إن وجدان الامة السودانية شكله الجيد من الشعر والغناء واسهم فيه شعراء وفنانون اصحاب ملكات ومقدرات وموهبة وقد حلق منهم الكثيرون في خارج السودان وفضاء العالم رسلا للأغنية السودانية منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور عبدالقادر سالم ومحمدالامين ومحمد وردي ومصطفى سيد احمد وعمر احساس، وبرغم هذا الجمال إلا ان هنالك غناءً هابطا نسمعه مجبرين في كثير من المواصلات.. وهو ليس بغناء انما تشوهات من بعض فاقدي الموهبة ان كانت شعرية او غنائية.. وان ما يرددونه هو من اوجاع الغناء السوداني.. وخطرفات وخزعبلات من البعض ويريدون ان ينسبوها لمسيرة الغناء السوداني ومسيرة الغناء بريئة من هذا التسطيح والوهم الخرافي ونأمل في معالجات نفسية وجذرية بمعرفة مصادر تكوين هؤلاء الجماعة الذين يدعون الغناء الحديث بكلماته الفارغة. قد يدافع البعض بأن هذه اتجاهات نحو التغيير وانه مدارس فنية جديدة وان هؤلاء شباب يجب ان يعبروا عن انفسهم وان تتاح لهم الحرية في ذلك واقول ان التغيير ليس بسقوط لغوي واخلاقي ولحني وإلا ليعرضوا هذه الاغنيات لمحللين نفسيين ليوضوحوا مدى التشوهات التي تحملها هذه الكلمات، والتي يسمونها اغنيات، واقول ان الغناء السوداني في ازمة عميقة تقف من ورائه جهات تلصق ساقط الكلمات لتقول إنه شعر غنائي وليعزف له بعض الناس ويتم تداوله عبر وسائط تقنية وينتشر في الحافلات والركشات والمطاعم والمقاهي، بل في اجهزة الموبايل وان هذا الغناء كما يقول منظموه فإنه يعمل على انهيار القيم والمفاهيم التي قامت عليها الحياة السودانية فكرا واقتصادا وسياسة واجتماعا، وان هذه الاغنيات استهبال واستغفال باسم الغناء وان دور نقابة المهن الموسيقية وفنانين بلادي الذين يغنون اجمل الألحان واعذب الكلمات كبير في ايقاف هذا الهراء، وان غياب الامن الثقافي يجعل الاغاني الهابطة هي السائدة وان يصبح هابط الاغاني في اية وسيلة من وسائل الاعلام او اي منبر هو جريمة في حق الوطن وجريمة كبيرة في حق مشاعر الشخصية السودانية وان الاستلاب الثقافي يضرب في كل اتجاهات ومكونات الثقافة السودانية ويعمل على تدميرها ومن ضمنها الاغنية السودانية التي تشكلت من قديم الزمان من زمن الطنابرة الذي جاء مع الفنان محمد ود الفكي من منطقة كبوشية، وقد وثق وتغنى في بداية العشرينات الفنان عبدالله الماحي وذهب للقاهرة وسجل اغنيات وكان من اوائل من حملوا لواء الاغنية السودانية وسجل اسمه بأحرف من نور في ذاكرة الشعب السوداني ومحبي الغناء وجاء شعراء وفنانو الحقيبة امثال الحاج محمد احمد سرور، وسرور لأنه يدخل السرور في نفوس مستمعيه وهو اول فنان غنى في افتتاح الاذاعة 1940م، للشاعر على الأمي.. اسمعني نشيدك وريني كمان في الفن تجديدك وقبره بمدينة اسمرا بإرتريا شاهد على الفن السوداني وقد كتب عليه محمد عبدالقادر كرف: سبحت اول ما صدحت مفردا باسم الديار وكنت ابرع من شدا وكل الروائع من اغانيك التي ما زال يسري في النفوس لها صدى يا باعث الفن الاصيل تحية تغشى ثراك وتستهل غمامة تهمي وتسقي بالدموع المرقدا وإنك حقا يا سرور من زمن الفن الجميل والاصيل انت وكرومة وبرهان.. وخليل فرح وابو صلاح والعبادي وعبيد عبدالنور «يا أم ضفائر قودي الرسن».. وقد اثبت شعراء بلادي ان لكل شعر خاصية ولكن بعض