المسلمية المدينة الصامدة ذات الأثر العظيم في حقب السودان المختلفة من عهد السلطنة الزرقاء والتركية والحكم الثنائي الى سنين الاستقلال الأولى، ومما يرمز لأهميتها التاريخية مكتب البريد والبرق الذي لا يزال مبناه شامخا في مكانه وان كان خاوياً في معناه يصارع الزمن وقد تناثرت من حوله أصوله الثابتة من المنازل وكبانيته التي جار عليها الزمن ذهبت لقمة سائغة الى شركة سوداتل! جغرافياً توسعت المنطقة وانتشرت قراها وظهرت بها العديد من الكنابي وصلت الى قرابة 70 قرية وكنبو، وزاد عدد السكان بالرغم من موضة النزوح نحو الخرطوم الذي صار هاجساً يهدد البنية الاجتماعية والاقتصادية للريف... والسبب تمركز الخدمات في الخرطوم! ومن ضمن تلك الخدمات خدمات البريد التي كانت المسلمية تتميز بها على سائر مدن السودان، وبفضلها ازدهر التعليم والصحة والتجارة والزراعة والخدمات الأخرى. وكان البريد نشطاً بخدمات الطرود والحوالات والتوفير والتلغراف والمحادثات التلفونية، وباستطاعة انسان المسلمية الاتصال ببريطانيا العظمى، وكانت التلفونات في معظم بيوت المواطنين! تدهور مشروع الجزيرة له الأثر الأكبر في تراجع الخدمات بالمنطقة، ونزوح المواطنين وقيام طريق مدني الخرطوم، مع تجاهل سفلتة طريق المسلمية المصدق له من رئيس الجمهورية منذ العام 1993م ولا يزال يراوح مكانه بين ردميات ترابية وخرصانية! ورغم ذلك فهنالك ضوء في آخر النفق، فقد بدأت رياح التغيير تهب على المنطقة، وظهرت ملامح هجرة عكسية بعد أن ضاقت الخرطوم بأهلها، يقابل ذلك نهضة زراعية بدأت بافتتاع قطاع كبير من شباب المنطقة بالاستثمار في مجالي الزراعة وتربية الماشية! ونحن نهدف الى ضرورة استئناف بريد المسلمية لعمله بالشكل المتطور الذي تقوده شركة سودابوست، ومن المعطيات التي تدعم موقف بريد المسلمية أن عدد المعاشيين بالمنطقة يقارب 300 معاشي يعانون من الذهاب شهرياً الى مدني والحصاحيصا، ثم أن طريق المسلمية سيكتمل قريباً باذن الله، وسوق محاصيل المسلمية يعد من أهم الأسواق بالسودان وهناك حركة استثمارية داخل السوق، وقد فتح البنك الزراعي فرعه بالمسلمية، وهناك منطقة للحرفيين قد بدأ توزيعها، فقد بدأت مدينة المسلمية تتعافى من جديد.. فهل سيعود بريد المسلمية كما كان؟ *كلية تنمية المجتمع بالمسلمية