خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    هل رضيت؟    موقف موسى هلال يجب أن يسجل في دفاتر التاريخ    الخال والسيرة الهلالية!    الدعم السريع يغتال حمد النيل شقيق ابوعاقلة كيكل    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    وصول البرهان إلى شندي ووالي شمال كردفان يقدم تنويرا حول الانتصارات بالابيض    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    بمشاركة أمريكا والسعودية وتركيا .. الإمارات تعلن انطلاق التمرين الجوي المشترك متعدد الجنسيات "علم الصحراء 9" لعام 2024    تراجع أم دورة زمن طبيعية؟    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تطرح أغنيتها الجديدة في يوم عقد قرانها تغني فيها لزوجها سعادة الضابط وتتغزل فيه: (زول رسمي جنتل عديل يغطيه الله يا ناس منه العيون يبعدها)    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيب مصطفى ومحجوب محمد صالح : عام علي إنفصال الجنوب

نقلب هنا اوراق مرور عام على ذهاب الجنوب في حال سبيله، وننظر للمسألة من خلال زاويتي نظر أو رؤيتين يمثل الأولى منهما الاستاذ محجوب محمد صالح ومبتدأها ان الجنوب نال استقلاله وخبرها انه ينبغي التعامل مع الأمر الواقع كما هو والبحث عن ما يجنب البلدين شرور المزالق واعتبار ان القضايا العالقة هي نفسها قضايا حسن الجوار التي يحسن بنا ان نترفق في معالجتها ونتعهدها بالمرونة ونبعدها عن الشطط، ويمثل الثانية المهندس الطيب مصطفى ومبتدأها ان السودان هو من استقل وانفصل عنه السرطان الذي كان يعيقه عن التقدم وخبرها ان من كان مريضا فعليه ان يمر بفترة نقاهة كما حال السودان الآن وأنه لا سبيل الى جوار آمن والحركة الشعبية تحكم الجنوب بمشروعها الاستعماري الذي يستهدف السودان، اما القضايا العالقة فلا سبيل الى حسمها الا بالقوة.
وإن كان لا بد ان نعرف بصاحبي وجهتي النظر، فالأول رئيس لجمعية الأخوة السودانية (الشمالية الجنوبية) ورئيس تحرير صحيفة الأيام، والثاني رئيس منبر السلام العادل ورئيس مجلس ادارة صحيفة الانتباهة:
الطيب مصطفى
السودان لم يخسر والجنوب غرق
استأصلنا السرطان ونعيش فترة النقاهة
{ بعد مرور عام على افتراق البلدين هل كان ما حدث انفصالا للجنوب أم استقلالا له عن الشمال؟
نحن نسميه استقلال الشمال الحقيقي، كنا نقول إن استقلال 1956/1/1م منقوص لأن جزءاً من الوطن لم يحتفل به بل اعتبره استعماراً جديداً، قالوا استبدلنا استعماراً باستعمار، بل كانوا أقرب إلى الاستعمار الأول من الثاني لأنهم كانوا يحبون الانجليز متيمين بهم ويكرهوننا نحن، لذلك لم يكن ذاك استقلالاً لكل الوطن، وبالنسبة لنا في منبر السلام العادل كان استقلالاً منقوصاً لأنه لم يحقق السلام ولن يحقق السلام، المشكلة بدأت في أغسطس 1955 ما عرف بتمرد توريت حيث اشتعلت 13 مدينة ومركزاً في وقت واحد واستمرت الحرب إلى يوم الناس هذا، لذلك كان استقلالاً لم يحقق السلام وفيه تنازع على الهوية، فالجنوب يكره هوية الشمال ويعتبر أبطال الشمال مجرمين يسمي المهدي وعثمان دقنة والزبير باشا بتجار الرقيق، أي استقلال هذا إذا كان الناس لم يتفقوا على ثوابت، ما هي المناهج الدراسية التي تدرسها لأطفال الوطن الواحد إذا كان أبطالنا في الشمال يعتبرون خونة وتجار رقيق ومجرمين، اختلاف حول الهوية والتوجه والبوصلة اختلاف حول كل شيء وفي كل شيء عبرت عنه دولة الجنوب بأن ذهبت إلى اسرائيل كأول دولة تزورها وهي الدولة التي يحرم دخولها بالنسبة للشمال. نحن شعبان مختلفان في كل شيء، لذلك لا يمكن الجمع بين القط والفأر والليل والنهار والشحم والنار في وطن واحد. هذا استقلال حقيقي لنا لأننا تبنا ورجعنا إلى أنفسنا واتفقنا حول هويتنا وحددنا وحسمنا أمر الهوية..
