامر قوامك لان.. والطرب الاصيل امتد بين كرومة وعدد كبير من الشعراء ومن كلمات محمد بشير عتيق غنى يا ناعس الاجفان وغير شادن الارام، والرشيم الاخضر.. وصدح كرومة لعبد الرحمن الريح ب(جاني طيفه طايف) وغنى كرومة من كلمات سيد عبد العزيز مسو نوركم، وانت حكمة كلمات الرائع محمد عبد الله (الامي) شدا بها كرومة، ودمعة الشوق من كلمات مصطفى بطران اطرب وابكى به كرومة مستمعيه لجمالها وجلالها وانها من الاغاني الخالدة.. والاغاني الجيدة والجميلة تملأ صدور وعشاق الطرب الاصيل في السودان وإن الغناء الجميل ينم عن ذاكرة جمالية لشعرائه ويظهر ثقافتهم واتقاد افكارهم عكس الغناء الهابط الذي ينم عن جهل وتسطيح وعدم معرفة..
ولو سألنا بعض فناني اليوم من مدعي الفن عن كلمة فدياس ومن هو لما عرفوه.. لأنهم يغنون يا الضاغط معاي.. واغنية يا مريا لصلاح أحمد ابراهيم وحمد الريح من علامات الغناء السوداني:
ليت لي أزميل فدياس وروحاً عبقرية
وغناء السوداني جميل جمال من شكلوا ثنائيات غنائية وشاعرية كثنائية الفنان المبدع عثمان حسين والشاعر الفذ حسين بازرعة وانتجا لنا:
كل طائر مرتحل عبر البحر
قاصد الاهل
حملته اشواقي الدفيقة
ليك يا حبيبي للوطن
لشطآنه للثرى الوريفة
انها صور جمالية شاعرية تحمل معاني وريفة وتحمل الاشواق والمعاني والقيم عند الانسان السوداني كما سطرها ذلك الثنائي في عدد من الاغاني المشتركة الوكر المهجور، لا وحبك، وبعد الصبر، من أجل حبي، ليالي القمر، وشجن كلمات ومنها لمتين يلازمك في هواك مر الشجن وذكرتني حبيبي ذكرتني.. وقد كان لقاء عثمان حسين الفنان مع حسين بازرعة الشاعر لقاء للفن وللجمال وكان لقاء هاما لخريطة الغناء السوداني وللطرب الجميل والاصيل وخريطة الغناء السوداني الجيد كلها اشراقات إن كانت بين الشاعر اسماعيل حسن والفنان محمد عثمان وردي أو ان كانت بين الشاعر هاشم صديق والفنان محمد الامين.. فالشعراء السودانيون مجيدون وفنانو بلادي مبدعون.. والفن الجميل من الغناء السوداني يبقى في وجدان الامة، أما الغث والهابط من الرياح فانه يتلاشى.. فلنحيي كل صاحب كلمة حلوة وجميلة وصورة شعرية رائعة وكل صاحب صوت جميل ونواصل مع الغناء الجيد مرات ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.