* قبل ما يربو على العامين كتبت تحت هذا العنوان ونشرته في عمود الأستاذ الهندي عز الدين بصحيفة آخر لحظة الغراء بعدما أتاح لي الأستاذ الهندي مساحة العمود.. وكان الهندي أول من ابتدر الكتابة عند إعفائي من منصبي.. وما كان لي أن أتأخر عن نصرته «ظالماً أو مظلوماً» فهذا من أبجديات الوفاء ورد الجميل الذي لا يحتاج الى تبرير ومقدمات.. ثمّ ان الهندي رجل شجاع لا يخشى في ما يراه حقاً لومة لائم.. وهو صحفي مصادم ومقدام ما بيتخاف عليه عندما كان لا يملك إلا قلمه «السنين» ولسانه المبين فكيف به وقد امتلك نصيباً مقدراً من صحيفة?الأهرام اليوم التي بناها مع شركائه بالجهد والسهر والتعب والنَّضب والمال الذي جناه من عمله وعرق جبينه وخدمة يمينه.. بلا منحة من أحد ولا منة إلا بتوفيق الله اللطيف الخبير.. «الرزاق ذو القوة المتين».. ثُمّ إن كل عيبه عند خصومه ولداته الألداء إنه قد طغى وتجبر.. أو أنه نرجسي «وروحو عاجباهو» طيب مالو فوق عديلو.. فهو صحفي نابه وولد شقي وشاطر. ومتطلع لإرتقاء أعلى المواقع. فمتى كان الطموح عيباً؟! خاصة وإنه لا يطغى ويتجبر على زملائه والعاملين معه بل يُغدق عليهم مما أفاء الله به عليه ويعطيهم حقوقهم على داير الملي? قبل أن يجفّ عرقهم.. ويستعلى على نظرائه في الشركة «حقو قدر حقهم» ويزيد عليهم برئاسة «التحرير» الذي يديره بمهنية واحتراف الشيء الذي حقّق به اختراقاً غير معهود في صحيفة ولديدة كسبت مادياً ومعنوياً وأدبياً وحجزت مكانها اللائق بين الصحف اليومية السياسية وتفوقت على نفسها وغيرها فأصبح رئيس تحريرها رقماً يصعب تجاوزه في جميع المحافل السياسية والإعلامية والثقافية.. ثم لم يحتمل «أعداء النجاح» أن يروا هذا «الولد الشقي» يتقدم باضطراد ويحظى بالتكريم والاحترام ويكسب في كل يوم أرضية جديدة.. فأوعز لهم شياطين الإنس قبل الجن أن يضعوا حداً لهذا النجاح المتصل.. و»يقصقصوا» جناحه ويعصفوا بنجاحه.. ويحدوا من تمدده في الساحات.. وما علموا بأن مكانته في قلوب ونفوس قرائه وزملائه ومرؤوسيه.. وان جميع المسؤولين يبدأون يومهم بقراءة عموده الجهير السيرة «تحية واحتراماً».. فأصدر مجلس إدارة الشركة قراراً بفصله من رئاسة التحرير وهو الهندي «ثالث ثلاثة» لكنهم أسرُّوا النجوى وهم يعلمون بقوله صلى الله عليه وسلم «إن كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان منكم دون الثالث. * إن يفصل المخدّم عاملاً لديه.. مفهوم.. أو أن ينفي الشركاء شراكتهم «معلوم» أو أن يُقسم الورثة تركة مورّثهم.. مشروع. لكن أن يفصل الشركاء «سيد الحق».. وهم قَدَرهَ قَدَرهَ.. هذا ما يحتاج الى فهّامة خاصة وان قرارهم المعيب هذا جاء في غيابه عن تلك الجلسة.. وما لقوا زول يقول ليهم يا جماعة صلّوا على النبي.. ويسألهما هل الاهرام اليوم هي من صنعت الهندي أم الهندي هو الذي صنعها وخلقها ودفع فيها قروشه زيو زيَّهم؟ يا أخوانا يد الله مع الشريكين ما لم يختلفا.. يا اخوانا الهندي ده ممكن يستقيل من رئاسة التحرير ويؤسس أو ينضم?لصحيفة أخرى.. إنتو حتعملوا بالجريدة شنو؟ المصلحة في كده شنو؟ حجم الخلافات بينكم شنو؟ يعني الواحد يشيل يدو يطبظ بينها عينو؟! يا جماعة الصحفيين في البلد كُتار لكن رؤساء التحرير الناجحين شوية.. والصحف عندنا زي البرامج التلفزيونية مرتبطة في أذهان الناس بمقدميها زي برنامج الصلات الطيبة بعد محجوب عبد الحفيظ ربنا يرحمه.. أو فرسان في الميدان بعد حمدي بدر الدين الله يديه العافية.. أو صور شعبية بعد المرحوم الطيب محمد الطيب.. أو الوفاق بعد محمد طه الشهيد.. أو الوطن بعد المغفور له سيد أحمد خليفة.. أو غير قابل للنفي بع? المرحوم عمر الكاهن.. أو أيام الله السبعة بعد الأخ العزيز عمر محمد الحاج عليه رضوان الله ومغفرته.. مع وافر الاحترام لكل من شال الشيلة بعد كل هؤلاء.. قرار معيب.. في توقيت عجيب.. ولسبب مريب.. ولا أزيد حتى لا يتسع الفتق على الراتق. وهذه مهمة الأجاويد.. * للدكتور ميرغني إبراهيم ميرغني كتاب رائع عن دور المنظمات الأهلية في بناء الدولة وقد أثبت فيه ان جامعة هارفارد أعرق الجامعات الأمريكية تدرّس طلابها كيفية حل المشاكل خارج قاعات المحاكم وتتخذ من أسلوب الأجاويد في السودان مثالاً لذلك.. لأن حكم المحكمة قد يرد الحقوق وهنا تنتهي وظيفة المحاكم.. لكنها أبداً لا تصلح ما علق في النفوس جراء ذلك الحكم ويظل الغبن قائماً.. لكن مجالس الجودية تعيد الأمور إلى نصابها وتحقق المصالحة بين الطرفين المتنازعين وتتصافى النفوس وتتعافى القلوب وتسترد الحقوق أو تعفى كلياً أو جزئياً وق? يتحمل الأجاويد بعض الغُرم مهراً للسلام الاجتماعي وإصلاح ذات البين.. انتظاراً لما عند الله، والله عنده حسن الثواب وحسناً فعل الهندي بالصفح عمّن ظلمه وهذه بادرة حميدة تفتح الباب للأجاويد حتى يكملوا مهمتهم بنجاح. * الحسادة في.. والحماقة.. والطمع في.. والشيطان في.. لكن بالمقابل السماحة في.. والعقل في.. والقناعة في.. والرحمن في.. والدنيا كلها بخيرها وشرها الى زوال.. العجز في.. والموت في.. ولا يبقى غير العمل الصالح.. ولا فائدة تُرجى من نشر الغسيل القذر غير الشماتة.. ولا داعي لشخصنة الأمور التي تنأى بصاحبها عن الموضوعية.. وطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس.. وعينك إن أبدت اليك معائبَ فصنها وقل يا عيني للناس أعين.. وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسن.. رحم الله الإمام الشافعي.. تهنئة خاصة للاهرام اليوم وقد احتفلت بالأمس بعيدها الثاني وأضاءت شمعتها الثالثة.. يقول المثل الكردفاني الشعبي «بُرمة الشراكة ما بتفور»!! وهذا ما أكده مجلس إدارة الاهرام اليوم.. فماذا لو تركنا «البُرمة» لشخص واحد حتى تفور ويفيض خيرها على الشركاء بعد ذلك.. وهذا هو المفروض.