ضمن توصيات المؤتمر الاقتصادي القومي الذي انتهى الاسبوع الماضي تم رفع توصية لتبني نظام مصرفي مزدوج يتمثل في عمل المصارف بنظام النافذتين: النظام الربوي الذي يستند الى سعر فائدة ثابت والنظام الإسلامي اللاربوي الذي يرتكز على مفهوم المشاركة في الأرباح والخسائر. الهدف من تبني هذه التوصية حسب تبريرات البنك المركزي تمكين البنك المركزي من تنفيذ سياسة نقدية فاعلة بموجبها يستطيع ادارة ومتابعة التضخم وأسعار الصرف. ولكن وفقا للشواهد البحثية المتوفرة لدينا بما فيها كتابات صندوق النقد الدولي ان النظام الإسلامي غير الربوي يتفوق على النظام الربوي في امتصاص مخاطر الصدمات التي يتعرض لها النظام المصرفي من فترة الى اخرى وذلك من خلال توزيع مخاطر التمويل بين الطرفين هما المصرف باعتباره مصدر التمويل والمستثمر الذي يقترض من المصرف. وهذا يتم باعتبار ان النظام الإسلامي يرتكز على المشاركة في المخاطر بين الطرفين أما في النظام الربوي يتحمل مخاطر التمويل طرف واحد فقط في الغالب المستثمر في حال تعرضه لخسائر تتسبب في عدم سداد التزامات التمويل . في ظل الظروف الحالية للاقتصاد السوداني التي تتسم بعدم وضوح الرؤية في كل شيء بما فيها عدم استقرار أسعار الصرف وارتفاع الأسعار المستمر يصبح النظام الربوي غير ممكن عمليا للعمل به ناهيك ان يكون آلية لإدارة السياسة النقدية التي تفتقد المرتكزات الأساسية لإدارة اسعار الصرف والتضخم. على عكس النظام الإسلامي اللاربوي اهم متطلبات فعالية النطام الربوي لتوجيه سياسة نقدية فاعلة استقرار اقتصادي متمثلا في سعر صرف مستقر ومستويات تضخم متدنية او معقولة. لتوضيح هذه النقطة بصورة أفضل احد أهم آليات السياسة النقدية لدى البنك المركزي في تأثيره على ازدياد الكتلة النقدية إصدار سندات خزانة ربوية لبيعها للمستثمرين. في ظل مستويات التضخم الحالية يصبح غير مجد لأي مستثمر شراء سندات حكومية تحمل أسعار فائدة اقل من مستوى ارتفاع أسعار السلع والخدمات وهذا يعني عدم جدوى إصدار سندات تحمل أسعار فائدة أقل من مائة في المائة. واذا تم إصدار سندات بأسعار فائدة تتماشى مع مستويات التضخم الفعلية سيسهم إصدار مثل هذه السندات في توسع او زيادة الكتلة النقدية بدلا من امتصاص الكتلة النقدية كما هو المراد وبالتالي ستصبح وسيلة تضخمية. اما في حال اصدار صكوك إسلامية قائمة على الشراكة في الأرباح والخسائر ليس لدى البنك المركزي التزام لضمان سعر فائدة ثابت للمستثمر . ولكن ايضا ليس ما يضمن إقبال المستثمرين لشراء صكوك خزانة صادرة من البنك المركزي إذا كان عائد الصك غير مجد للمستثمر في قيمته الحقيقية. ولمعالجة هذا الإشكال من الممكن إصدار صكوك خزانة قائمة على احتياطات البنك المركزي من الذهب بحيث يتم تقيم القيمة الإسمية لكل صك علي اساس كذا جرام من الذهب وتدفع العوائد بالذهب او ما يعادلها من العملات الصعبة.هذا النوع من الصكوك خال من شبهات الحرمة لأنه يستند الى أصل حقيقي وهو الذهب على عكس صكوك شهامة التي لا تخلو من شبهة الغرر. المهم في مجمل القول هنالك فرص أفضل في تطوير سياسة نقدية فاعلة للبنك المركزي من خلال استخدام نظام الصكوك الاسلامية المصممة خصيصا لادارة السياسة النقدية بدلاً من نظام أسعار الفائدة الربوي.