{ هل حقق استقلال السودان وانفصال الجنوب كما تقول النتائج التي تتحدث عنها؟
- ليس كلها، حقق كثيراً منها، أولها ان القضية الأساسية حسمت وهي قضية الهوية..
{ حسمت كلياً؟
- نعم كلياً، الآن 97% من الشعب مسلم، ولا يمكن لمسلم أن يرفض شريعة الله سبحانه وتعالى مثلاً، وهناك أقلية أقل من 3% وهذه لا يمكن أن يعتد بها وهي موجودة في كل مكان في العالم، ولكن لم تتوقف الحرب نتيجة لأخطاء المؤتمر الوطني، ولا تسألني لماذا لم تتوقف الحرب وقد قلتم بأن الحرب ستتوقف بانفصال الجنوب.
{ ها آنذا أسألك.. طالما أن توقف الحرب كان أحد النتائج المرجوة؟
- لأن من نفذ نيفاشا ليس منبر السلام العادل ولو كان حاكماً لما حدث ما يحدث من كوارث، لما سمحنا للجيش الشعبي أن يظل في الشمال والاتفاقية تقول إنه كان ينبغي أن ينسحب بينما سحبنا الجيش السوداني، ولولا هذا لما مكَّنا الجنوب من دخول الحرب لأننا كنا سنكون موجودين في أرضه مثلما أنه موجود في أرضنا..
{ أي انك ترى أن الانفصال كان فكرة صحيحة والخطأ كان في التنفيذ؟
- التنفيذ خطأ بل نيفاشا نفسها كانت خاطئة..
{ ألم يخسر الشمال بانفصال الجنوب؟
- بعض الناس سيقولون لك خسرنا البترول مما تسبب في الفجوة الاقتصادية ولكني اعتبر هذه فترة النقاهة التي تعقب الشفاء، فبعد خروج المريض من المشفى لا يشفى مباشرة وانما يوصى أن يظل أياماً حتى يستكمل عافيته لأن آثار المرض ما تزال موجودة.
{ أنت تعتبر الجنوب مرضاً ولم يخسر السودان غير المرض؟
- المرض هو الوحدة بين القط والفأر هو السرطان، وآثار فترة النقاهة مرت بها أية دولة انفصلت ارتريا فقدت الامتداد الكبير ووجودها ضمن دولة كبيرة واثيوبيا فقدت الإطلالة على البحر، صربيا فقدت البحر والجبل الأسود أصبحت 620 ألف نسمة، فهناك آثار جانبية للدواء ولكن لا يمكن ترك الدواء خوفاً من الآثار الجانبية ونترك المرض يفتك بالجسد، وأنا أظن أن السودان سيتعافى بعد أن حسمت الهوية.
{ ألا ترى أية خسارة؟
- لا أرى غير الخسارة الاقتصادية وهذه اعتبرها فترة نقاهة سيتم تجاوزها، وهناك الآن محاولة لاستجماع القوى للانطلاق بعيداً عن السرطان الذي كان يؤذينا.
{ ما هو تقييمك لمسيرة عام من الانفصال؟
- الحرب ظلت مستمرة والعداء مشتعلاً الأزمة الاقتصادية تفاقمت في الشمال والجنوب ولم يحدث خير أصلاً بين البلدين خلال هذه السنة تبين تماماً العداء الذي يضمرونه للشمال وأنه عداء أصيل وموجود في أنفسهم ويريدون أن ينتقموا ويثأروا... وأنهم ينطوون على عداء قديم منذ 1955 ونفس العداء القديم يتجدد حتى الآن.
{ كيف يمكن معالجة هذا؟
- أن تنتزع الحركة الشعبية وتأتي حكومة....
