لأهلنا في دارفور مثل يقول «الدنيا أم سفاريك كان ما كتلاك بوريك، أو بالأصح بأوريك» وخلاصة هذا المثل لا تختلف عن ذاك الفصيح الذي يقول «من يعش دهراً يرى عجباً»، والحمد لله قد عشنا ورأينا من العجائب الكثير، خاصة في العشرين سنة الأخيرة وآخر هذه العجائب وليس أخيرها أن موقف جاكسون بقلب الخرطوم سينقلب إلى ميدان للكواريك، تصوروا بعد ثلاثة سنوات ونيف من الصراع والضرب تحت الحزام والملاسنات والمبايعات إلى أن انتهى أمر هذا الميدان إلى شركة كركر وما أدراك ما كركر والمتعافي والكودة وما دار بين هذا الثلاثي من سجالات واختلافات ومغاضبات، يخيل إليك وأنت تراها محتدمة أن صراعاً مثل هذا وبكل هذه الشراسة حول هذا الميدان لابد أنه من المصلحة العامة وسيفرز في النهاية ميداناً جميلاً أنيقاً فسيحاً منظماً يسر الناظرين ويسهل على مرتاديه حركتهم ويمنحهم دفعة من الأمل، وهم يبدأون يومهم بالانطلاق من هذا الميدان، وأنه سيكون من الميادين التي يشار إليها بالبنان وسينضم إلى قائمة الميادين المعروفة على نطاق العالم مثل ميدان الطرف الأغر بقلب لندن، والساحة الحمراء بروسيا، أو ساحة فينيسيا بروما، أو ميدان الكونكورد بباريس، ولكن للأسف بعد كل ما صار بشأن هذا الميدان وما تم هدره فيه أو هبره منه، سيُصار إلى أن يكون محض محطة للكواريك على حد تعبير السيد والي الخرطوم الذي قال بالحرف «سنخلي الموقف ليتحول لميدان تحرير، العاوز يكورك يجي يكورك» أي بمعنى أنه سيتحول إلى حائط مبكي ربما مثل ذاك الذي حرّفه اليهود، كما أنه سيصبح أيضاً مكانا للنقة يلجأ إليه صاحب كل مظلمة وصاحب كل قضية وصاحب أي حق مضاع، يبكي من يبكي ويشتم من يشتم ما شاء لهما البكاء والشتم حتى يجهدوا ويتعبوا من الشتم والبكاء، ليتفرقوا بعدها بسلام دون أن يسألهم شرطي واحد طالما أنهم مارسوا الكواريك داخل هذا الميدان المخصص اصلاً لهذا النشاط المسموح به رسمياً والمصادق عليه ولائياً.... ولكن مهلاً قبل أن تحيلوا جاكسون إلى ميدان للكواريك بعد أن فشلتم في جعله ساحة عامة وموقفا للمواصلات، ولكنه بدلاً من ذلك ورغم المال الذي أهدر فيه والمظالم التي بسببه تعرض لها بعض صغار التجار أصبح مكباً للنفايات وتجمعاً للأوساخ والقمامة، ومرقداً لمياه الصرف الصحي بروائحها النتنة والفوضى الضاربة بأطنابها في أرجائه، فإن الناس يريدون أولاً معرفة ما الذي حدث بالضبط في هذا الميدان؟ وما سبب هذا التخبط؟، اليوم محطة وغداً ميدان للكواريك والله أعلم ماذا سيكون بعد غدٍ ربما أصبح جبّانة هايصة، ثم بعد أن يعرف الناس لماذا صار الذي صار ولماذا كل هذا لهدر العشوائي للموارد الشحيحة أصلاً، ومن المسؤول عن كل هذا الخطل؟، بعد ذلك فلتحدثنا الولاية عن مشروعها القادم لممارسة الكواريك، ولا عزاء لحرية التعبير التي هي عند الوالي كواريك في كواريك...