أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قراراً اخيراً بشأن مصروفات طلاب ولايات دارفور (الدفعة الجديدة) ،الذي رفضه غالبية الطلاب الدارفوريين في جامعة الجزيرة،باعتبار أن ظروف أسرهم لا تسمح بدفع المصروفات،كما يعتقدون أن القرار سحب منهم مكاسب تحققت عبر اتفاقية أبوجا بدفع السلطة لرسوم دراستهم، ووقعت احتجاجات بعضها تجاوز الحراك السلمي وحدث اعتداء على بعض الأساتذة وممتلكات الجامعة. تدخلت الشرطة بعد تصاعد الأحداث بوتيرة خطيرة الأربعاء الماضي، واندلع عنف في محاولة فض تجمعات المحتجين ،واختفي أربعة طلاب في ظروف غامضة وهم محمد يونس نيل حامد، و عادل محمد أحمد حمادي، والصادق عبدالله يعقوب، والنعمان أحمد القرشي. صباح الجمعة ظهرت ثلاث جثث لطلاب دارفوريين غرقوا في ترعة قرب النيل،كما عثرت السلطات أمس على جثة طالب رابع ينحدر من ولاية الجزيرة،ولا تزال دوافع الغرق وأسبابه غامضة مما يفتح الباب أمام تأويلات شتى خصوصاً أن بيانات صدرت من جهات سياسية تحمل تنظيمات مسؤولية ما جرى. ستتطور هذه القضية وستأخذ صورا مختلفة وأبعاداً خطيرة في حال لم تظهر الحقائق كاملة،وفك طلاسم أسباب غرق هؤلاء الطلاب،خصوصاً أن أحداثاً مشابهة لا تزال تداعياتها مستمرة،ولعن الله الفتنة..! 2 في الأسبوع الأول من أغسطس الماضي، كان موظف في بنك الخرطوم ورجل شرطة بنيالا يرافقان أموالا تخص البعثة الأممية الأفريقية المشتركة «يوناميد» لكن قوة مسلحة هددتهما ونهبت نحو 450 ألف دولار وفرت هاربة،وتمكنت السلطات بعد أيام من توقيف خمسة متهمين،قدموا الى محكمة خاصة أصدرت أحكامها بحقهم أمس. المثير ليس نهب الأموال وأعمال السلب المسلحة في وضح النهار،فهذا بات أمرا طبيعيا في مدن دارفور الكبرى، لا يرفع له أحد حاجب الدهشة ،لكن غير المفهوم أن تقتحم قوة مسلحة المحكمة بعد فترة وجيزة من تلاوة أحكامها بسيارتين وتخطف المتهمين من قفص الاتهام وتفر بهم الى جهة غير معلومة. المحكمة التي اقتحمها المسلحون ليست في أطراف نيالا وإنما في مقر بلدية المدينة وقرب منزال والي جنوب دارفور، ولا تبعدد كثيراً من مقر قيادة الفرقة (16) مشاة،مما يحمل على الاعتقاد بأن المسلحين لم يكونوا وحدهم وإنما لهم أعين وآذان، فقد كانوا أكثر اطمئناناً وقوة عين عندما فعلوا فعلتهم الجريئة ولا أقول مغامرتهم،والغريب أنهم دمجوا ضم الترتيبات الأمنية وصاروا من أصدقاء الحكومة،وهذه هي الصداقة يا بلاش!! ويبدو أن من يدمجون ضمن الترتيبات الأمنية من أصدقاء الحكومة الجدد لا يحتملون حكم القانون ولا يتورعون عن استخدام السلاح لحماية منسوبيهم عندما يرتكبون مخالفات وجرائم، فقد قامت مجموعة من قوات مناوى فى العام 2007م بالهجوم على محكمة نيالا وخطف متهمين بطريقة مماثلة لما جرى أمس. هذه الأحداث مؤسفة ولكنها تحمل مؤشرات مقلقة وتهز الصورة التي تحاول الجهات الرسمية ترسيخها بأن دارفور آمنة ومستقرة،كما تطرح تساؤلات في فاعلية الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن بالمدن،فإذا كان ذلك يحدث في نيالا فكيف بقية المناطق،ولماذا صارت الفوضى تأتي من أصدقاء الحكومة من حاملي السلاح وليس من المتمردين الذين يتجولون بسياراتهم في الفيافي؟!. 3 صباح الاربعاء الماضي احتفلت حكومة شمال دارفور والقوات المسلحة في مهرجان خطابي وموكب كبير في الفاشر بإحباط محاولة استهدفت قصف الفاشر من على بعد 14 كلم، بعد مقتل اثنين مع المتمردين واصابة ثالث والاستيلاء على سيارتين وأسلحة و29 صاروخا،وقالت السلطات ان المتمردين من «الجبهة الثورية» حسب وسائل الاعلام الرسمية التي احتفت بذلك ووضعته في صدر أخبارها الرئيسية. بعد ساعات، خرج زعيم «حركة التحرير والعدالة» ،ورئيس السلطة الاقليمية في دارفور، التجاني السيسي، وقال إن من ضربتهم القوات الحكومية هم من قواته وليسوا من المتمردين،وأصدر الناطق باسم الجيش بيانا توضيحيا حول الحادث،لم يزل كل الغموض المحيط بالواقعة. القضية تتحدث عن نفسها ولا تحتاج الى تعليق، وتضاف الى مآسي دارفور التي تأبى أن تنتهي..!!