كانت «الصحافة» قد انفردت بخبر توقف فضائية هارموني عن البث، ونشر الخبر في قلب صفحة (اوراق الورد) بالمناشيت الأحمر! ولا أذيع سراً اذا قلت ان هذا الخبر من نوع الانفرادات التي لا أحبها فليس مفرحاً أن تتوقف فضائية عن البث لأن ذلك يعني فقدان بوابة من بوابات التنوير ولكن «الصحافة» تحكم بضوابط مهنية ونشر الاخبار لا يكون على هوى ومزاج المحرر ففي الخبر الاولوية بالأهمية وتوقف فضائية لها جمهورها مهم ويستحق النشر بالمناشيت الأحمر. بدأت فضائية هارموني كفكرة في مخيلة المخرج معتصم الجعيلي وأصبحت الفكرة واقعاً ومع مثابرة الجعيلي واجتهاده ونجحت هارموني في استقطاب مشاهدين كثر واصبحت من القنوات ذات المشاهدة العالية في وقت وجيز، ولست هنا بتقديم رؤية نقدية عن برامج هارموني فهذا فعل قمت به عندما كانت هارموني تواصل بثها! ولكني أريد ان ألفت النظر وبقوة إلى ان توقف فضائية سودانية تحتفي بالابداع السوداني وتقدم الفنون السودانية ليس من المصلحة الوطنية، والامر من زاوية أخرى يهزم ويحبط المشاريع الجديدة اذا كان هناك آخرون يفكرون في انشاء فضائيات جديدة. ويعتبر نموذج معتصم الجعيلي مؤشرا يمكن أن يهتدي به المستثمرون الجدد لأن الرجل استطاع وبامكانيات مادية محدودة أن يجعل حلمه حقيقة، وحققت هارموني نجاحاً جماهيرياً واستقطبت كثيرا من المعلنين! لا تواجه مالك القناة أي مشكلة في التسيير أو الانتاج ويحتاج فقط لتكلفة ايجار القمر الصناعي حيث يبث برامجه من القاهرة ولو كان البث من الخرطوم لما توقفت هارموني لحظة واحدة!! ونموذج معتصم الجعيلي والمشاهدة العالية التي حققتها هارموني مع الامكانيات المحدودة هو نموذج يجب أن يستند عليه المسؤولون في تقييمهم للتلفزيون القومي مع الصرف الباهظ عليه والمشاهدة الضعيفة وتعلل مسؤولو التلفزيون بضعف الامكانيات!! مخرج مبدع ومنتج شاطر مثل معتصم الجعيلي يستحق أن تمد له الدولة أياديها بيضاء وتحل مشكلة هارموني مع القمر الصناعي حلا نهائيا وأرجو أن يتدخل الأخ الدكتور كمال عبيد وزير الدولة للاعلام في الأمر، ليس عيباً أن تدعم الدولة معتصم الجعيلي وما يقدمه مشروع ثقافي وطني سوداني. وقد علمت أن الأخ معتصم قطع خطوات كبيرة لعودة هاروني من جديد وما رميت له بمناشدة الدولة هو حل المشكلة، بصورة نهائية حتى تشرق شمس هارموني من جديد، وتعدد الانفاس الفضائية هو دليل عافية.