{ فقط العداء التاريخي الذي تتحدث عنه لم تبدأه الحركة الشعبية فقد جاءت إلى الوجود في 1983م وانت تتحدث عن داء بدأ في 1955م؟
- لكنها مستمرة في العداء، وأضرب لك مثالاً، سلفاكير الذي لا علاقة له البتة بتمرد توريت 1955م عندما جاء بعد نيفاشا احتفل وأحيا يوم 18 أغسطس 1955 واعتبره يوم قدامى المحاربين يحتفلون به كل عام، ثم أن الحركة تحمل مشروعاً عدائياً بينما هناك آخرون لا يحملون مثل مشروعها الاحتلالي مثل جبهة الانقاذ الديمقراطية وحزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي، أما هؤلاء فالحقد يعمي بصيرتهم وبصرهم عن التصرف السليم ويجعلهم ينتحرون فحتى لو مات الشعب جوعاً لا يهمهم وإنما يهمهم أن يؤذوا هذا الشمال الذي يحقدون عليه فأي حزب يفكر تفكيراً عقلانياً سيفكر في اطعام شعبه وفي تنمية بلاده واقامة دولة ذات حكم راشد، هؤلاء ليسوا طبيعيين هؤلاء حاقدون.
{ إذا سألناك عن مكاسب الجنوب.. ماذا تراه كسب؟
- الجنوب كسب دولته، كسب أشواق الجنوبيين منذ فترة طويلة من الزمن، منذ جوزيف اودوهو واقري جادين الذين كانوا يتغنون بأنهم ليسوا من هذا الوطن، واشواق من يقولون انهم مواطنون من الدرجة الثانية، خلاص الآن ذهبوا ليصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى، كانوا يعتبروننا مستعمرين، باقان عندما خرج قال وداعاً للعبودية وداعاً لوسخ الخرطوم، يشعرون بأنهم حققوا اراداتهم واستقلالهم، خلاص، هذا ما كسبوه، انتهت النقة كدي النشوفهم بعد دا حيعيشوا كيف، مع أنني أعلم تماماً أن التهميش في الجنوب أكبر بكثير مما كانوا يشكون منه في الشمال لأن قبيلة واحدة تستأثر بكل شيء وباقي الشعب مهمش، والآن ابادة للقبائل المستضعفة ابادة للمورلي والقبائل الاستوائية، جوع، الآن عشرات الآلاف المساجين في السجون الجنوب الآن في حالة جوع وفقر شديد وفساد، ولكننا نقول الآن خلاص ذهبوا لدولتهم..
{ لماذا برأيك لم نحصل على الانفصال مع السلام؟
- للأخطاء التي ارتكبها المؤتمر الوطني هو الذي مكنهم من احتلال جنوب كردفان والنيل الأزرق، قبل نيفاشا جون قرنق لم يكن لديه غير 5% من جنوب كردفان نيفاشا أعطته 45% وكذلك في النيل الأزرق وأعطته والي في ولاية ونائب والي في الأخرى، وفي أبيي التي هي جزء من الشمال ما كان ينبغي أن يسمح بالتفاوض حول ذرة من الشمال.. نيفاشا حولت النصر العسكري في ميدان القتال إلى هزيمة، هذا نتج عنه مع التطبيق السيء والمنبطح الوضع الحالي، لم يكن للحرب أن تندلع أصلاً في الشمال إذا كانت نيفاشا لم تكن بهذه الصورة أو إذا كان التطبيق جيداً.
{ القضايا العالقة الآن أمر واقع هل لديك وصفة لمعالجتها أو حلول تقترحها؟
- إذا كانت الحركة الشعبية تعمل على انفاذ مشروع السودان الجديد فعلى الحكومة أن تعمل لاقتلاع الحركة الشعبية، وليس صعباً اقتلاعها، لأن هذا بيت الداء ورأس الافعى موجود في جوبا، ولا يمكن للشمال والجنوب أن يتعايشا طالما أن الحركة الشعبية تحكم الجنوب لأنها تحمل مشروعاً احتلالياً استعمارياً فالحل أن تزيح الحكومة الحركة الشعبية وينبغي أن تكون هذه هي الاستراتيجية طالما أن الحركة لا تريد ازاحة حكومة الخرطوم فقط وإنما استعمار السودان.
