فيصل محمد صالح يكتب: كيف يتم تفعيل إعلان جدة؟    البليهي يرد على التشكيك في قوة الدوري السعودي    البطل محمد صديق ..هل تم تسليمه..؟    وضع الجيش أفضل عسكرياً وعملياتياً .. وأن مليشيا التمرد تحت الضغط والمضاغطة    مليشيا الدعم السريع يصادر مركبات النقل العام في أم بدة    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يثير غضب الجمهور بعد تغزله وإشادته بالراقصة آية أفرو ووصفها بالإعلامية وساخرون: (أصلاً هي شبهك وأمثالك لا يعرفون الإعلاميات أمثال بنات المغربي)    شاهد بالصورة والفيديو.. سائق "أوبر" مصري يطرب حسناء سودانية بأغنيات إيمان الشريف وعلي الشيخ الموجودة على جهاز سيارته والحسناء تتجاوب مع تصرفه اللطيف بالضحكات والرقصات    ولاية الخرطوم تشرع في إعادة البناء والتعمير    هؤلاء الزعماء مطلوبون للجنائية الدولية.. لكنهم مازالوا طلقاء    شاهد بالصورة والفيديو.. سائق "أوبر" مصري يطرب حسناء سودانية بأغنيات إيمان الشريف وعلي الشيخ الموجودة على جهاز سيارته والحسناء تتجاوب مع تصرفه اللطيف بالضحكات والرقصات    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الثلاثاء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل بوصلة رقص مثيرة وهي تدخن "الشيشة" على أنغام (مالو الليلة) والجمهور يتغزل: (خالات سبب الدمار والشجر الكبار فيه الصمغ)    شاهد بالفيديو.. الناشطة السودانية الشهيرة (خديجة أمريكا) ترتدي "كاكي" الجيش وتقدم فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية "الإنصرافي"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الثلاثاء    مصر.. وفيات بغرق حافلة في الجيزة    قادة عالميون يخططون لاتفاق جديد بشأن الذكاء الاصطناعي    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    رئيس لجنة المنتخبات الوطنية يشيد بزيارة الرئيس لمعسكر صقور الجديان    إجتماعٌ مُهمٌ لمجلس إدارة الاتّحاد السوداني اليوم بجدة برئاسة معتصم جعفر    معتصم جعفر:الاتحاد السعودي وافق على مشاركته الحكام السودانيين في إدارة منافساته ابتداءً من الموسم الجديد    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    الحقيقة تُحزن    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غلوتية إنقاذية:«كاتال في البيت و عقبا كريم في الخلا»!
نشر في الصحافة يوم 14 - 04 - 2011

«يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد » ق آية 30
ذلك المشهد القرآني الرهيب الذي يصور جهنم كوحش فاغر فاه ولا يشبع ، خطر على بالي ليلة أتتنا قناة الجزيرة في يوم الثلاثاء الموافق الخامس من ابريل 2011 بخبر الغارة التي استهدفت سيارة سوناتا في مدينة بورتسودان على بعد 15 كلم من مطار مدينة الثغر فقتلت اثنين كانا يستغلانها تضاربت الأقوال بشأن أصولهما،
ووجه الشبه ينعقد في تلك القابلية اللا متناهية للاستزادة: مزيد من الأشقياء وقودا للنار في حال جهنم والمزيد من العجائب الغرائبية في حال الانقاذ ،فكلما تيقنا أن السوء قد بلغ ذروته ومداه وأنه بحسب قوانين الاقتصاد ما بعد الذروة الا التراجع فلا مجال لمزيد من سوء، يفاجئنا الغول الانقاذي بأن ذلك مجرد ظن لا يصدقه الواقع فلديه دائما المزيد المثير الخطر في الجراب،