الغناء الهابط في هذا الزمان لا يعرف الجابودي ولا الدوبيت ولا النمة ولا الرمية .. واين الاغاني الهابطة من الشعر آه يا المجذوب وأنت تنظم قصيدة سيرة: البنيات في ضرام الدلاليك تسترن فتنة وانبهارا من عيون تلفت الكحل فيهن وأصغي هنيهة ثم طارا السيرة.. نحن جئنا إليك يا امها الليلة بالزين والعديل المنقي نحن جئناك حاملين جريد النخل فألا على اخضرار ورزقا إنه أدبك الصوفي أيها المجذوب وهو يحمل اخضرارا ويا للحسرة استاذ الشعراء محمد المهدي المجذوب وقد صارت القصائد في الاعراس كالآتي: بله يا بله دق الرقم جله بله ود عشه السائق الركشه دق الرقم خشه بالله عليكم هل هذا شعر او غناء؟ وهل هذه لغة ام خزعبلات منحطة تنم عن جهل عميق يعيش فيه بعض مدعي الشعر والغناء... ويا مجذوب ويا كرف ويا شعراء بلادي المحترمين يا من اسهمتم في رسم وتشكيل القيم النبيلة في الغناء السوداني يا ابوقطاطي وانت تكتب المرسال والفينا مشهودة ويقوم بغنائها اساطين الغناء السوداني محمد عثمان وردي وعبدالعزيز محمد داؤود ما رأيكم في: عمليتك ما ظريفه وحركتك جبانه عفواً استاذنا محمد طه القدال، وانت تقرأ مثل هذا ويقال له شعر وأنت تكتب وتوزن وتدوزن اجمل الغناء.. ما ضهبت اقول لقيتك إنت في كل الخواتم والمياتم وعفوا استاذنا الشاعر صلاح حاج سعيد وانت تكتب يا الراقي احساسك ويغينها حسين شندي، لكن هل سمعت بأن هنالك شريطا يسمى انفلونزا السماحة ويتم تداوله في السودان هذا تركيب مريض بانفلونزا غريبة وعجيبة ونحمد لوزارة الثقافة ومنذ انشائها في العام 2010م، ولتحقيق الامن الثقافي انها نظمت مع شرطة المصنفات الفنية حملات لإبادة المضبوطات المخالفة ونحمد لها الحراك الثقافي الفني الغنائي ولكن ما رأي الوزير السموءل خلف الله في البدع الجديدة في ان يأتي الفنانون في كراسي محمولين أو بونش ونحمد للدكتور شمس الدين يونس إنه منع دخول حصان للمسرح القومي وللخشبة تحديدا.. هل كان احمد المصطفى او كابلي او الجابري او زيدان ابراهيم او حتى الكاشف لهم وهم بعض فناني هذا الزمان، انما كانوا متواضعين يحترمون المتلقي ويحترمون الرسالة الملقاة على عاتقهم.. هل سمعت أيها الاستاذ سيف الجامعة وانت عضو فاعل في اتحاد الفنانين بأغنية تقول: بنات بلدي بطفوا النور بناتنا عسل بناتنا حور استاذ سيف الجامعة، ان هذا الكلام سمعته في احدى الحافلات بين الخرطوم وامدرمان وانت استاذ سيف تغني لسيد احمد الحردلو طبل العز ضرب يا لسره قومي خلاص.. ويغني ابوعركي البخيت.. كل البنات امونه يا خرطوم لهاشم صديق... هل من وجه قبيح اكثر من بنات بلدي بطفوا النور وأي بلد ينتمي إليها من كتب هذا الكلام..؟! بنات بلدي يا فخر اوطاني هن بنات الفنان الراقي زكي عبدالكريم وبنات بلدي هن اللائي يغني لهن محمد أحمد عوض ابوي يا يابا ما تقول ليه لا ولسن بنات بلدي من يأتين بكلمات هائفة مثل : ده اسمو شنو وساكن وين كتمتوا نفسه الهواء وينه وبنات بلادي منذ زمن بعيد يغنين أجمل الاغنيات والتي تحمل الدلالات والمعاني نذكر منهن عائشه الفلاتية ويجوا عائدين ان شاء الله عائدين.. ومنى الخير ويا عيون المها والبلابل بنات طلسم حياة وآمال وهادية وهن يغنين قطار الشوق متين ترحل تودينا نزور بلدا حنان اهلا. وحنان النيل تغني ابني عشك يا قماري قشه قشه وسمية