سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
(السوداني) في حوار فوق العادة مع المبعوث البريطاني الخاص بالسودان وجنوب السودان كريستوفر تروت: عرمان لن يكون جزءاً من أيِّ مفاوضات معنية بإيقاف إطلاق النار
كريستوفر يُعَدُّ من الخبراء في الشأن الإفريقي في بريطانيا، ولديه ذكريات قديمة وارتباط وجداني بنهر النيل، فلقد عمل بمصر قبل ثلاثة عقود، معلماً للغة الإنجليزية، وهي ذات المهنة التي امتهنها السفير الحالي لبريطانيا بالخرطوم المستر/ مايكل آرون. وحول نظرته للأوضاع الراهنة بالسودان منذ آخر زيارة له قبل شهرين، خصوصاً بملف السلام الذي يُمسك به، قال إن الهدف من زيارته هو دعم مسيرة السلام، كونها أحد أهدافهم لدعم ميكانيزم الاتحاد الإفريقي لإيجاد حلٍّ على المدى الطويل للسلام في المنطقة. وقال: (أحد أهم أهدافي هنا، العمل مع حكومة السودان ومع المعارضة، لحثهما على التعامل مع العملية السلمية، بصورة جادة تؤدي إلى نتائج إيجابية). كريستوفر وصف الوضع الحالي ب(المتوتر)، وعزا ذلك لبعض الإشكاليات بخصوص الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد حالياً. وحول هذا الوضع أرسل المبعوث البريطاني الخاص بالسودان برسالة للحكومة السودانية، قائلاً: (رسالتنا للحكومة السودانية أن تُوفِّر مناخاً يُساعد على إدارة حوار بنَّاء مع كل الجهات... الوضع الحالي مع المعتقلين حالياً؛ والصحفيين المعتقلين تحديداً يعطي انطباعاً بأنه لا يمكن أن يكون هناك حوار بنَّاء في ظل هذا الوضع، لذلك نحن نحث الحكومة السودانية على أن تُعالج هذا الوضع حتى تتشجَّع المعارضة على الانخراط في الحوار بصورة جادة). وأوضح كريستوفر أنه قابل كلاً من وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور، ومساعد رئيس الجمهورية المهندس إبراهيم محمود، وممثل رئاسة الجمهورية للاتصال الدبلوماسي والتفاوضي بملف السلام د.أمين حسن عمر، وتحدث معهم حول العديد من الموضوعات. وتحدث بصورة واضحة مع الحكومة حول الاعتقالات التي طالت المحتجين والصحفيين - وهذا سبب مهم للزيارة بحسب قوله – وأكد لها أن العملية السلمية لن تتحرَّك في ظل هذه الأجواء، وقال: (هذه هي الرسالة التي حملتها، تشجيع الحكومة للسير بصورة هادفة في الحوار، وكان لا بدَّ من الحديث في هذه الملفات وحلها، وقلت لهم لا بد من حل هذه الإشكالات). الحكومة بدورها رحَّبت بالأمر وأكدت - بحسب كريستوفر - أنه سيتم تحسين الوضع، وسيتم إطلاق سراح المعتقلين. * ملحوظة: تم إطلاق سراح الصحفيين مساء أمس. عملية السلام (الجميع لا يكاد ينتظر حتى تنطلق عملية السلام حتى تتحقَّق)، هكذا وصف المبعوث البريطاني الخاص للسودان، ترقُّب الحكومة والمعارضة لانطلاق مسيرة السلام. وأضاف: (لقد انتظرنا 18 شهراً؛ منذ توقيع الاتفاقية حتى نصل لمرحلة إيقاف العدائيات وإيقاف إطلاق النار، والسماح بإيصال الإعانات الإنسانية، وما يتبع تلك المرحلة هو الحوار السياسي، وكانت فترة طويلة جداً... انطباعي أن الطرفين الحكومة والمعارضة أرادا بدء الحوار والانخراط في عملية السلام، لذلك يجب أن نواصل دفع هذه العملية من جانبنا). كذلك التقى كريستوفر بقادة المعارضة في مجموعة نداء السودان