في البداية و قبل الولوج في دهاليز ما نناقش اليوم نحب أن نهنئ أهلنا في طول البلاد وعرضها بذكرى رجب ابريل المجيد، الذكرى التي تخبر عن ارادة شعب أراد الحياة فاستجاب له القدر، ونريد بمثلها انعاش ذاكرتنا الجمعية التي تحكي عن شعب معلم لا يقبل الهوان ولا يرضى بالذل ومن غرائب الصدف وسخرية القدر أن أتى هذا الخرق الفاضح للسيادة الوطنية في ليلة ذكرى انتفاضة رجب/ابريل التي كانت في 6 ابريل 1985 ،ربما للتنبيه بمشهد صادم للمشاعر المخدَرة أن حان وقت الجد، فواجبنا الآن ادراك حال الوطن لتداركها وانقاذها من الوحل الانقاذي قبل أن تصير البلاد أثرا بعد عين فلا تنفع حينها ندامة، أما جيش البلاد وقواته المسلحة فعليهم وضع حد للعابثين بملفات البلاد الأمنية من «أمنيين»، تقع نتائج عبثهم مباشرة على أم رأس الجيش المجنح حيث تلتفت اليه الأنظار متطلعة بعد كل اعتداء ينال من أرض الوطن بحره أو جوه أو بره، فان لم يستطيعوا تحمل المسؤولية كما ينبغي ،عليهم خلع البزات العسكرية والتخلص من النياشين والدبابير التي تزين الكتوف دون أن تستطيع رفع الأيادي لرد العدوان وحماية البلاد،نحسب أن كل من يكتب في الشأن العام - بجده انما يرمي لهدفين رئيسيين، اضافة لأهداف أخرى، قد تختلف أغراضها من قلم لآخر، الهدفان هما:
- بذل النصح للقائمين على الأمر بقصد الاصلاح بوسائل تتخذ النصيحة آلية لتحقيق مبتغاها.
- مخاطبة الرأي العام بهدف رفع درجة الوعي و لمناصرة قضية ما.
ومن التجارب التي يعرفها كل من حاول تحقيق الهدف الأول مع حكام السودان الحاليين، يتضح بتيقن أن هؤلاء لا يلقون بالا للنصح، ولا يحبون الناصحين، فهم على دين أبو نواس يرددون:
دع عنك لومي فان اللوم اغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء
وهم على ملته يجاهرون بالسوء :
ألا فاسقني خمراً، وقل لي هي الخمر
ولا تسقني سراً اذا أمكن الجهر
والبيتان يعكسان نفسية تستعصي على النصح والاصلاح، ولا تبالي، وأهل الانقاذ في الشأن الوطني لا يختلفون عن أبي نواس شيئا، وما تزيدهم النصائح غير امعان في الانفراد والعناد،كصبك الزيت في النار !
ولذا نجد أنفسنا باذلين النصح ابراء للذمة ولخدمة الأهداف الأخرى وقد يئسنا من استجابة الحكام للنصح، دعك من نصح السابلة البادئين مثلنا، بل لا يسمعون نصحا حتى من الخبراء الراسخين في العلم وان كانوا من المشفقين المؤيدين دعك عمن يصنفونهم أعداء للانقاذ ،انهم اذن لا يستمعون حتى يلج الجمل من سم الخياط!
نعود للموضوع الذي نريد مناقشته اليوم وهو تلك الغارة التي تم التأكيد من مصادر عدة أنها اسرائيلية ، أما تفاصيلها وأهدافها فحتى تسطيري لهذا المقال لم يتم تأكيدها بمصدر مستقل أو تحقيق جاد تطمئن له النفوس ،وبسبب ذلك «التغبيش» سنحاول تناول الأمر من زوايا تحاول القاء بعض الضوء على المنهج المعوج الذي تدير به الانقاذ الأشياء عوضا عن التركيز على الحادثة بعينها ونتوجه من منبرنا هذا للمختصين والعالمين ببواطن الأمور لفك طلاسمها ،أما هنا في مساحتنا المتاحة هذه، فسيكون تناولنا للأمر بالاعتماد على الوقائع الماثلة والمعطيات التي بين أيدينا.