ثانياً، ينبغي أن تحرر أرض السودان، من المسؤول عن اغتيال بلندية وأصحابه الآن، لماذا احتفلنا بهجليج قبل أن نحرر كاودا، أيهما أهم هجليج (عشان البترول يعني) أم كاودا عاصمة التمرد، كان ينبغي أن لا نحتفل وان لا يعود المقاتلون إلا بعد تحرير كاودا.
{ إذن انت تعتقد أن القضايا العالقة يجب أن تحل بمنطق القوة؟
- الآن ينبغي أن يتوقف التفاوض تماماً ولا تفاوض قبل تحرير الأرض.
{ في كل القضايا؟
- نعم كلها.. لا يمكن أن تفاوض من تلطخت أيديهم بدمائنا إلى أن نحرر الأرض والشباب الذين حرروا هجليج موجودون ويمكن أن يستنفروا لكي يحرروا أرضنا، إذ ليس معقولاً أن نتفاوض وأرضنا محتلة.. هذا هوان.
{ ألا تظن أن القرار 2046 سيساعد في حل القضايا العالقة؟
- لن يحل أي شيء، هو منحاز لجنوب السودان والدليل أن الحركة الشعبية تتلكأ الآن وليست حريصة على الوصول لاتفاق لأنه لن تطالها عقوبات وانما ستطال السودان، والسؤال هو ممن نخاف، والله لو استجمعنا قوتنا لن يصيبنا شيء والثلاثة أشهر التي حددها القرار كان ينبغي أن نستغلها لكي نحرر أرضنا بمثل الروح التي حررنا بها هجليج ولو حررت الأرض لما قتل بلندية ومن معه.
{ إذا حلت القضايا العالقة بالقرار 2046 أو بطريقة أخرى ما هو تصورك لمستقبل العلاقة؟
- في ظل وجود الحركة الشعبية لن تكون هناك علاقة أصلاً، لماذا، لأنها حددت هدفاً ولن تتنازل عنه بعد ذهاب الحركة الشعبية ومن حيث المبدأ دعوتنا أن ينفصل الشمال عن الجنوب وأن يعيشا دولتين جارتين في وئام وسلام وجوار سلس وآمن لا نعتدي عليهم ونتعامل معهم كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار. وإذا كانوا يتعاملون باحترام نبرهم.
{ هناك كثر في الشمال مازالوا يأملون في الوحدة وعودة البلدين إلى سابق العهد كيف ترى الأمر؟
- هؤلاء مجانين.. مجانين، معتوهين، لا أستطيع أن أصف هؤلاء، دولة تشن الحرب عليك الآن تحتل أرضك وتقتل أبناءك يومياً بلندية وأصحابه.. هذا كلام فارغ ساكت.. هؤلاء يذكروني بأولئك المنبطحين الذين ذهبوا واعطوا باقان الحريات الأربع، حريات أربع مع من يحتل أرضك، كيف تفتح باب دارك لمن يحمل سلاحاً، سيفاً...
{ هناك من ينظرون للمسألة مثلما تنظر، أنت تقول لا جوار آمن في ظل حكم الحركة الشعبية وهم يقولون لا وحدة في ظل وجود المؤتمر الوطني؟
- هؤلاء جزء من مشروع الحركة الشعبية، لأن عرمان كان معهم حتى خروجه، كان جزءاً من قوى الاجماع الوطني الذين في سبيل ذهاب المؤتمر الوطني ليس لديهم مانع في أن يدمر السودان، يتحالفون مع الشيطان لاسقاط هذه الحكومة، هذا تفكير غير عقلاني، أنا أعارض المؤتمر الوطني ولكن ليس الوطن، فليذهب المؤتمر الوطني وليبقَ الوطن، وأنا أعتبر من يتحالفون مع الحركة الشعبية التي تؤذي بلادنا اعتبرهم أقرب إلى من المؤتمر الوطني لكن هناك أولويات، لكن الوطني ليس عميلاً، لذلك دائماً أقول نحن بين خيارين، السيئ الذي تسبب في كل هذه البلاوى أم الأسوأ الذي يريد لبلادنا أن تحتل من قبل هؤلاء الأجانب الأعداء الذين يريدون تدمير بلادنا ويمارسوا فيها التطهير العرقي ويفعلوا فيها ما فعلوا في زنجبار والأندلس.
