ترجمة: سيف الدين عبد الحميد تشير كل الدلائل إلى أن السودان الذي يعتبر أكبر دولة في إريقيا سرعان ما سينقسم إلى دولتين إما بصورة سلمية أو بصورة يصحبها العنف. فمن المتوقع أن يصوت الجنوبيون للانفصال من جيرانهم الشماليين في استفتاء تقرير المصير المقرر إجراؤه في يناير عام 2011م. إن الاستفتاء ونتيجته ليسا مضمونين مطلقاً مع تردي الوضع الأمني في جنوب السودان والانتخابات القومية في الشهر القادم التي طرحت مصحوبة بخلل كبير ومع عدم تنفيذ عناصر ضرورية كثيرة لاتفاقية السلام الشامل. الولاياتالمتحدة باعتبارها ضامناً لاتفاقية السلام الشامل يجب أن تعمل على عدة جبهات لدعم التعبير السلمي لإرادة أهل جنوب السودان ومنع العودة إلى الصراع. إن طرفي اتفاقية السلام الشامل حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان لديهما قائمة بالمهام الصعبة لكي ينجزاها قبل استفتاء عام 2011م، فانتخابات الشهر القادم ستحدث على خلفية مناورات سياسية مكثفة للوضع القائم وتوترات متصاعدة بين الطرفين. وفي الوقت الذي وافقت فيه الحكومة السودانية على السماح بالمراقبة الخارجية للانتخابات لكن قليلاً من السودانيين يتوقعون عملية انتخابية موثوقة تحت بيئة أمنية قمعية على نطاق البلاد خاصة في الشمال. إن على حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان أن يتوصلا لاتفاقية حول البنود البارزة لاتفاقية السلام الشامل وحول ترتيبات ما بعد الاستفتاء وذلك لتجنب العودة إلى الحرب. علاوة على ذلك يجب على المجتمع الدولي أن يعمل لإيقاف دوامة العنف الحادث بين المجتمعات في جنوب السودان وهو وضع يهدد الاستفتاء برمَّته. ولسوء الحظ فإن الضغط المستمر من قبل الجهات المتعددة ووحدة الهدف الدولي اللذين تمخضا عن اتفاقية السلام الشامل لم يصحبا تنفيذ الاتفاقية حيث تظل الولاياتالمتحدة هي اللاعب الرائد الخارجي الحقيقي حيال الشأن السوداني في غياب الجهود المنسقة من جانب المجتمع الدولي. وعلى أية حال فإن جهود الولاياتالمتحدة قد أظهرت حتى الآن درجة من إقرار حسن النية في الطرفين خاصة في حزب المؤتمر الوطني، الشيء الذي لم يكن موجوداً. فحزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية توصلا لاتفاق حول النقاط ذات الاهتمام المشترك وذلك بقليل من التسهيلات الخارجية. ولكن مع ما تبقى من تسعة أشهر فقط للاستفتاء تبقت هناك قضايا خلافية كبيرة تقتضي الوساطة الدولية إن كان لنا أن نتفادى العودة إلى الصراع. ومن المتوقع فيما يتعلق بهذه المواضيع أن تقود الولاياتالمتحدة الجهود الدولية لتسهيل التسويات ولتنسيق تصعيد الضغوط والحوافز المتعددة الضرورية لإنفاذ هذه التسويات. ويجب على إدارة أوباما أن تعمل بصورة ملحَّة لدعم الطرفين لتحديد إطار واضح لمجموعتين مميزتين من المفاوضات، هما: حسم البنود البارزة لاتفاقية السلام الشامل والمناقشات التمهيدية لترتيبات ما بعد الاستفتاء. ولكي تنجح المفاوضات يجب أن تعمل الولاياتالمتحدة بمشاركة الجهات المتعددة على ممارسة ضغط هادف على حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للوصول إلى قاعدة مشتركة حول اتفاقية السلام الشامل والقضايا الخلافية التي تصحب جنوب سودانٍ مستقل. وينسجم هذا المدخل مع سياسة إدارة أوباما نحو السودان والتي كشفت عنها في أكتوبر 2009م بيد أن هذه السياسة لم يتم تنفيذها بعد.