في تاريخنا الحديث، لم يحدث أن تعرضت المدن السودانية للقصف الجوي«فيما عدا طبعا ما خلدته الفنانة عائشة الفلاتية غناءً في تلك الغارة التي جات تضرب الخرتوم في الحرب العالمية الثانية فأخطأت هدفها وضربت حمار كلتوم ست اللبن» ما عدا ذلك فالغارات الجوية كانت في4 مناسبات:
الأولى :كانت في عهد الشمولية الثانية في عام 1982 حيث أتت طائرة في رابعة النهار وألقت بقنابل ثلاث على مدينة ام درمان، وقعت احداها في مبنى التلفزيون، دون أن تصبه بخسائر فادحة، ووقعت ثانية في بئر في منزل بالملازمين جوار الاذاعة، قتلت اثنين كانا بقربها ،وثالثة في منزل السيد الصادق المهدي ،وقد غرزت في دورة مياه بالمنزل دون أن تنفجر أو تقتل أحدا، بما صوره شاعر الأنصار المجيد العم عيشاب بقوله :
حكاية القنبلة الكظمت شواظ في حشاها
باتت ضيفة الأبطال الصبح ومساها
المناسبات الأخريات كانت كلها في عهد الشمولية الثالثة الحالية:
الثانية:غارة أمريكية على عهد الرئيس كلنتون في 22 اغسطس 1998 والتي استهدفت مصنع الشفاء للأدوية في بحري على اثر معلومات تفيد أن المصنع لتجهيز الأسلحة الكيماوية.
الثالثة:في بداية 2009 حيث قصف سلاح الجو الاسرائيلي قافلة سيارات في مدينة بورتسودان قالت مصادر اسرائيلية انها كانت تحمل أسلحة مهربة لقطاع غزة وقد مات نتيجة القصف أكثر من 100 شخص.
الرابعة: الغارة الأخيرة في 5/ ابريل/2011 و التي أصابت سيارة وقتلت شخصين .
جميع الغارات في عهدي الشمولية«مايو ويونيو» لم تحظيا بالتفسير الشافي أو تقابلا بالرد الدفاعي المناسب ولا حتى على مستوى اعلامي حيث تُدثر مثل تلك الواقعات وتُغلف في عهود الشموليات بحجب السرية ويترك المواطنون نهبا للقلق وغياب المعلومات ، ومما يلفت النظر في الغارة الأخيرة على السوناتا، أن التصدي الاعلامي قامت به جهات غير مأذونة وغير ذات صلة مثل تصريحات وزير الخارجية ووزير الدولة للشؤون الخارجية كمال حسن علي و صاحب الشرطة وآخرين لا شأن لهم بالأمر من زاوية اختصاصية، فالطبيعة العسكرية للاعتداء على الأجواء السودانية كان ينبغي لها أن تثير اهتمام وزارة الدفاع في المقام الأول أما أن ينبري للشرح وزير الخارجية وموظفيها لدرجة تناول التفاصيل الفنية مثل نوع الطائرة وخصائصها ونوع المتفجرات التي وجدت في محل الحدث وحتى«الاحتفاظ بحق الرد» فهذا يعطي رسائل شديدة الأذى للسيادة السودانية فمن ناحية:
يطمئن المعتدين أن الأجواء السودانية بل كل السودان متاح لانتهاكاتهم التي لا تكلفهم الا ثمن الرحلة ذهابا وايابا ومن ناحية أخرى تغري الطامعين بأن هيت لكم لأن أمر مثل هذه الاعتداءات في سودان الانقاذ هو من اختصاص الخارجية وليس الدفاع!