{ تبقى سؤال أخير.. هل ندمت في أية لحظة ولأي سبب كان على انفصال الجنوب؟
- لا على الطلاق.. فرحان وأبشر وأعرض، على الطلاق ما ندمت في لحظة من اللحظات.. فرحان وذبحت ناقة وثيران..
محجوب محمد صالح
الجنوب لم يكسب شيئاً والشمال خسر
المشكلة لا يتم التخلص منها بالبتر وإنما بالاستيعاب
{ ما حدث بين الشمال والجنوب أهو استقلال أم انفصال؟
- الحقيقة انه استقلال، أليس الاستقلال علم ودولة وسيادة.
{ ألا يتطلب الاستقلال وجود مستعمر؟
- لا.. بنغلاديش حين خرجت من باكستان لم يكن هناك مستعمر وكذلك تشيكوسلفاكيا حين انقسمت الى الشيك والسلفاك لم يكن هناك مستعمر، فاذا كانت لديك مجموعة متجانسة تريد دولتها الخاصة وان على اساس عرقي فهذا كاف، الدين لوحده لا يوحد الناس، باكستان كلها مسلمون، دارفور كلها مسلمون وهناك مشكلة بين الزرقة والعرب، الهوية لديها محددات متعددة فاذا حدث توحد في واحدة الخلاف في الثانية ليس مشكلة.
{ منذ وقت مبكر كنت تقف ضد فكرة تقرير المصير، لماذا؟
- هناك مفهومان لتقرير المصير، الاول مفهوم تقرير المصير الداخلي بمعنى انك كجزء من نفس الوطن تطالب بقدر كبير من الحكم الذاتي يلبي مطالبك وهو شبيه بما ورد في اتفاق 2005 في المشورة الشعبية للمنطقتين النيل الازرق وجنوب كردفان، وكان رأيي الذي نشرته 1998 ان نقبل قدراً من تقرير المصير الداخلي يرضي طموحات اهل الجنوب دون أن نعرض وحدة السودان للخطر، لكن كل القوى السياسية قبلت تقرير المصير الخارجي الذي يعطي الحق في الاستقلال وبالتالي كان علينا منذ قبولنا لهذا الحق الاستعداد للانفصال.
{ هل كان الاستقلال عن الشمال قدراً مقضياً؟
- ما حدث في يوليو هو امتداد لعمل طبيعي كان يجري خلال خمس سنوات، لم يكن مفاجئاً وإن كنا وقفنا ضده وحاولنا تفاديه ولكن الوقت لم يكن يسمح بأى بشيء لأن الجنوب قرر. فالاتفاقية وصلت بجنوب السودان الى وضع هو اقرب ما يكون الى الاستقلال، انا اعطيتك حكماً ذاتياً كاملاً وجعلت الحكومة الاتحادية في الخرطوم لا علاقة لها بأية ولاية في جنوب السودان إلا عبر حكومة الاقليم، واعطيناهم جيشاً وهذا لا يحدث إلا في نظام كونفدرالي اذ لا توجد دولة موحدة بها جيشان، اعطيناهم حق التمثيل الخارجي بعمل مكاتب اتصال خارجية لها سلطات اقرب الى السفارات اعطيناهم ميزانية لا علاقة لنا بكيفية صرفها، وهذا لم يكن اقتراحاً من الشمال وإنما ميثاق قبله الجنوب وبالمقابل هم قدموا التزاماً بجعل الوحدة جاذبة كما علينا نفس الالتزام وفشل الطرفان في جعل الوحدة جاذبة في الفترة الانتقالية التي كانت كلها مشاكسات بينهما.
