روعت الاوساط الثقافية السودانية برحيل الاستاذ احمد الطيب عبدالمكرم ، وكان رحيله مفاجئا للكثيرين، رغم ان الموت قريب الينا - وكنا ندرك ان هذا الداء اللعين قد تمكن منه، ولكننا كنا بين الامل والرجاء، نتمنى ان تطول ايامه، وان يعود الى هذا الوسط الثقافي معافى .. ولكن كما يقول المثل السوداني (تمت المعدودة) وانقضى الاجل ، فلا حول ولا قوة الا بالله. تعرفت عليه بواسطة صديق آخر نادر ايضا على الطريقة السودانية - هو الراحل عبدالله محمد ابراهيم في عام 1980 - وكان موظفا بكلية الطب جامعة الخرطوم، والتقينا بعد ذلك في انشطة ثقافية متعددة - كان متفهما فيها لما يجري في الساحة الثقافية والفكرية.. عمل في الصحافة الثقافية متنقلا بين عدة صحف ومجلات ابرزها مجلة (الاشقاء) وصحيفة (الخرطوم) .. وفي القاهرة تواصل نشاطه في التسعينيات من القرن الماضي في صحيفة الخرطوم - ومسارات جديدة. اذكر مشاركته في مهرجان الابداع الثقافي الاول بود مدني (1984) في ملتقى القصة السودانية الذي كان من ضمن حضوره الى جانب اعضاء رابطة الجزيرة للآداب ورابطة سنار الادبية نخبة من ا لاساتذة منهم : عثمان علي نور، جمال عبدالملك (ابن خلدون) عبدالله محمد ابراهيم من الراحلين.. وتعمقت الصلات بيننا في زياراته لود مدني التي قضى جزءاً من طفولته وصباه فيها.. ثم جاءت مساهمته الابرز ضمن سكرتارية جائزة الطيب صالح للابداع الروائي التي يرعاها مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي، وهي الجائزة التي اسهمت في الحراك الثقافي، وكان دائما شعلة من النشاط، متميزا بخلق نادر يسمو به فوق الصغائر، وهو نموذج للصفاء وحسن الخلق.. رحم الله احمد الطيب عبدالمكرم، وجعل الجنة مثواه، وألهم اسرته واصدقاءه وقراءه الصبر الجميل..