ثم هو يكشف بوضوح مدى حرص هذه الحكومة على ازالة أي سوء فهم قد يخطر على بال الأمريكان أو يكدر مزاجهم ،برسالة فحواها: نحن مسالمون لدرجة أنه حتى استباحة أراضينا و انتهاك سيادتنا هي ملفات تعالجها الدبلوماسية ولا تشغل بال دفاعنا ولا بال العسكريين، وحتى الناطق باسم القوات المسلحة الذي يكثر التصريحات النارية لتهديد المعارضة في الداخل لا ينبس ببنت شفة !فلا داعي لتصنيفنا دولة ترعى الارهاب بعد اليوم!
عندما نستعرض هذا الأمر بصورة أكثر عمقا باستصحاب تفسيرات وزير الدفاع مثلا لأسباب استهداف السودان«من وجهة نظره» لتطبيقه الشريعة وهذا هو التصريح الذي كسر به السيد الوزير جدار صمته عن تفاصيل ما حدث، لا بد من التذكير بأن الجميع اليوم صار مدركا لحقيقة لا يمكن مغالطتها : أن هذا المسخ الذي تحكم الانقاذ بموجبه ليس له صلة بما أنزله الله من شرع، ومن زاوية أخرى ان كان مجرد تطبيق الشريعة يستدعي الغارات الجوية لكانت دول أخرى تطبق الشريعة بحق هي الأحق بالاستهداف والأولى بتلك الغارات وجنسها من دولة«المشروع الحضاري»، وبينما يدّعون مناصرة القضية الفلسطينية بدعمهم لحماس مثلا ، بحثا عن شرعية أخلاقية مفقودة أو ارضاء لكوادر مهووسة تم شحنها بأن دولة الانقاذ هي التي ستقضي على الاستكبار الأمريكي في وجه الأرض وأن صلاح الدين منهم، فهم من سيحرر القدس:نقول من حيث المبدأ على المسلمين مناصرة بعضهم بعضا والقضية الفلسطينية قضية عادلة علينا مساعدة أصحابها بما نستطيع وهنا تكمن مشكلة فنحن في عالم يديره الأقوياء ولأسباب عديدة نتقاصر دونهم في معايير القوة المادية ونحتاج فيه لمعادلة حكيمة نحاول بها عدم انتهاك ما تجعله الأمم المتحدة محرمات بينما نسعى حثيثا لتغيير شروطها والعمل بكل السبل المشروعة من خلال المؤسسات الدولية ومن خلال نقاط قوتنا وما لنا من ميزات تفضيلية باستهجان فظائع العدوان الاسرائيلي، والعمل بكل المتاح سواء عن طريق المقاطعة الاقتصادية وغيرها لكشف ما تفعله اسرائيل في كل المنابر، لكن يجب أن نعلم أن المعطيات في عالم اليوم تضيق علينا فرص التورط المباشر«طالما لم نعلن حربا على اسرائيل لها سبلها» ،وان كانت المساندة المباشرة متاحة لدول أخرى لامكانياتها أو لقربها الجغرافي من فلسطين فالسودان ليس منها ،وفي جميع الأحوال على الدولة السودانية تحديد أولوياتها التي هي حماية شعبها وبلدها أولا ثم تقديم المساعدات للآخرين بما لا يتعارض مع مصالح الشعب وأمن الوطن،فلا مجال أبدا لأي أعمال تورطنا فيما لا تحمد عقباه، ولم يعد في زمن الفضاءات المكشوفة أي مجال لأعمال سرية.
وبمناسبة هذه السيرة التي انفتحت نريد التأكيد مرة بعد مرة أن الانقاذ وطرقها الملتوية هي المهدد الأول للأمن السوداني وليس أي عدو آخر سواء كان داخليا أو خارجيا ، وذلك لأنها تتعامل مع ملفات أمنية في غاية الخطورة دون خطوط حمراء وباستهتار يحيرك ويخيف اللبيب، وباستعراضنا لبعض النماذج التالية سيتضح المعنى الذي نرمي اليه:
- منذ تسنمها للحكم انقلابا على الديمقراطية في 1989 سعت حكومتها الى تأمين النظام المكروه داخليا والمنبوذ عالميا وحمايته عن طريق لملمة كل المغضوب عليهم عالميا والمطرودين من بلدانهم ربما لاستخدامهم ككروت ضغط في الوقت المناسب، ولم يكن هذا التجميع لشذاذ الآفاق في المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي في مطلع التسعينات قاصرا على الاسلاميين لكي نصدق ادعاءات نصرة الاسلام مثلا فقد التأم في الخرطوم شمل، المطلوبين دوليا أمثال كارلوس الارهابي المشهور من منظمة «Terror International» ابان التسعينات.