{ برأيك هل ساهمت في استقلال الجنوب الفترة الانتقالية بنسبة اكبر ام انه التراكم التاريخي الطويل؟
- الخمسة أعوام كان المفروض ان تمحو آثار التاريخ الطويل واعطيت الامكانيات لمحوه بالسلطات التي اعطيت، أى انني وفرت الجو الذي يمكن من العمل لجعل الوحدة جاذبة، والحركة الشعبية اعترفت بهذا وسجلته في الاتفاقية التزاما على نفسها وكذلك الشمال اقر ان يعمل الطرفان على جعل الوحدة جاذبة.
{ هل كانت الفترة الانتقالية كافية لمحو التركة التاريخية؟
- كافية بإعتبار انك اعطيته كل سلطاته، طبعاً كانت هناك اخطاء صغيرة مثل ان تقول ان الجنوب سيأخذ 50% من نفط الجنوب وإنما كان ينبغي ان يقال بهذه النسبة من نفط السودان كله لأن اغلبه يأتي من الجنوب، وحين تقول لي أنا اعطيك 50% من نفطك هذا معناه انني اكلت منك 50% ولكن حين اقول لك من نفط السودان فمعناه انني اتقاسم معك ثروة السودان، ولكني لا اريد ان انشغل بهذه المسائل.
{ متى كانت اللحظة الفاصلة في تقديرك التي تقرر فيها الانفصال؟
- هى اللحظة التي اعلنت فيها الحركة الشعبية انحيازها للانفصال في 2010 فتقرر المصير لأنها تسيطر على الجنوب وصاحبة الاغلبية في البرلمان وهى من وقعت الاتفاقية والتزمت بجعل الوحدة جاذبة ففي تلك اللحظة كان ينبغي ان يقطع أي احد الامل في الوحدة..
{ أى أن الاستفتاء لم يكن لديه معنى؟
- اذا كانت الحركة الشعبية هى صاحبة الاغلبية ولها مقاعد البرلمان واذا رجعنا الى التاريخ نجد أن الحزب الوطني الاتحادي خاض معركة الحكم الذاتي وكسب اغلبية مقاعد البرلمان تحت شعار وحدة وادي النيل، ولما كانت القواعد لا تريد وحدة وادي النيل، نفس الحزب انحاز للاستقلال، ولما اسماعيل الازهري اعلن انحيازه للاستقلال كان مصير السودان قد تقرر لأن حزب الامة في الاصل كان يدعو للاستقلال والبرلمان مشكل من هذين الحزبين، مما دفع لالغاء تقرير المصير مع انه منصوص عليه في الاتفاقية، فاذا كان صاحب الاغلبية والموقع على الاتفاقية والملتزم بجعل الوحدة جاذبة وصل الى قرار انها غير جاذبة وقال لقواعده (نريد الانفصال).
كان المتاح لنا والحال هكذا اخف الضررين وهو علاقة حُسن الجوار، وكان الافضل لنا ان نقول لهم طالما قررتم خلاص اقعدوا في برلمانكم واخرجوا قرار بالاستقلال، لكن لأن الفترة الانتقالية كانت مرتبكة وبها مشاكسات وصلت حد أن يعلن وزراء الحركة الاضراب عن الوزارة وهو عمل غير مسبوق كان يمكن ان تؤسس الاتفاقية لعلاقة حُسن الجوار، وكان يمكن تلافي تعقيدات القضايا العالقة بحوار موضوعي تتوفر فيه النوايا الحسنة والاستعداد والمرونة لعمل متبادل. فإنفصال دولة من دولة ثانية ليس شيئاً شاذاً في العالم، حصل في الهند وباكستان وفي دول اخرى.
{ طالما كان الامر طبيعياً لماذا هذه الآراء المتضاربة حد التطرف بين مؤيدي الانفصال ومؤيدي الوحدة؟
- في مثل هذه الظروف دائماً تكون الاصوات العالية لردود الفعل الجاهلة مضرة جداً، المشكلة دائماً لا يتم التخلص منها بالبتر وإنما بالاستيعاب اذا كنت ترغب في بقاء الدولة إلا ان تكون اصلاً انت قانع منها واذا وصلت انت في الاول الى ان الانفصال مع السلام افضل من الوحدة مع الحرب وهذا ما اقرته كل الاحزاب، تكون حسمت القضية وهيأت نفسك فلا داعي لشتيمة الناس ووصفهم بالبلاء الذي انزاح، لأنك في هذه الحالة تكون قد نسيت واقعك لأنه لديك خط حدودي يمتد لاكثر من الفي كيلومتر يسكن على جانبيه من ثلاثين الى اربعين في المائة من سكان البلدين ولديك قبائل تدخل الى الجنوب لستة شهور في السنة وبالتالي وطالما ان الانفصال وقع لا داعي للشتائم والكواريك.