حسن تغني يا راية في سيف الفتى المهدي الإمام، وبرنامج اغاني واغاني شدا فيه معظم فناني بلادي بدءا من صلاح مصطفى ومحمود عبدالعزيز ونادر خضر وجمال فرفور ووليد زاكي الدين وكمال ترباس وعصام محمد نور، وكانوا نجوما اختاروا اعذب الكلمات واجمل الغناء واطربوا وشدوا بحلو الالحان وايضا نجوم الغد مع الاستاذ بابكر الصديق لأنه امتداد لبرنامج السر قدور وقد صار الغناء بالنسبة لهم التزاما وقضية فنية في اختيار الكلمات والألحان، وان الاغنية السودانية مليئة بالمواهب.. ورغم ان الاغنيات السيئة تبث عبر حفلات ووسائل تسهم في نشر الجهل لدى العامة ونموذج من ذلك ... يا الراكبه في الروزا والفاتحه بلُوتزا تستقبل في الرسائل وتجرجر في البلوزا وللأسف هذا الغناء الهابط لا تغنيه نساء او بنات فقط انما يغنيه ايضا شباب رجال وكثير هو الساقط ومنه: خلو سيرتي يا ساده غايتو جنس حساده وكلام يا عوض دكام... وأضربني بطبنجتك او مسدسك.. وقنبله وطعني بوراء.. وحرامي القلوب تلب ولقاني بتقلب عفوا شعرا بلادي وشعب بلادي ومغنيي بلادي، ان ما يقال باسم الغناء كأمثال ما كتبته هاهنا هو خطوط حمراء يجب الوقوف عندها، وان لا تصبح مسكوتا عنها فيجب التحرك الفوري والرادع من وزارة الثقافة وشرطة المصنفات الفنية والدولة والشعب والاهالي والاسر وحملة الرأي والفكر وعلماء النفس والتربية والاقلام الصحفية وكتاب الاعمدة الفنية الذين كتبوا كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادي، ويجب ان يواصلوا تشريح وفضح هذه الاغاني الفاضحة والخليعة والهدامة التي تنخر في جسد الامة السودانية حتى لا تصبح مرجعية الشباب القادم في الغناء عند ياتو شيخ كتبتني وزمام غويشه حلق وحجل بنات حواء سابوا الخجل او ان يصير الغناء نمت ودقست.. لأن الاغنيات السودانية ستظل خريطة ثقافية خالية من الترهات والامراض السابقة.. ومنها الكثير من العلامات المضيئة ضنين الوعد وهي من كلمات الشاعر صديق مدثر وغناها الفنان عبدالكريم الكابلي واغنية وطن النجوم وهي من كلمات ايليا ابو ماضي وغناء العميد اي عميدالغناء السوداني الفنان احمد المصطفى، ورحلة بين طيات السحاب لرائد الغناء الحديث السوداني ابراهيم الكاشف. ومن درر الغناء السوداني في محراب النيل كلمات التجاني يوسف بشير وغناء عثمان حسين، ويا مريا للشاعر الكبير صلاح احمد ابراهيم وقد صدح بها الفنان حمد الريح، كما صدح بالساقية لعمر الطيب الدوش وقد غنى وردي لاسماعيل حسن والحلنقي وصلاح احمد ابراهيم، ويظل محمد الامين ايضا من فناني بلادي اصحاب البصمة في خريطة الغناء السوداني الحديث ومحمد مسكين وكل فناني بلادي الصادقين المحترمين في اية جهة ان كانوا اصحاب غناء حديث او شعبي انهم يحملون هم الوعي والثقافة والقيادة والريادة لأمة لها بصمتها في الثقافية الافريقية والعربية. ولكي لا يحدث تشويه وتشويش على الاغنية السودانية بكل تجلياتها الشعرية واللحنية وبتاريخها الطويل الذي يحمل دلالات ومعاني، تحمل قيم الحق والخير والجمال، يجب الالتفات الى الاغنيات الهابطة التي تحاول تشويه بني السوداني بإطلاق هذه الاغنيات في السي دي والفلاش والموبايل والام بي ثري وهي حرب على الغناء الجيد والجميل والملتزم ، وسلام الفنان حمد الريح وسلام زعيم شعراء الاغنية محمد يوسف موسى ...