- ثم هم عندما يشعرون بالخطر يسلمون ما بأيديهم من ملفات ومن بأيديهم من مستضافين لطالبيهم دون أن يهتز لهم رمش أو يؤنب ضمير «التعامل الاستخباراتي مع السي آي أيه وتسليمها معلومات بالغة الأهمية، تسليم كارلوس،طرد بن لادن،،،الخ » مع أنه من المعلوم لكل عابر سبيل أن التعامل مع الارهابيين بايوائهم ثم خيانتهم بتسليمهم لمن يطلبهم خوفا أو طمعا يفتح على الطرف المتورط في مثل تلك المعاملات أبواب جهنم ولهؤلاء الارهابيين وسائلهم في الانتقام وهي وسائل جعلتها طبيعة عملهم اجرامية في الأساس ولو اقتصر الانتقام عليهم لما أبدينا قلقا ولكنه للأسف شر سيعم.
- رصد ميزانية ضخمة للأمن والدفاع بما يزيد على ال 75 % من الموازنة العامة على حساب الزراعة والصناعة والصحة والتعليم ثم عندما تأتي أي «حوبة» للدفاع يتضح أن القوات المسلحة بلا سلاح وبلا أدوار فقد تناقصت البلاد من أطرافها شمالا وشرقا وغربا اضافة للجنوب الذي ذهب «بالرضا» في نيفاشا، وصار واضحا أن تلك الميزانيات الضخمة تسخر الرجال والمال لحماية النظام فما أن تتحرك ذبابة في داخل المدن السودانية تطالب بالحقوق أو تسأل عن الواجبات تنبري لها الجيوش المدرعة التي تستأسد على الجماهير المجردة من السلاح بينما هي في الحروب الحقيقية التي تطلب للدفاع عن الوطن تجدها مثل نعامة ربداء تجفل من صفير الصافر فما أصدق أمل دنقل حين قال:
ان المدافع التي تصطف على الحدود ،في الصحارى
لا تطلق النيران،،،الا حين تستدير للوراء
ان الرصاصة التي ندفع فيها ،،، ثمن الكسرة والدواء لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا ،،،اذا رفعنا صوتنا جهارا تقتلنا وتقتل الصغارا.
- اسناد وزارة بأهمية الدفاع لشخص مثل السيد عبد الرحيم حسين وقد بحثت خلفه في القوقل لأرى سببا مقنعا واحدا يرشحه للدفاع وغيرها من وزارات سيادية المرة تلو الأخرى دون نتيجة تذكر أو انجاز يشفع وفي المقابل نستعرض محطات مثيرة للجدل في سيرته الوظيفية:
- ظل السيد عبد الرحيم حسين ركنا راكزا في كل تشكيلات الانقاذ الوزارية منذ مقدمها متجولا بين وزارة شئون الرئاسة والداخلية التي تولاها في ثلاث فترات مختلفة حتى استقر به الحال وزيرا للدفاع منذ 20/9/2005 بعد استقالته المدوية من الداخلية في 20/6/ 2005 بعد حادثة انهيار العمارة.
- في يوليو 2004 م تم تسليمه ملف دارفور «أثناء توليه حقيبة الداخلية » حيث طفق في تنفيذ المعالجات الأمنية التي لا يفهم سواها فشهد ملف دارفور تدهورا أمنيا وتصاعدا في وتيرة القتال وترد منقطع النظير وهي الفترة التي استوجبت تطور قضية دارفور باتجاه العدالة الدولية وصار الرئيس مطلوبا لدى العدالة الدولية.