والسيد الإمام الصادق المهدي، وأكد أن الأخير قال نفس الشيء، فهو يريد أن يبدأ السياسي، ويرى أهمية توفير المناخ الملائم، وأهمية توقيع اتفاقية إيقاف العدائيات. المبعوث البريطاني الخاص، يعمل بتنسيق تام مع الآلية الإفريقية بقيادة ثامبو إمبيكي، ولهما رؤية محددة لدفع عملية المفاوضات بأديس أبابا. كريستوفر أكد أن إمبيكي حاول كثيراً دفع جهود العملية السلمية، ولكن أخَّرهم الانقسام الذي حدث في الحركة الشعبية، وأن عبد العزيز الحلو أخذ وقتاً طويلاً حتى عاود التواصل في العملية السلمية. وقال كريستوفر: (أنا متفائل، فلقد حضرنا للفترة الأولى من فبراير القادم مجموعة من الاجتماعات ستؤدي إلى نتيجة إيجابية بخصوص عملية السلام. تعهدي لكل الأطراف الثلاثة "الحكومة، والمعارضة، وإمبيكي"، بأنني سأُحاول دعم هذه العملية للتأكد من أنها تسفر عن نتائج إيجابية على أرض الواقع). ومضى بالقول: (كل أصدقاء السودان حول العالم يريدون أن يروا السلام يتحقق في السودان، ولذلك أتمنَّى تؤدي هذه العملية إلى سلام دائم). كنترول الحلو.. عرمان وعقار خارج خطوط النار كان لا بد ل(السوداني) أن تطرح أهمَّ الملفات على طاولة المبعوث البريطاني الخاص للسودان، وهو الانقسام الكبير الذي حدث داخل كابينة قادة الحركة الشعبية. وقد وضح لي جلياً أنه حريص على إدارة الحوار حول إيقاف العدائيات وإطلاق النار مع عبد العزيز الحلو.. لكن أين ياسر عرمان وعقار من هذه المعادلة؟ وهل تتم إدارة الحوار مع الحلو لأنه الطرف الأقوى؟.. فلننظر بِمَ أجاب المستر كريستوفر حول هذا الأمر: (أعتقد أن الانقسام الذي حدث شيء مؤسف.. وأعتقد أن الحكومة تتفق معي في هذا الرأي، لأن هذا الانقسام أدى إلى تطويل النقاشات في عملية السلام). وأضاف: (من ناحية "الكنترول" على العمليات العسكرية وعلى المناطق، يبدو لنا أن عبد العزيز هو الجانب الأقوى.. لذلك ياسر عرمان لن يكون جزءاً من أي نقاشات معنية بإيقاف عدائيات، لأن هذه النقاشات تتم بين جيشين). واستدرك كريستوفر قائلاً: (لكن نرى أن عقار وعرمان، يجب من الضروري أن يكونا جزءاً من عملية السلام، ويتَّفق معنا أيضاً نداء السودان في ذلك). أمين حسن عمر على الخط لضيق وقت كريستوفر، انتقلت إلى أسئلة أخرى مهمة، ولم أدخل معه في مزيدٍ من تفاصيل ملف الحركة الشعبية، واكتفيتُ بما قدمه من إفادات ساخنة. لكن (السوداني) لمزيدٍ من التوضيح حول ملف السلام الذي سينطلق بعد أيام بأديس أبابا، اتَّصلت بالدكتور أمين حسن، الذي التقاه كريستوفر. د.أمين قال إنهم ملتزمون بخارطة الطريق في الموضوعات ذات الطابع السياسي، والحوار، وملف التفاوض. أمين أعلن أنهم لن يتفاوضوا مع أحد ليس لديه القدرة على تنفيذ الالتزامات، وقال: (الترتيبات الأمنية ليست كلاماً نظرياً، وهي وضع من يوفي بالالتزامات، وإيقاف إطلاق النار). وأضاف أمين: (نحن مستعدون لأي شيء، فلا يوجد وقت، نريد الانتهاء من ملف التفاوض، والوصول للسلام، حتى نتفرغ لملف الدستور). * ومن المتوقع أن توقع الحكومة والحركة الشعبية "شمال" بقيادة الحلو على اتفاقٍ لإيقاف إطلاق النار في الأول من فبراير القادم، والدخول مباشرة في مفاوضات في الرابع من ذات الشهر. النظر إلى الأمام