ظلت أسطوانة مشروخة ترددها الأحزاب المعارضة كلما وجدت نفسها خارج بيت الحكم تردد دائما ً وبغباء مطلق مقولة (إنقاذ الوطن من الضياع) أو إرجاع الديمقراطية ؟ لكن المدهش في الأمر أن هذه الأحزاب نفسها تساهم في ضياع الوطن وتساهم في تدمير قيم الديمقراطية داخل هياكلها التنظيمية فمنذ الاستقلال ظلت الأحزاب السودانية الكبيرة تتحكم فيها الطائفية وبيوتات معينة لم تستطع أن تخرج أي مردود ايجابي للحياة السياسية السودانية بل ظلت سيطرة النفوذ الطائفي والعقائدي المنكفئ على أهل الولاء فقط لبيت السيادة فقط هو دليل نجاح هذه الا?زاب إذ ظلت معظم القرارات المصيرية التي تتحكم في منظومة الحزب تخرج من السيد زعيم الحزب فقط وما على باقي أعضاء مكتب تنفيذي الحزب المعين الا الطاعة والبصم بالعشرة على قرارات السيد زعيم الحزب وبهذا المفهوم المتخلف في القيادة ظلت نظرة (شخصين فقط ) هما زعيما الحزبين الكبيرين هي التي تقود العملية السياسية في السودان هذه التبعية الذيلية لباقي جموع الشعب السوداني ساهمت في وأد الديمقراطية في السودان بل ساهمت في تخلف البلد تنموياً لأن في كثير من الأحيان تبرز تشاكسات الزعيمين المهيمنين على لعبة السياسة في تأخير أي مشر?ع تنموي ولهذا ظلت السياسة السودانية كسيحة لسنوات عجاف طويلة ؟ في المقابل كان هنالك تسويف وممارسة غير راشدة إذ كبحت أي رأي ناقد واعتبار أي نقد لرأي زعيم الحزب من داخل منظومة الحزب خروج عن الجماعة يتطلب الاستتابة والاعتذار ؟ وإلا فإن المعارض لزعيم الحزب يجد العزل والتشهير به تخويفاً للآخرين لذلك ظلت بطانة معينة تطبل للسادة وتذم كل من يخرج عليهم ؟ في المقابل عندما تجد هذه الأحزاب نفسها خارج الحكم تعمل بكل السبل حتى لو تحالفت مع الاجنبي والاستقواء به لإعادتها للحكم وفي ذلك أمثلة كثيرة (الاستقواء بليبيا في السبعينيات ضد نظام نميري ثم الذهاب شرقا والتنسيق مع دول أثيوبيا وإرتريا ضد نظام الإنقاذ في بدايات عهدها ثم الآن التلويح بالتدخل الدولي وطلب معونة الخارج وذلك للضغط على نظام الخرطوم الحالي فقط لكي تعود هذه الأحزاب للحكم فقط ) أما أسطوانة الديمقراطية وإنقاذ البلد فهي قميص عثمان الذي يرفع عند الحاجة فقط ؟؟بهذه الأفعال والأقوال تتكشف عورة هذه التنظي?ات السياسية أو أحزاب الرجل الواحد فقط وتبين كل مساوئها وعوراتها التي تحاول تجميل نفسها بها وإحاطة زعمائها بهالة من القدسية الدينية ؟إن الشعب السوداني شعب واعي جداً وقد ظل يمد حبال الصبر لهذه الأحزاب علها تتراجع وتعيد ترتيب أولويات الوطن وتعيد هيكلتها الحزبية بما يتوافق مع شعاراتها المرفوعة بالديمقراطية والشفافية ولكن أدركت جموع الشعب السوداني أن الذي ينتظر من هذه الأحزاب جديداً كمن ينتظر أن تخضر الصحراء أو أن يجد السراب ماءاً ؟؟؟ إن الأحزاب المعارضة السودانية لم تتعلم شيئاً من مسيرتها الطويلة فقط هي تعا?د إنتاج نفس الأزمات في تواريخ جديدة ولهذا فإن كل دعواتها تظل فارغة المضمون والمحتوى ؟ في كل العالم يكون هنالك تطوير للحزب ولن تجد في أية دولة تمارس الديمقراطية ولو لفترات يندر أن تجد زعيماً لحزب مدى الحياة أو لعشرين سنة ناهيك عن أعجوبة السياسة السودانية التي يظل زعيم ورئيس الحزب مسيطراً على رئاسة الحزب ومكنكشاً في القيادة منذ الاستقلال لا يفرقه عن زعامته الحزبية الا الموت ؟؟وهنالك شئ آخر إذ يسيطر أبناء الزعيم واهل بيته على معظم المكتب القيادي للحزب والباقون تمومة جرتق فقط؟ أنظر لمكاتب ومجالس الحزبين الكبير?ن وقارن؟؟؟هذه ليست أحزاباً للشعب بل هي أحزاب خاصة لزعمائها وأهلهم وليس للسودان منها الا الاسم فقط ؟ ثم أين زعماء هذه الأحزاب من معاناة الجمهور ؟ هل يتنزل هؤلاء الزعماء الى الشارع والسير مع الفقراء والبسطاء هل دخل زعيم من هؤلاء أو أبنائهم الى الأسواق الشعبية في أية بقعة من السودان وهل يعرف هؤلاء الشعب السوداني جيداً ؟ أشك في ذلك لأن هؤلاء لم يعرفوا الشعب السوداني جيداً .... نعم هؤلاء لم يعرفوا الشعب السوداني لأن هؤلاء وأبناءهم لم يدخل أحد منهم السوق الشعبي أمدرمان ؟ ناهيك عن بقية السودان ؟ فإذا أمدرمان الق?يبة من بيوت هؤلاء لم يعرفوها فكيف يعرفون الشعب السوداني الذي يتشدقون بالعمل له؟ ثم أن هذه الأحزاب عندما فاوضت هذه الحكومة في بادئ الأمر فاوضت أولاً على إرجاع ممتلكات زعمائها التي صودرت وأموال زعمائها التي جمدت وجعلت ذلك المطلب الأول لها ومفتاح المفاوضات والا فإنها لن تستجيب ؟؟؟ عجبي لشخص يقدم نفسه بأنه يطالب بالحق العام ثم يجعل حقه الخاص هو الأهم ثم بعد ذلك تأتي المطالب الاخرى ؟؟؟ ويبقى أخيراً أن الوعود السرابية التي قطعتها هذه الأحزاب عندما كانت تحكم الجماهير لم تلبِ ولو طلباً واحداً منها وظلت حكايات ترو? وونسة طواها النسيان ؟ ثم لا ولم تختشِ هذه الأحزاب وهي تنفخ الروح في هياكلها البالية وتعاود الاطلالة بنفس الموال القديم ؟ السؤال هل الشعب السوداني هذا مومياء محنط أم ماذا تريدون منا يا هؤلاء ؟؟؟ لقد تجاوز الزمن هذه الاحزاب لأنها لن تقدم جديداً ولم ولن يكون لها رصيد ايجابي تستند عليه كما أنها تستنسخ نفس الوجوه القديمة والأقوال والأفعال ... إن عهد الأحزاب القديمة قد طواه الشعب السوداني بوعيه السياسي المتقدم ولن يكون لهذه الأحزاب التقليدية أي أثر في الحياة السياسية السودانية في المستقبل لأن فاقد الشئ لا يعطيه? ....