أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، قراراً بفك تعليق الدراسة واستئنافها، ومواصلة عام (الثورة) الدراسي – الذي ظلّ مُتعثِّراً منذ بداية قرع الجرس. القرار صحيحٌ، بل وضروريٌّ، ولكن لماذا في يوم 15 سبتمبر الجاري؟ مع احترامي لقرار رئيس الوزراء حمدوك، ولكن أرى أن تفتح المدارس أبوابها اليوم قبل الغد.. ما ذنب هؤلاء التلاميذ (الزغب) الصغار وما جريرتهم التي اقترفوها في أن يُحاكموا بتعثُّر عامهم الدراسي وتعطيل مسيرتهم العلمية؟ فمن الخطأ بل من الخطأ الشنيع جرّ التلاميذ الصغار والزَّج بهم في السياسة! صحيحٌ أنّ قرار التعليق كان مُتعلِّقاً بأسباب وظروف أمنية، حينما قُتل عدد من تلاميذ المدارس في مدينة الأبيض – بشمال كردفان – عندما خرجوا في تظاهرات من أجل تحقيق مطالبهم.. آنذاك كانت أسباب تعليق الدراسة منطقية وموضوعية، ولكن انتفى المُبرِّر وزال بعدما تمّ التّوصُّل والقبض على الجُناة الذين يتبعون إلى قوات الدعم السريع، وأعلنت قيادة الدعم السريع فصلهم وتقديمهم للمحاكمة. وفي تقديري، بعد القبض على الجُناة في الأبيض، ليس هنالك مُبرِّرٌ بمد تعليق الدراسة، سواء كان المجلس العسكري وقتها، أو مجلس السيادة الذي حل بعده، أو لرئيس مجلس الوزراء الذي جاء مُؤخّراً. كذلك لفت نظري أنّ لجنة المُعلِّمين بالسودان أصدرت بياناً تُطالب فيه بعدم استئناف الدراسة ما لم تَتَحَقّق مَطالبها حسب زعمها – والتي تتمثل في تحسين أوضاعهم المعيشية، من أجور ورواتب وتهيئة البيئة المدرسية.. وكذلك شرطهم الأساسي الذي يتمثل في إزالة كل المحسوبين على النظام السابق المَوجودين في مفاصل وزارة التربية والتعليم، وكذلك في إدارة المراحل الدراسية المُختلفة. لجنة المُعلِّمين مَطالبها مشروعة بكلِّ تأكيدٍ، ومن حقهم المُطالبة بتحسين أوضاعهم ولا شطط في ذلك، ولكن أرجو ألا تصطاد في المياه العكرة وتستغل ظرف تعليق الدراسة الذي كان في الأصل لأسبابٍ أمنيةٍ بموت طلاب مدينة الأبيض.. دعوا التلاميذ يعودون إلى أدراج الدراسة ومواصلة تعليمهم، وأن يلحقوا بالعام الدراسي الذي كاد أن يضيع بين أيديهم وهم لا ذنب لهم فيه.. واصلوا في مطالبكم بصورة سلمية وحضارية مع مُواصلة العام الدراسي لتلاميذكم.. هؤلاء أبناؤكم.. وأنتم أرفع قدراً ولا تحتاجون وصاية من أحدٍ، والجميع يكن لكم التقدير والاحترام والاعتزاز.. أنتم من صَنعتم القادة، الأطباء، المهندسين، القانونيين والاقتصاديين …إلخ. أيُّها السادة في لجنة المُعلِّمين أرجو أن تنظروا إلى القضية بعين المُدرِّس والأب والمُربي.. وألا تكون نظرتكم إلى القضية قاصرة، كأنكم مُجرّد أفندية أو مُوظّفين فقط. رسالتي إلى رئيس الوزراء "حمدوك"، أن يُعجِّل بفتح المدارس اليوم قبل الغد.. قبل التاريخ المُعلن في منتصف هذا الشهر، لأنّ العام الدراسي تأخّر كثيراً.. صحيح هنالك أسباب فنية، بعض المدارس تعرّضت للانهيار جرّاء الأمطار والسيول، ولكن هذا لا ينطبق على كل مدارس السودان.. وكذلك أوجِّه رسالتي للجنة المُعلِّمين بالسودان للوقوف بجانب الحكومة الجديدة – حتى تكتمل حلقاتها بتعيين بقية الوزراء – حتى تستطيع تنفيذ مطالبكم كاملةً.. عليكم التمهُّل قليلاً، والوقت مازال مُبكِّراً والدولة أو الحكومة الجديدة مازالت في طَور التكوين، وإلى الآن لم تقف على سيقانها.. العام الدراسي مضى فيه الكثير، ولا بُدّ من تلافيه.. ومُعالجة الفاقد تكون بالتعويض في عُطلتي السبت والدورة المدرسية، إضافة إلى تعديل جدول الدراسة ولو بحصةٍ إضافيةٍ لكلِّ يومٍ، وذلك بقدر الاستطاعة وفي طاقة التلاميذ، وهذا من اختصاص الإرشاد النفسي بالمدارس. كما نرجو ونأمل من وزارة التربية والتعليم الحرص على قيام امتحانات الشهادة السودانية في موعدها المحدد من كل عامٍ، لأنّ الشهادة السودانية تعتبر كرمزية التعليم في بلادنا، وما زالت تُحظى بسُمعة طيبةٍ في محيطنا الأفريقي والعربي، وأيِّ اختلال في موعدها المحدد يعطي انطباعاً سالباً عن السودان في المُحيط الإقليمي والدولي، ونُصَنّف كدولة غير مُستقرةٍ سياسياً.. لأن هنالك كما هو مألوف – بأنّ عدداً مقدّراً من الشهادات العربية من طلاب الدول العربية – يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية في كُلِّ عَامٍ.