{ هذا عن الداعين للانفصال، ماذا عن الطرف الثاني، العاقدين آمالهم بالوحدة؟
- الجنوب لن يرجع بالسهولة التي يتصورونها وهذا ايضاً حدث لنا في تجاربنا مع المصريين فما زال الوفديون يقولون ان السودان مصري، ومن يقولون بالوحدة هم اناس يعيشون على الآمال الصعبة التحقيق لأنك بعد ان اعطيتني السيادة والسلطة لن احملها في طرف واعطيك لها، وفي اليمن بعد أن تم توحيد الشمال والجنوب اليوم الحركة في اليمن الجنوبية تطالب بالعودة الى دولتهم، الوحدة دائماً عملية صعبة اذا فككتها عودتها صعبة جداً جداً لأنه تتأسس حقائق على ارض الواقع ومصالح لناس كثر، قد اقتنع كجنوبي بأن وحدة السودان افضل ولكني لا اغير من الواقع الجديد واقول نرجع بلدا واحدة مرة ثانية، لهذا افضل ما يمكن ان يحدث مع جنوب السودان اقامة علاقة كونفدرالية بين دولتين.
{ ما هى الاسباب التي تجعل العلاقة متوترة الى هذا الحد؟
- هناك عامل نفسي، الدولة الوليدة تكون دائماً متحسبة من ان الدولة القديمة لن تتركها واي حركة تحسبها تربص بها لوجود سوء الظن وعدم وجود ثقة متبادلة، فالفترة الانتقالية أسست لمزيد من عدم الثقة بسبب الصراعات اليومية بين الشريكين، وهذا يخلق أجواء صعبة جداً، المواجهة التي حدثت بين السودان ومصر 1958 كانت حادة جداً نحن كنا زايدين حساسية وهم كانوا زايدين تصميم.
{ كيف يمكن التعاطي مع المسائل العالقة كالحدود مثلاً؟
- الحدود اصلاً هى حدود داخلية لاكثر من مائة سنة في بلد واحد، فاذا ذهبت الآن الى عطبرة لن تعرف متى دخلت نهر النيل، لأنه لا احد مشغول بأن يكون الخط مرسوم بالمسطرة وبالمنجلة، والانجليز كانوا باستمرار يغيرون في الخرط الداخلية حسب متطلبات العمل الادارية بدليل انهم في 1905 اخرجوا ابيي وضموها لكردفان وكذلك الحال في حلايب فالاتفاقية تقول ان خط 22 هو الفاصل بين مصر والسودان وجاء وزير الداخلية وقال ان هذا الخط سيقسم له القبائل سيجعل جزء من العبابدة وقبائل من شرق السودان هنا وهناك واقترح المثلث الذي سبقه تقسيم القبائل، فاذا انت الآن تريد رسم الخرائط بالمسطرة ستضطر الى تقسيم بيت واحد تجعل الصالون شمالاً وغرفة النوم جنوباً ففي هذه المسألة لابد من المرونة الشديدة مثلما حدث مع الفشقة فاستقلالنا كان في 1956 ويا دوب بنرسم في حدودها وفي حلايب لم تحل المسألة ومع تشاد الى وقت قريب، فلابد من المرونة.
