اللعيت جار النبي : عبدالوهاب جمعة: صباح كل يوم يخرج الشيخ الستيني ابوبكر الى حواشته بقرية « التوم بشارة » لاكمال عمله اليومي نظافة الحشائش من محصول الفول ، ويستخدم ابوبكر في نظافة الحقل « حشاشة » بلدية من قطعة حديدية واخرى خشبية ، وتلك المعدات الزراعية اليدوية يستخدمها معظم مزارعي محلية اللعيت جار النبي بولاية شمال دارفور ، وتعتبر محلية اللعيت جار النبي من افضل المناطق الزراعية التي تجود بمحصول الفول السوداني ، حيث خصوبة الاراضي الزراعية والامطار الغزيزة و مهارة مزارعي المنطقة في زراعة الفول . يقول معتمد محلية اللعيت جار النبي عبدالرحمن يونس ان جغرافية المنطقة منحت محصول الفول السوداني ان يكون المحصول الغالب والمفضل لمعظم سكان المنطقة، مشيرا الى ان المحلية تعتبر اكثر ولايات دارفور استقرارا من الناحية الامنية . وتتمحور حياة اللعيت جار النبي حول محصول الفول السوداني حيث يعتبر المحصول النقدي للمنطقة ، ويسمي معظم اهالي اللعيت محصول الفول السوداني ب« ذهب دارفور الابيض » ، ويؤكد التاجر ابراهيم بسوق اللعيت ان انتاج المنطقة في حال موسم خريف جيد يصل الى ما بين مليون الى ثلاثة ملايين جوال فول ، بيد ان ابراهيم يؤكد ان فوائد المزارعين تقل لجهة ان معظم محصول الفول يباع خام غير مقشور. ومحلية اللعيت جار النبي التي تتكون من ثلاث وحدات ادارية واكثر من 38 قرية وبلدة ويفوق عدد سكانها اكثر من 200 ألف نسمة حسب افادات تجار عاملين باللعيت مشيرين الى ان سوق اللعيت يعتبر سوقا قوميا لتجارة المحاصيل موضحين ان سوق اللعيت يبلغ عدد محلاته اكثر من «1000 » محل تجاري ويمتهن معظم سكان محلية اللعيت الزراعة بجانب رعي الماشية من الغنم والابقار. يقول المفتش الزراعي باللعيت ادم محمد عبدالرحمن ان 99% من سكان المحلية يحترفون مهنة الزراعة مشيرا الى 75% من الاراضي تزرع بالفول السوداني بينما تذهب بقية المساحة للدخن والبطيخ والسمسم والكركدي وابان ادم ان هناك مساحات صغيرة للخضروات . يعتبر السودان ثاني دولة في افريقيا لانتاج الفول السوداني بانتاج «3.5% » من انتاج العالم بعد نيجيريا التي تحتل المركز الاول بانتاجية «8.4%» من جملة انتاج العالم وتحتل أفريقيا المركز الثاني بين قارات العالم بعد آسيا. وتعتبر محلية اللعيت بمثابة « شرق اسيا» لمحصول الفول السوداني بالبلاد ، ويشير معظم اهالي المنطقة الى خصائص التربة جعلت منها اخصب مناطق السودان لانتاج الفول . ويؤكد المفتش الزراعي ادم ان مزارعي المنطقة يستخدمون تقاوي محسنة في انتاج الفول مشيرا الى عينة «فول غبيش » المحسنة التي تشتهر بجودة الانتاج وسرعة الانبات وكمية ووفرة الزيت بينما عينة « فول سودري» المحسنة المتميزة بسرعة الانبات واتساع العرش وغزارة البذور وسرعة النضج في فترة قصيرة تتراوح بين 75 الى 80 يوما ، مبينا ان هناك عينات اخرى مثل « بارتيون » و« فول الجزيرة والنيل الابيض » المشهورة بطول نضوجه والتي تتراوح بين 3 الى 4 شهور بيد ان المفتش الزراعي يشير الى غزارة انتاجه من الزيت . وقال ان محصول الفول السوداني للموسم السابق تدنت اسعاره الى ادني سعر منذ عدة سنوات ، حيث يقول تجار سوق محاصيل اللعيت ان قنطار الفول هبط من سعر 175 الى 100 جنيه ، ويعزو معظم التجار السبب الى عدم امتلاك المزارعين للسيولة المالية التي تمكنهم من مواجهة تقلبات الاسعار وعدم وصول خدمة التأمين الزراعي التي توجد فقط في حاضرة الولاية الفاشر ، ويلقي بعض المزارعين باللائمة على توجه التجار والشركات للاستثمار في مجال الذهب ، وتأتي المفارقة في انه ذات الوقت الذي ترتفع فيه اسعار زيوت الفول السوداني في المدن يحدث العكس مع منتجي الفول الحقيقيين . وتهدد مشكلة ذهاب المزارعين والايدي العاملة الى مناطق الذهب موسم الزراعة في شمال دارفور. يقول وزير الزراعة بالولاية عيسى محمد عبدالله ان شباب المنطقة توجهوا الى مناطق الذهب، مشيرا الى قلة العمالة بعد انفصال الجنوب ، ويوضح وزير الزراعة بان المهدد الحقيقي للزراعة في دارفور هو التسويق مشيرا الى هبوط اسعار الفول السوداني ، مؤكدا وقوع خسائر كبيرة على المزارعين ، ويشير وزير الزراعة الى محاولات الوزارة في نقل الميكنة الزراعية للمزارعين لتنفيذ الحزم التقنية الجديدة ووفقا لوزير الزراعة فان الولاية تعتزم نقل تجربة نيجيريا في زراعة الفول السوداني والتي تعتبر من اكبر دول افريقيا انتاجا للفول ، ويلفت وزير الزراعة الى عدم وجود اي مهدد امني بعد تأمين المنطقة. ووفقا لتقارير الارصاد الجوية التي اكدت ان معدلات الخريف للموسم الحالي كانت الاعلى في دارفور وفي معظم مناطق البلاد ، فان امال سكان محلية اللعيت جار النبي انتعشت بنسائم الخريف لتعويض خسائر العام الماضي ، بيد ان البعض يخشى من تكرار نفس سيناريو العام الماضي بسبب مشكلات التسويق وعدم التأمين الزراعي .