التغيير بات هو اللغة السائدة والاكثر تداولا ليس علي نطاق انظمة الحكم كما يحدث في المنطقة العربية، ولكن على صعيد الموروثات والعادات والتقاليد السودانية التي بدأ الكثير منها ينزوي بعيداً ويتلاشى متواريا عن الانظار، وفي طريقه ليصبح ذكريات جميلة تسرد للاجيال القادمة، والكثير من الاشياء الجميلة لم يعد لها وجود، وذلك بداعي التغيير الكبير الذي طرأ على واقع الحياة السودانية التي تأثرت بالكثير من الثقافات الواردة. ولعل من اكثر الاشياء التي اجتاحتها رياح التغيير، طقوس مناسبات الزواج في السودان التي كانت عبارة عن مهرجانات من الفرح تمتد أيامها لفترة ليست بالقصيرة تسبق يوم المناسبة، وتتمثل في التجهيزات المعروفة التي تتولي امرها النساء، ولكن اخيرا ظهرت «موضة» تأجير نساء للقيام بهذه الطقوس من «دق ريحة» وخلافه، حتى وصل الامر الى تأجير من تقوم باعداد «المرارة». وهذا التغيير الكبير تباينت حوله الآراء. «الصحافة» التقت بعدد من المواطنين لمعرفة أسبابه، وترجع أماني فاروق عدم التفاف الاقارب والجيران حول المناسبات الاجتماعية، الى الظروف الاقتصادية التى جعلت المرأة تخرج من المنزل للإسهام من أجل العمل لتخفيف اعباء المعيشة على الرجل. وتضيف: وبالتالى اصبح الأمر خصماً على الاسرة والجيران والمجاملات الاجتماعية، ولم يتوقف الامر عند هذا، وانما ظهرت شفونية وتباهٍ فى الزواج، ويتمثل ذلك في استئجار امرأة تقوم بجميع ترتيبات الزواج، بل حتى منزل المناسبات لم يكن كالسابق، ففي الماضى كان يتجمع الاهل والجيران قبل شهر فى منزل العروس، وذلك لتجهيز كل ما يتعلق بالزواج ابتداءً بالعطور السودانية وغسل الأواني المنزلية ونظافة وصيانة المنزل، كل ذلك وسط ترديد أهازيج الفرح بالدلوكة بالغناء السودانى، والآن بظهور محلات الافراح للمناسبات فإنها قضت على الجانب التكافلى، ولم تعد مظاهر الافراح مثلما كانت في الماضي. أما المواطنة مدينة كرم الله فقد اكدت ان التعاون والتكافل فى الاحياء الشعبية مازال موجودا في المناسبات، مشيرة الى ان التغيير الذي حدث محصور في احياء الاثرياء وليس كل الحياء، وقالت إن طقوس الزواج مازالت ماثلة في الولايات وعدد كبير من احياء العاصمة، غير أنها اعترفت بظهور تغيير طفيف طرأ على الواقع السوداني، مرجعة الأمر الى التأثر بما يحدث في الخارج الذي تنقله الفضائيات، واصفه هذا بالتقليد والبوبار. فيما دافعت سهى الطيب عن تأجير نساء للقيام بتجهيزات المناسبات، وقالت ان ذلك يأتي كسباً للوقت وتقليلاً للتكلفة ومن اجل التجويد، نافية ان يكون ذلك بوباراً او تقليداً، وقالت: من طبيعية الحياة التغيير، ومن الطبيعي أن تحدث مستجدات في تجهيزات الزواج وغيرها من المناسبات. وفي تقديري ان هذا امر اكثر من عادي، وكل انسان يفعل حسب استطاعته، وفي النهاية التقاليد والعادات السودانية محفوظة ولا تتغيير.