الأبيض: عمر عبد الله : الجولات المكوكية والزيارات الاستقصائية التى دشن بها مولانا احمد هارون والى شمال كردفان بداية عهده فى حكم الولاية التى شملت الوزارات والمؤسسات الحكومية والقوات النظامية ومنظمات المجتمع المدنى والاتحادات الرياضية والثقافية واجهزة الاعلام ورؤساء الاحزاب المعارضة والموالية، حركت برك المياه السياسية والتنفيذية الراكدة وحظيت باهتمام من قبل المواطنين. وحركت زيارات هارون بركة الأداء التنفيذى فى كثير من المواقع التى كان يسودها الخمول والرتابة وتتحكم فيها الشلليات وغيرها من أمراض الخدمة المدنية المتفشية، وتباينت الرؤى حول جدوى الزيارات فى المدى البعيد والقريب، وحول الرؤية الكلية التى يهدف إليها مولانا هارون من خلال تلك الزيارات الاستقصائية، يرى بعض المراقبين أن الجولات كشفت للوالى عن اماكن القصور والخلل واسبابه، حتى يضع العلاج اللازم اما بالبتر او التصحيح او الابدال والاحلال، كما أنها ساهمت وبحسب المتابعين فى رفع مقياس الشعور بالمسؤولية والإحساس بعين الرقابة والمتابعة، مما يساهم فى كسر حاجز الرتابة والبيروقراطية واللا مبالاة فى العمل والحد من الاعتداء على المال العام وفرض سياسة العين الحمراء والمتابعة اللصيقة. إلا أنه ووفقاً لبعض المراقبين فإنهم يرون أن يكتفى الوالى هارون بالحراك الذى احدثه والنتائج التى وصل اليها، ويرون ضرورة الاسراع في تكوين حكومة قوية وملتزمة وذات إيقاع سريع تساهم معه فى إرساء سياسة الانضباط والمتابعة التى انتهجها فى بداية عهده حتى يتفرغ الى أعباء ضخمة تنتظره فى ملفات التنمية والمشروعات الخدمية، لا سيما أن الفترة المتبقية لموعد الانتخابات قصيرة ويجب أن يستفيد من كل دقيقة ويسابق الزمن. وفي هذا الصدد يقول القيادى بحزب المؤتمر السودانى على أحمد حسن، إن الزيارات رغم انها احدثت حراكاً إلا أنها قد تؤدى الى استقطاب حاد بين العاملين بمرافق الدولة بفعل الاتهامات التى تبودلت، واتهام فئة لأخرى بأنها السبب فى انهيار المرفق، وزاد قائلاً: «لم تخل التهم من الاشارة الى جهات او اشخاص بأنهم سبب كل ذلك»، وقد يؤدى ذلك الى زيادة الاحتقان والغبن وتصفية الحسابات فى المدى القريب او البعيد، وكان يمكن أن يتم تفعيل اجهزة المراجعة الداخلية ومحاسبة كل من يخطئ فوراً وفق تقارير المراجعة. ويرى عبد الله حسن القيادى بالمؤتمر الوطنى أن الزيارات قد سلطت الضوء على مكامن الخلل والفساد الذى ضرب الولاية وتسبب في انهيار الخدمة المدنية، وقال إن الوالى مطالب بمواصلة برنامجه هذا لأن نتائجه قد بانت جلياً فى حالة الانضباط والترقب والحذر التى سادت المرافق الحكومية التى زارها واستمع الى كل الاطراف فيها، معتبراً أن هذه السياسة يجب أن ينتقل بها الى المحليات حيث الخلل الأكبر. ومن جهته يقول عبد الله علي النور الأمين العام للمؤتمر الشعبي إن هذه الجولات تقليدية ويقوم بها كل والٍ جديد للتعرف على الولاية ومشكلاتها ومؤسساتها، بغرض وضع بعض المعالجات اللازمة للمشكلة التي يكتشفها، وأضاف قائلاً: «في تقديري أنه تمكن بموجب هذه الجولات من اكتشاف المشكلات المتمثلة في الخدمات الأساسية بالولاية كالصحة والتعليم والطرق والمياه وخلافه»، الا ان هذه الجولات الفردية تصبح غير ذات جدوى في ظل الخلل الموجود في النظام والتنظيم في السودان من ناحية عامة وفي الولاية بشكل أخص، كما أن عمل الرجل الواحد لا يجدي في ظل غياب المؤسسات التنفيذية والتشريعية، وبالتالي فإن الإعياء سيصيب الاخ الوالي ما لم يسارع في تشكيل حكومة فاعلة يختار لها الكفاءات النقية والجيدة في أداء المهام الموكلة اليها. وولاية شمال كردفان ظلت تعاني من الغياب القسري الذي أبعدها عن أولويات المركز لانشغال بعض متنفذيها بصراعات التكالب والمحاصصة واصطياد المغانم والمواقع، حتى وصل الأمر لأن نجد من يشغل ما بين ستة الى سبعة مواقع بينها السياسي والتشريعي والتنفيذي، وهؤلاء بحسب مراقبين هم أعداء هارون الحقيقيون الذين لن يستسلموا بسهولة وسوف يكتشفون هذه العباءات الكثيرة التي تدر على بعضهم ما يفوق «10» ملايين من الجنيهات دخلاً شهرياً ثابتاً لكل منهم.. فهل سيصمد هارون امام هذه الأعاصير ويجد الدعم من المجتمع الكردفاني؟ أم تُوقف المتاريس المتوقعة سيل حماسه الدفاق.