الآن تتدثر الأمة ثوب الحداد ، والكل يعزي نفسه وبعضه البعض ، والاحساس بالفقد يظلل الجميع ، فالفقد فقد أمة ، والدموع دموع شعب ، والحزن حزن وطن والفقيد حكمة الأمس التي أصبحت عبرا للغير ودروسا ثرة ينتظرها الوطن بالحاح وحاجة ورغبة . ورغم كل ذلك يبقي الإيمان بحقيقة الموت صلبا لا يحتاج لبرهان و الدموع والنواح والحزن مباحات للمتوشح بالفقد المرير ! حق المواطنة الذي ناضل من أجله محمد ابراهيم نقد أوجب كل ذلك الحزن الوطني على رحيله المباغت لأن مسيرته لم تصل مداها بعد وبنيانه لم يكتمل وأعضاءه في حالة تنافر مصطخب واستقطاع مميت تحتاج معاول البناء التي تهزم أيادي الخراب والبعثرة . فقد كان نقد ساعدا ناصعا من سواعد الأمس التي رحلت وهي تواصل العمل الدؤوب من أجل الوطن والإنسانية . لم يكن ليوقفها غير الموت فهي أقوى من الديكتاتور المدجج بكل أسلحة السلطة المدمرة وأصلب من جبروت الطاغية الشرس ، وأكبر من صغارة الفاشي وأساليب بطشه ! رجال بناة أمم في مواجهة هادمي الأوطان ، عمموا الخاص مواجهة لخصخصة العام ، فصارت حياتهم ملكا لشعوبهم التي جعلوا من أنفسهم مصدات لكوالح الدهر عليها ! ذهبوا وتركوا خريطة طريق النضال والكفاح من أجل إنسانية الإنسان في وطنه ، وحقه في العيش الذي يسمو بإنسانيته ويرتقي بها في مدارج السمو والعزة اللامحدودة في هذه الفانية ، توشحوا سلاح المرحلة بكل موجباته واستحقاقاته فكان اختفاؤهم حدثا يباهي سطوعهم ، حتي أصبح الاختفاء وجودا ، وعدم الظهور لا يحجب الرؤية الا عن العيون التي بها غشاوة ، وفي كل الحالات تولد للإنسانية عبر وآليات لمواجهة الباطل وقهره ، ذلك هو العطاء الذي لا ينضب ولا يكف ، الدرس الباقي علي مر الحقب ! هكذا تولد أدوات الكفاح من رحم المسيرة الكبري نفسها لتحقق للوطن الشامخ الوطنية المعافاة . كل ذلك يتم عبر المعاناة الهائلة المطلوبة مهرا مستحقا للأوطان حتي تصير المعاناة مصدر الرضي المرسوم ابتساما علي وجه الفقيد وعلي جبينه تقرأ المعاناة نفسها حقا واجب السداد للوطن ، خاض غمارها واعيا بالدور المطلوب للنهوض بالأمة ومتزملا بالارادة ! لقد تعلمنا منهم أن الاختلاف في « الفرعيات « مشروع عندما نقف جميعا علي ثوابت الوطن ، صونا لحرماته وإعلاءً لشأن المواطن واحساسه بالحرية وحثه علي السعي الشريف والبذل الذي يسمو ويرتقي بالوطن والمواطن معا ، بذلك وحده يبقي الوطن ماعونا واحدا للتلاقح والانسجام ، وطن شامخ ، وطن عاتي ، مستعصيا علي النوازل المتربصات ! العزاء ملء القلب المجروح بمرارة رحيل القائد نقد للأمة السودانية قاطبة ، لمستودع الإنسانية السمحة وللوطن الحر المرتجي ! *وزير الشباب والرياضة بولاية الجزيرة