لما يقارب العقدين من الزمان تحتكر حكومة ولاية البحر الاحمر تجارة السكر و يكتنف الغموض وعدم الشفافية هذا الملف طوال عمر الاحتكار الحكومى لهذه التجارة، فهل كان الاحتكار خصماً أم إضافة من رصيد أفقر مواطن فى واحده من أغنى ولايات السودان . إدارة التجارة الداخلية المتفرعة عن وزارة المالية الولائية التى تختص بنشاط تجارة السكر رفضت الكشف عن حجم الارباح العائدة على حكومة الولاية من ريع تجارة تلك السلعة الاستراتيجية لكن الادارة وعلى لسان أحد مسؤوليها فضل حجب اسمه أكد أن الادارة تسهم من خلال تجارة السكر فى مشروع الغذاء مقابل التعليم لكنه فى ذات الوقت رفض تحديد المبلغ أو حجم تلك المساهمة . التجار من جانبهم يرفضون ويقبلون سياسة إحتكار السلعة من قبل الحكومة ويرى عدد من تجار التجزئة أن سياسة إحتكار السكر لدى حكومة الولاية لها إيجابيات وسلبيات فهى من جانب حدت من طمع تجار الاجمالى وقللت من فرص تلاعبهم فى سعر السلعه لكنها فى ذات الوقت تجعل من الحكومة تاجراً كبيراً يضع (طاقيته) قبل أن يضع تجار الاجمالى (طاقيةً) أخرى ثم تاجر التجزئة مثلها حتى يصل إلى المستهلك يكون قد أضيفت إليه ثلاثة هوامش ربحية ، لكن تجار الاجمالى لايرون فى الإحتكار الحكومى لتجارة السكر شيئاً جميلاً وهو ضد سياسات تحرر السوق التى إنتهجتها الإنقاذ منذ قدومها ، لكن بعض الاقتصاديين يرون طريقاً ثالثاً فيه الحل يتمثل فى التحكم المحدود للحكومة فى عملية تجارة السكر على أن تكون خياراً من خيارات العرض وبذلك يحدث التأمين لضمان وجود السلعة بالسعر المعقول ولا تحرم التجار من حقهم فى التنافس والتربح من تجارة السكر . وزارة المالية التى تنتسب اليها إدارة التجارة الداخلية وعلى لسان وزيرها السيد صلاح سرالختم رفضت بصوره قطعية سلوكها أى إتجاه لفك إحتكار تجارة السكر حيث قال : متمسكون بحصر توزيع السكر على إدارة التجاره الداخلية ، وبرر ذلك القطع بقوله : فك السكر للسوق يعنى تسرب حصة الولاية للولايات المجاورة وذلك نسبةً لفرق السعر والوفره ، وأردف قائلاً : إدارة تجارة السكر والتحكم فيها أحدثت إستقراراً فى سعر السلعة وتواجدها بالسوق حيث لم يسبق وأن حدثت أزمات تماثل تلك التى تحدث فى الولايات الاخرى ، وأضاف : أن الادارة احسنت فى إستراتيجيتها فى طرح السكر حسب حاجة السوق . قبل ذلك هنالك بعض الحقائق المهمة التى يجب الوقوف عندها فسعر جوال السكر من إدارة التجارة الى تاجر الجملة يبلغ 157 جنيه ومن تاجر الجملة الى التجزئه 160 جنيه وسعر الرطل للمستهلك 160 قرش وهذه الاسعار لا تقبل المقارنه بأسعار السكر بالولايات الأخرى حيث بلغ سعر الجوال 200 جنيه فى هذه الايام الرمضانيه حيث يكثر الطلب على السكر ، لكن المفارقة تأتى فى السعر فى موسم إنتاج السكر بالمصانع السودانيه حيث ينخفض السعر ليصل 130 جنيه فى الولايات الأخرى بينما يرابط السعر مكانه بولاية البحرالحمر . مواطن البحر الاحمر لا يكترث كثيراً لعدد القروش (الفكه) التى يعيدها التاجر للزبون بعد شراء رطل سكر فبعد (فك) الجنيه يجد أن القرش والقرشين (مافارقه كتير) تماماً مثل عدم إكتراثه للمبالغ و الأرباح التى تجنيها حكومة الولاية من تجارة سكر المواطن الذى أصبح طعم السكر عنده حلواً فى الفم و مراً فى الجيب .