{ وماذا عن بقية القضايا العالقة؟
- ما لا يريد ان ينتبه له الناس ان كل القضايا العالقة هى القضايا الاساسية في علاقة حسن الجوار اذا تعاملت معها بحدة بتجيب حرابة واذا تعاملت معها بشطارة بتجيب احترام متبادل ومنافع للجميع، المواطنون الموجودون هنا وهناك منطقة تعاون يمكن ان تتحول الى منطقة حرابة، البترول 75% منه ينتج في الجنوب ولكن كل معاملاته تتم في الشمال ليس تصديره فقط وإنما تنقيته من الشوائب وكل العمليات المتعلقة به وبالنسبة للجنوب لن يعرف اين يذهب بالخام ولكن هذا لا يبيح لي ان اطلب 36 دولاراً للبرميل، صحيح انا استخرجته وطورته وصرفت عليه واستحق التعويض على ذلك وهذا موضع تفاوض بذكاء بما يجعل البترول موضوع تكامل وكذا الحال في مياه النيل لأن المخزون الوحيد لزيادة مياه النيل مستنقعات الجنوب وغير ذلك من القضايا ستجدها كلها على هذا النحو فلذا من الخطأ عدم التوصل بمرونة لاتفاقية مجزية ومفيدة للطرفين وللشعبين.
{ هل تتوقع ان يصل الطرفان الى اتفاق وما الذي غيره قرار مجلس الأمن في معطيات المعادلة المستمرة منذ عام؟
- الآن المفاوضات صار فيها (الفة) بموجب القرار 2046 الذي يحدد 2 اغسطس تاريخ نهاية للمفاوضات، وإن كنت لا ارى ان التاريخ نهائي حرفياً ليس هناك صعوبة في الوصول لاتفاق وإن كان هناك عدم ثقة وتوجه عدائي واذا لم يتم تجاوز هذا التوجه ستنفلت المسألة ويتولاها العالم والآثار ستكون خطيرة.
{ ماذا خسر الجنوب وماذا كسب من الاستقلال وكذا الشمال؟
- الطرفان كانا إتخذا قرارا لو أنهما تمعنا فيه وذهبا في طريق كان سيكون مهما جداً لهما الاثنان وهو انه حتى لو حدث انفصال تنشأ دولتان قابلتان للبقاء، أى ان توفر كل دولة اسباب البقاء للاخرى، الطرفان تجافوا عن هذا المبدأ، الخسارة الثانية، ان كانت مصر هبة النيل فالجنوب هبة البترول بدونه لن تكون دولة قابلة للبقاء والآن الجنوب يدفع هذا الزمن بقذفه للبترول بعيداً، الخسارة الثالثة اننا اخطأنا حين ظننا ان انفصال الجنوب لن يكون له اثر على الشمال، هذا كذب وهذا قلته حين تحدثت عن ان ميزانية وزير المالية مبنية على ارقام خيالية لأنه افترض انهم سيدفعون له مقابل البرميل 36 دولار وضربها في 350 الف برميل ووضع الرقم في الميزانية وبعد شهرين اتضحت المسألة الخسارة الرابعة القضايا الحدودية واخطرها هجليج وابيي الاولى لاسباب اقتصادية والثانية لاسباب انسانية لقبائل المسيرية.
{ هذه الخسائر ماذا عن المكاسب؟
- لا ارى مكاسب لاي من الطرفين، بعض المحللين كانوا يقولون قبل الاستفتاء اننا كنا مواجهين بدولة واحدة في خطر انها ستصبح دولة فاشلة بسبب الحروب فاصبحنا بعده مواجهين بخطر فشل دولتين وان كان هذا ارتفاع في درجة التشاؤم لحدود يصعب تبريرها إلا ان لديها اسباب تجعل الناس يفكرون هكذا.
{ ولا مكسب واحد؟
- لا ارى أى مصلحة للطرفين إلا ان تكون المصلحة النفسية للجنوبي الذي يفتكر انه تحرر وهذه مسألة عاطفية وحتى هذا الجنوبي العادي لا يشعر بها بل يشعر بعكسها لأنه كان يعمل في المنطقة الصناعية بحري او في شارع الجمهورية، الاشكاليات الكثيرة التي تواجه الجنوب تتواصل سواء كانت امنية او اقتصادية، واذا ذهبت الآن الى جوبا ستجد الاجانب يعملون والجنوبيين تحت ظلال الاشجار وهذا ستنتج عنه مشاكل للجنوب مع دول الجوار الاخرى اكثر مما هو مع السودان، لأن المواطن بدأ يشعر ان اليوغنديين والارتريين والاثيوبيين بدأوا يستولون على سوق العمل ولكن هذه تطورات اخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.