- في 2005 أثناء عهده كوزير للداخلية منذ 26/2/2001 كانت حادثة انهيار مبنى المعامل الطبية بجامعة الرباط فمات من مات اضافة للخسائر المادية المترتبة، وقد أورد وزير العدل في بيان صحفي أصدره أنه بموجب قراره المؤرخ 1/3/2005 تم تشكيل لجنة للتحقيق في الحادث برئاسة السيد وكيل وزارة العدل وعضوية عدد من المستشارين وممثلين بالمجلس الهندسي والجهات المختصة.
وقد قامت اللجنة بتكوين لجنتين فرعيتين احداهما للتحقيق الفني والثانية للتحقيق الجنائي، اتضح من التحقيق تجاوزات في المواصفات لا تخطئها العين لكن المسؤولية لم تطل الوزير و لم تجد اللجنة له صلة بالأمر! لكن السيد عبد الرحيم حسين رأى أن «يتحمل المسؤولية الأدبية» حسب تصريحه لجريدة البيان فاستقال وكرمه رئيس الجمهورية واصفا الاستقالة بأنها«استراحة محارب»!
- ثم أسندت اليه وزارة الدفاع في 20/9/ 2005 ،و في 2008 كانت غزوة ام درمان وقد أفلحت قوات خليل في الدخول الى قلب ام درمان وكان رد وزير الدفاع للبرلمان عندما استدعاه للاستجواب :أن دخول القوات الغازية الى ام درمان كان القصد منه استدراجهم ثم الانقضاض عليهم! وقد أعيد تعيينه في الدفاع بعد الانتخابات المخجوجة وفي عهده كانت غارة 2009 ثم التي في 2011 لكن المحير فعلا لما لم يبادر السيد عبد الرحيم حسين بالاستقالة هذه المرات بعد الحوادث السابقة ومسؤوليته فيها مباشرة وليست أدبية «مثل حادث انهيار العمارة» كما قال لمحاوره عمر العمر في جريدة البيان 28/6/2005 ؟الأرجح أن اللجنة وجدت ما يزكم الأنوف في قضية الرباط ففضل الجميع انسحاب السيد عبد الرحيم لبعض الوقت حتى ينسى الناس الأمر وبعد «استراحة المحاربين» يعود مترقيا في الوزارات السيادية.
- ثم تلك التصريحات المجانية التي أطلقها الوزير في الهواء الطلق والتي ينبغي أن يسأل عنها بخصوص ان بلاده تقوم حالياً بصناعة طائرات بدون طيار، وأنها في طريقها لانتاج صواريخ وأسلحة ثقيلة أخرى ، وأضاف محمد حسين في تصريحات أخرى أن بلاده تتجه الى انتاج كافة الأسلحة التقليدية والصواريخ بنحو يحقق الاكتفاء الذاتي، مضيفاً أن عمليات تصنيع الأسلحة المشروعة وصلت الى مراحل متقدمة في أعقاب اجراء ما سماه بالتوطين لكل الأسلحة المشتراة!
- ثم قوله الذي نقلته الرأي العام في سرادق عزاء الشهيدين بعد غارة بورتسودان الأخيرة ، «صحيح نحن عارفين انه ساحل ممتد وطويل جداً جداً «أي ساحل البحر الأحمر»ومن الصعوبة نقدر نسمكره» لكن «بنخلي الحكاية بعد كده ليها ثمن ولن تكون بدون ثمن، وسيكون الثمن فيها غالياً»،فهل سيكون الوزير الذي استعرضنا المحطات السابقة في درب سلكه الوظيفي على قدر المسؤولية ؟
لو أردنا احصاء مثل المحطات السابقة لأعيانا البحث و لما انتهينا حتى الصباح لكن لا شك أن عهده «هو ومن استوزره» هو الأنسب لمن يريد بالسودان شرا.
وسلمتم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.