الناشطة بالمنبر العام بالموقع الإلكتروني السوداني الشهير سودانيز أون لاين، ميادة كمال، فتحت بوستاً فتح عليها أبواب جهنم وعاصفة من التعليقات الناقدة والساخرة على مقترحها العجيب الذي حمله هذا البوست الذي لم يسر حتى أصدقاءها والمتوالين مثلها مع الحكومة وحزبها الحاكم، الذين كانت تجد منهم المناصرة فيما تكتبه نصرةً للحكومة، فما فتحت ميادة التي تعمل بالأمانة العامة لمجلس الوزراء بوستاً إلا لمدح الحكومة أو قدح المعارضة، ولا أدري لماذا تفعل ذلك هل بسبب المحافظة على وظيفتها ونيل رضا رؤسائها عملاً بمقولة "دعوني أعيش" بحسبانها موظفة في "بيت الضبع" أم لأنها من أهل غزّية إن غووا غوت معهم على قول الشاعر؟، وعلى كل حال، ذلك حقها واختيارها الذي يحق لها أن تعبر عنه كما تريد وبالشكل والطريقة التي تحب، ولم ولن نناجزها فيه أو ننتقد حبها للحكومة والحزب الحاكم والنظر إليهما بعين الرضا التي هي عن كل عيب كليلة، ولكن أن "تتشالق" عزيزتنا ميادة تعبيراً عن حبها وموالاتها للمدى الذي يحط من قدر إحدى القيم الأساسية هي حرية الصحافة فذلك ما يجعلنا نقول لها حسبك ومكانك، فأنتِ بهذا الاقتراح العجيب ولا نقول الساذج رأفةً بك، قد فقدتِ احترام الصحافة ولم تكسبي جانب الجهاز الذي لا أشك في أن ضباطه قد سخروا أيضاً من اقتراحك السطحي العجيب، فهم أعرف وأذكى منك في كيفية أداء عملهم الرقابي على الصحف وفي غنىً عنك وعن اقتراحاتك المهببة. وتقترح ميادة التي مادت وحادت عن الحق وهي تحسب غافلة أنها تحسن صنعاً، على جهاز الأمن بدلاً من مصادرة الصحف وإيقافها، أن يحجز الصحيفة بعد طباعتها لمدة ثلاث الى أربع ساعات ثم يطلق سراحها بعد ذلك، ووقتها يكون قد فاتها السوق فتتكبد خسائر فقدان عوائد التوزيع والإعلان معاً، ومع تكرار مثل هذا الإجراء لعدد من المرات المتتالية فإن أصحاب الصحف لن يجرأوا بعد ذلك على نشر أية مادة ترى فيها السلطات الأمنية مساساً بالأمن القومي أو تعدياً للخطوط الحمراء، ويكون الجهاز بذلك قد قفل الباب أمام المعارضين "عشان ما نجيب النقة للحكومة وما يلقوا ليهم جنازة يشبعوا فيها لطم، ويشككوا في الحريات اللي مانحاها الحكومة"، فانظر أعانك الله وإيانا إلى مثل هذه الشلاقة التي تذكر بحكاية شافع الرباطاب مع أحد الشليقين. قيل إن الشافع جلس أمام باب دارهم وهو يبكي بحرقة، مرَّ به واحد شليق فوقف أمامه وسأله مالك بتبكي؟، قال أمي دقتني، قال الشليق وأمك دقتك ليه؟، قال الشافع عشان زي نوع شلاقتك دي، وهكذا كان حال ميادة التي جلبت عليها شلاقتها كل هذا الكم الكبير من السخرية والتهكم على مقترحها الفطير الذي لا يستحق التعليق عليه سوى بالقول لقد كان الجهاز أشطر فقد جرّب وصفتك العقابية هذه لمرات قليلة ثم تخلى عنها، وانتقل إلى الوصفة السارية الآن، ثم إن الجهاز لا يمارس عمله بهذه البساطة ولا يكشف عن أسبابه ولا أهدافه بهذه المباشرة، ولو كان قلبك على الجهاز فهو أقدر، أما إذا كان على الصحافة، فقد جاء قولك أبتر وأشتر، فلا طلتِ بذلك بلح الشام ولا عنب اليمن، وهذا مصير كل شليق...