٭ في مثل هذا اليوم من العام 1986م فجعت الأوساط الفكرية والأدبية في العالم، برحيل الأديبة والناقدة والناشطة السياسية والفيلسوفة سيمون دي بوفوار. ٭ وسيمون دي بوفوار، توأم سارتر الروحي و(صنوه) (توفى قبلها بست سنوات)، عاشا حياة (واحدة)، كانت عصية على الوصف والتحديد: هل هي قصة حب، أم زمالة أم صداقة، أم ماذا؟! ولا زالت هذه العلاقة محل بحث ودراسة مستمرة. ٭ قالت سيمون عن رحلتها مع سارتر (عشنا معاً كما لو كنا نختلس الزمن). ٭ في العام 1929م، كانت سيمون آنذاك، أصغر طالبة تجتاز امتحان الفلسفة الشفهي، وهو ذات العام الذي أحرز فيه سارتر أعلى درجة في الفلسفة (كان سارتر قد قضى أربع سنوات فترة أطول قبل أن يجلس للامتحان). ولهذا يأخذ العام 1929م نقطة مضيئة في علاقتهما. ٭ وفي ذاك العام، تعززت العلاقة بين سارتر وسيمون، وبلغت أوجها.. كان سارتر يرتب للارتباط، بفتاة جذابة ورشيقة وفاتنة، وذات عقل ووجدان، ووجد (مواصفاته) في سيمون آرنستين لوسي ماري برتراند دي بوفوار (وهذا هو اسمها وفق الأوراق الثبوتية)، ذات الجذور البرجوازية، والطموح الليبرالي، والتمرد المكشوف (كانت سيمون في صباها متدينة وتحلم بأن تكون راهبة لكنها عند الرابعة عشرة أعلنت إلحادها واختطت لحياتها طريقاً جديداً، فأحبها وأحبته). ٭ قالت سيمون بعد لقائها سارتر بثمانية عشر شهراً: (أصبح عالمي كله، وبفضله أصبحت أكثر فتنة).. ونسيت نفسها، وكفت أن تحيا لمصلحتها الخاصة، صار سارتر كل شيء بالنسبة لها. وكان أبوها فخوراً بها، وداعماً لأفكارها، كان يتباهى بها قائلاً: (سيمون تفكر كرجل). ٭ بذلت دي بوفوار جهداً كبيراً، لترى الأمور بمنظار سارتر، واعترفت بأنها كانت تحبه أكثر مما يحبها. ٭ لكن علاقة الحب هذه لم تكلل بالزواج، ومع ذلك لم تنته، وظلت مستمرة وعصية على التوصيف. ٭ بينما كان سارتر ودي بوفوار جالسين يوماً من أيام شهر أكتوبر في العام 1929م، أمام متحف اللوفر، طلب منها سارتر أن يوقعا عقد زواج بينهما لمدة سنتين. ٭ لكنهما بالفعل لم يوقعا العقد، وظلا (هكذا) في هذه العلاقة (المعقدة). العصية على الوصف: لم يسكنا سويا، لكنهما لم يفترقا، لم يخلفا أطفالاً، لكنهما ظلا متلازمين الليل والنهار. ٭ أحب سارتر سيمون دي بوفوار، وكان يسمح للمعجبين بها أن يعبروا لها عن حبهم كما يرغبون (طبقاً لأفكاره ومفاهيمه)، بينما سيمون كانت تتوقع الزواج والأطفال منه، وفي نهاية المطاف لم تجد إلا أن تقول (كان الزواج بيننا مستحيلاً). ٭ يقول سارتر: (في الحب واحد وواحد يساوي واحد) لكنه أيضاً هو القائل (إذا التقى فيلسوفان فأفضل ما يمكنهما القيام به هو الاكتفاء بالتحية). ٭ في رواية بوفوار الأولى (المدعوة) والتي نشرت عام 1943م، تصوير لوقائع (خيالية) لعلاقتهما الجسدية هي وسارتر، مع طالبتين من طالبات مدرسة رون الثانوية، التي كانت تعمل فيها بوفوار معلمة. ٭ وفي رسائلهما، التي نُشرت بعد وفاتهما، تفاصيل لهذه العلاقة (المعقدة) و(الغريبة) و(الشاذة). ٭ ومما جاء في هذه الرسائل، أن سارتر وبوفوار (المدافعين عن قول الصدق) كانا يكذبان دائماً على العديد من الفتيات غير المستقرات عاطفياً. ً ٭ كان سارتر يدعوها: (أكاذيب بيضاء) أو (نصف حقائق)، وبوفوار التي كانت طوال حياتها، تعلن أنها لم تقم أي علاقة جنسية مع إمرأة، تخبر سارتر في رسائلها عن الليالي الممتعة التي قضتها، وهي تمارس الجنس مع فتيات. ٭ علاقة معقدة، وإنتاج فكري غزير، وأسئلة لا تزال تبحث عن إجابة!.