اطلعت على الخبر الآتي نصه بصحيفة الصحافة العدد رقم 6865 بتاريخ 10/9/2012:- «وجه المؤتمر الوطني انتقادات عنيفة لمندوبة الإدارة الأمريكية بالأمم المتحدة سوزان رايس على خلفية اتهامها للخرطوم بعرقلة المفاوضات مع الجنوب ووصفها بأنها غير مؤهلة أخلاقياً للتحدث عن قضايا السودان، قاطعاً بأن الحكومة السودانية تعلم ما تقوم به ولا تتلقى التعليمات من أية جهة» ، بالرغم من أنني دارس للعلوم السياسية ومن ضمنها دراسة الدبلوماسية والعلاقات الدولية إلا أنني فشلت في فهم حكاية «التأهيل الأخلاقي»... فكيف تكون سوزان رايس مؤهلة أخلاقياً لكي تتحدث عن قضايا السودان؟ وما معنى التأهيل الأخلاقي؟ وما علاقة ذلك بالسياسة الدولية للسودان وبالدبلوماسية السودانية؟ وما هو المطلوب من سوزان رايس أن تفعله لكي تصبح مؤهلة أخلاقياًَ للحديث عن قضايا السودان... فهل مثلاً المطلوب منها استخراج شهادة حسن سير وسلوك من شرطة النظام العام بالسودان لكي تصبح مؤهلة أخلاقياً للحديث عن قضايا السودان؟ ولنذهب أبعد من ذلك... فصاحب التصريح هو السيد/ ياسر يوسف نائب مسؤول الإعلام بالمؤتمر الوطني... وأسأل السيد/ ياسر عن المدرسة الإعلامية التي استند عليها في استخدام هذا التعبير في وصف شخصية دبلوماسية تمثل دولة عظمى عضو دائم في مجلس الأمن بهذا الوصف المدهش؟ ألم يكن ممكناً انتقاد تصريحات سوزان رايس بأسلوب موضوعي دون هذا الوصف؟ وهل الرسالة الإعلامية يمكن أن تكون مفيدة إذا تم حشوها بمثل هذه العبارات التي أبسط ما يقال عنها انها غير لائقة سياسياً ودبلوماسياً؟ وأقول للسيد/ ياسر أنت تمثل حزباً سياسياً حاكماً وما تقوله يجب أن يوزن بميزان ذهب سواء كان موجهاً للداخل أو للخارج. أرجو أن يتدخل الأخوة قادة حزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم لإبعاد مثل هذه التصريحات التهريجية عن مسرح العلاقات الخارجية للسودان وأن يترك أمرها بالكامل لوزارة الخارجية فمن يريد أن «يردح» سياسياً فليذهب إلى الساحة الخضراء ويبتعد عن علاقات السودان الخارجية... ويكفينا ما أصابنا من دمار لعلاقاتنا الخارجية بسبب هذه الأصوات التهريجية التي تتطفل على الدبلوماسية وتطلق صيحات حمقاء مدمرة يدفع ثمنها الوطن. إن السياسة هي فنٌّ وأدب وذوق وقدرة على انتقاء الكلمات المحترمة والقوية والمعبرة عن الموقف السياسي بالقدر الذي يجبر الآخرين على احترام الحزب أو الدولة التي تتحدث باسمها حتى ولو كانوا يعادونها... والسياسي البارع والمبدع هو الذي يدرك الفرق بين الخطاب السياسي الداخلي والخارجي لأن عدم إدراك هذا الفرق يضر كثيراً بمصالح الوطن.