بينما كنت اجوس خلال الانترنت واتسكع بين المواقع بحثا عن المناسبتين اللتين قال فيهما الزعيم المصري الاشهر سعد زغلول العبارتين الشهيرتين(الحق فوق القوة والامة فوق الحكومة( والعبارة الاخري التي جرت مثلا (غطيني يا صفية مفيش فايدة(، عثرت على كلمة بعنوان العبارة الاخيرة للروائي والكاتب والصحافي السعودي عبده خال، الحاصل على جائزة البوكر للرواية العربية في نسختها الاخيرة عن روايته(انها ترمي بشرر(، وكان عنوان هذه الرواية الذي حوره عادل الباز رئيس تحرير الاحداث ل(رباح ترمي بشرر) سببا في سجال ممتع ومفيد دار بينه وبين الكاتبة الصحفية والسياسية القيادية بحزب الامة، رباح الصادق، والتي صكت بدورها مصطلح (مؤتمروطنجي) ورمت به الباز وردت عليه عنوانه بأنه لم يكن يرمي بدرر حين انتاش حزبها بسهامه، قلت في نفسي هذه بتلك، ثم انشدت سرا: ومن جعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام في من تصيدا. وعودة لخال وغطيني يا صفية، فقد وجدت فيه شيئا مما كنت ابحث عنه. لم يكن يكفي ولكنه يحث علي المزيد من البحث. فماذا قال عبده خال.... قال :طبعا ليس بالضرورة أن تكتب عن مصايب البلد، فالناس ملت، وأي كتابة في أي موضوع هي كتابة جالبة لوجع الرأس.. كما أن كثيراً من القضايا الشائكة وغير الشائكة لم تعد ذات أهمية حين تلتقي بشخص ما، يعيب عليك الكتابة في شجون المجتمع ومآسيه، ويضرب على كتفك أو ظهرك قائلاً: ياعم قل يا باسط. صاحب هذه المقولة لا يريد ان يقول لك :كف نعيق الغربان عنا بتذكيرنا الدائم بهمومنا.. ويصبح الغراب مرادفاً للشؤم والنكد لأنه قال الحقيقة وبسبب هذه الحقيقة لعن ونبذ منذ قصة الطوفان إلى الآن، ولو أنه سلك مسلك الحمامة وحمل غصنا وترنم به لربما رأينا الغربان تتنعم الآن بالفأل الحسن وتؤخذ كشارة للسلام والمحبة، ولرأينا الجميع يتنازعون على لقب يا غراب.!! ومهما ادعى الكتاب حرصهم على الاصلاح والوقوف عند الأخطاء تظل كلماتهم كزبد البحر على شواطىء بعض المسؤولين الذين يعرفون تماما ان ما يكتب لن يكون موجة بتاتا وسيظل زبدا.. ورغوة تمتصها التربة او تتركها معلقة من غير ان تكون ذات بال.. ويصطدم الكاتب ايضا مع شرائح من المجتمع اللاهية والتي ترى ان الكتابة في هموم الناس ومشاكلهم نعيق يقض مضاجع (وناسته).. على رأي صاحبنا الذي ربت على كتفك أو ظهرك ( في دلالة لا تخلو من الخبث وهو يوصيك): - ياعم قول ياباسط.. وربما تأتي هذه المفردة من يقينه من أن الكتّاب لو بلطوا البحر فلن يبتعدوا عن كونهم زبد بحر لن يلتفت إليه.. وإهمال مطالبة الفئات المختلفة من قبل جهة ما يغدو محرضا على اليأس والسير وفق مشي الحال .. ويعجبني الشعب المصري في استملاح مشاكله والقفز عليها بالنكتة والضحكة وصك مفردات تذهب على ألسنة الناس مختصرة معاناة مديدة .. ولا أتصور أن قضية أو مشكلة في بلد ما، تهمل من قبل المسؤولين أو أن لا يأتي الأمر على الهوى مقتصرة على العامة فقط، فسعد زغلول وجد أيضا معضلة كبيرة في تسيير العجلة للأمام، لذلك لجأ الى بيته ونادى على زوجته: غطيني ياصفية مفيش فايدة.. لتصبح جملته أشهر جملة لمسؤول يجسد فيها مرارته أيضاً..