أبرزت دراسة أعدتها وزارة العمل والتنمية البشرية مغادرة 94 ألف شخص السودان في 2012 ليلتحقوا بوظائف في دول أخرى مقارنة بعشرة آلاف عام 2008. وأبرزت الدراسة أرقام المغادرين من العاملين في الحقل الطبي والأكاديميين والفنيين والذين يعملون في حقل التعليم وان كانوا لا يزالون يمثلون أقلية في أعداد المغادرين حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتفيد دراسة وزارة العمل أن 1620 طبيبا غادروا السودان العام الماضي مقارنة مع 338 في عام 2008، كما يقدر عدد الذين لا يجدون فرص عمل بحوالي 40% من جملة القادرين على العمل في البلاد. وعكست دراسة وزارة العمل أن السعودية أكثر المستفيدين من هجرة السودانيين الذين غادر منهم الآلاف إلى قطر والإمارات العربية المتحدة والكويت وليبيا ودول أخرى. وقال نائب مدير التنمية البشرية في وزارة الصحة الاتحادية الشيخ بدر أن الممرضين والكفاءات الصحية الأخرى كذلك يغادرون البلاد في ما يوصف بمعدلات هائلة للهجرة في القطاع الصحي . من جانبه قال ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان انشو بانريجي أن ضعف المرتبات ليس السبب الوحيد للسفر، موضحاً أنه « إذا لم تتوفر الأدوية ولم تكن هناك معدات وإذا تم تدريبك كطبيب ولم تجد الأدوات التي تجعلك تمارس مهنتك باحترافية، ستفقد الدافع للاستمرار». وفي عام 2011 كانت النسبة 1,3 عامل في القطاع الصحي لكل ألف شخص مقارنة بمعدل منظمة الصحة العالمية التي تفترض توفير 2,3 عامل في المجال الصحي لكل ألف شخص. وقال الشيخ بدر :»لا اعتقد أن هناك في السودان من لا يريد العمل في الخارج ولذا اقترحت الوزارة على الحكومة إدارة للهجرة تقوم على أن يأتي الأطباء المهاجرون في زيارات قصيرة ويقدم آخرون الدعم المالي لزملائهم». ويقول الطبيب أسعد عبد الماجد وداعا للازمة الاقتصادية بعد ان وجد وظيفة في السعودية توفر له مرتبا أكبر بعشرين مرة مما يتقاضاه لقاء عمله في مستشفى حكومي ، في ما يعزز ظاهرة هجرة العقول في البلاد. واضاف اسعد وهو يقف وسط جمع من السودانيين كانوا يكملون أوراقهم للسفر للعمل بالخارج في مبنى حكومي، «مرتبي هنا في السودان 600 جنيه (حوالي 86 دولارا أميركيا وفق سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي) والآن لدي عقد عمل مع مستشفى سعودي خاص بمرتب قدره ثمانية آلاف ريال (2133 دولارا أميركيا)..وقال الشيخ بدر الذي يعمل طبيبا في وزارة الصحة «تزايد الهجرة وسط العاملين في الحقل الطبي السوداني هو استنزاف للعقول». وقال محمد الجاك احمد استاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم أن الاقتصاد يخسر الكثير بسبب الهجرة التي ازدادت ارقامها خلال الثلاث سنوات الاخيرة، مبيناً أن أرقام الوزارة «قد لا تشمل حتى اعداد الذين غادروا من جراء عوامل غير اقتصادية».