الحوار الوطني كان حاضراً في أجندة حوارنا مع المبعوث البريطاني الخاص للسودان، لأن بريطانيا دعمت المضي قدماً فيه. (السوداني) استفسرته عن تقييمه له، وعن التزام الحكومة بإنفاذ مخرجاته. كريستوفر أجاب باقتضاب: (زيارتي الأولى كانت قبل نهاية المرحلة الأولى من الحوار الوطني، كان من الواضح أن هناك عملاً كبيراً تم في الحوار الوطني، لكن كانت رسالتنا واضحة؛ يجب أن لا يتم إقصاء أي أحزاب سياسية لم تكن جزءاً من الحوار الوطني... كذلك الآلية الإفريقية تنظر للحوار الوطني على أنه أدى التوصيات، وتريد أن تنظر إلى الأمام؛ بدلاً عن النظر إلى الخلف، تريد تنفذ التوصيات على أرض الواقع). إعفاء ديون السودان يتطلع السودان لإعفاء ديونه الخارجية وفقاً لمبادرة (هيبك). ووفقاً لتقديرات حديثة صادرة من صندوق النقد الدولي فإن ديون السودان الخارجية تبلغ نحو (47) مليار دولار أمريكي.. بريطانيا أبدت استعدادها في وقت سابق لمساعدة السودان. ويقول كريستوفر إن هذا الموضوع كان جزءاً مهماً من النقاشات التي دارت في الحوار الاستراتيجي، الذي مضت عليه سنتان. وأضاف: (لقد سعدنا برفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية في أكتوبر الماضي، لأن رفع العقوبات يُعَدُّ المرحلة الأولى في هذا الطريق. ونحن بكل تأكيد ندعم السودان في طموحه لإعفاء ديونه، لكن عملية إعفاء الديون عملية تقنية، وهنالك العديد من الخطوات والشروط التي يجب اتخاذها في البداية؛ حتى يتمكن السودان من إعفاء الديون). وعدد كريستوفر عدة محاور حتى يستطيع السودان المضي قدماً في هذا الطريق، قائلاً: (إذا استطاع السودان أن يُثبت التزامه بالإصلاح، والحد من الفقر؛ فإن بريطانيا مستعدة لتقديم المساعدات التقنية كافة للسودان. وما سنعمل عليه هو مساعدة السودان في تحضير "استراتيجية الحد من الفقر"، وأيضاً العمل مع وزارة الرعاية الاجتماعية في تحسين السياسات التي تصبُّ في صالح الفئات الأكثر فقراً). قلت له: ما هي جهودكم المبذولة لمحاولة مساعدة السودانيين وتحسين سبل معيشتهم، ودعم التنمية؟ قال لي: (قد تحتاج للتحدث بصورة أوسع؛ مع إدارة التنمية الدولية البريطانية في السودان؛ ليعطيك المزيد من التفاصيل.. لكن بصورة عامة ما نهدف إليه هو توفير الحد الأدنى من أساسيات المعيشة للفئات المحتاجة في السودان، بالإضافة لمساعدة المواطنين على أن يكونوا أكثر مقدرة على تحمل التقلبات التي يمكن أن تحدث، وذلك يشمل التقلبات المناخية.. والهدف من كل ذلك هو تأسيس قاعدة لبناء دولة ديمقراطية تنعم بالسلام والرخاء). صداع قائمة الإرهاب رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، مثّل صداع دائماً للدولة السودانية. وهي من المحاور التي يعمل عليها أيضاً المبعوث البريطاني الخاص بالسودان، وكشف أن الحوار في هذا الموضوع لن يكون بدرجة من البساطة، ولكن يتطلَّع لأن يتم حوار بنَّاءٌ بين الدولتين المعنيَّتين؛ وهما السودان وأمريكا، وأنهم في بريطانيا يدعمون هذه النقاشات والحوارات، فهم صديق مشترك للسودان وأمريكا. وختم حديثه قائلاً: (نتمنى أن ينتقل السودان إلى تلك المرحلة؛ حتى يأخذ موقعه الإقليمي، وتصبح علاقاته مع الدول الخارجية بصورة أفضل).