لم ينقطع تواصلي مع السيد الإمام خلال العشر سنوات الماضية. وبخلاف المراسلات بيننا، فقد قمت بزيارته أكثر من مرة في الخرطوم والقاهرة بغرض تبادل الآراء حول الهم الوطني العام ومواصفات المشهد السياسي في السودان في ظل التطورات الداخلية والإقليمية والدولية، وخيارات حل الأزمة السياسية المستفحلة بالبلاد. إن قدرة الإمام الصادق على الاستماع لمخالفيه في الرأي وتعاطيه الإيجابي مع أطروحاتهم، هي التي حفزتني إلى توجيه الرسائل له كلما كنت في حاجة إلى استشارته أو إبداء وجهة نظر لي عن قضية تخص الوطن. كان السيد الإمام باحثاً ، ومثابراً في جهوده للتواصل مع الحركات المسلحة، منذ عام 2012، كخيار استراتيجي للوصول إلى تحقيق السلام الشامل والعادل. شق طريقه والسهام تنتاشه من خصومه السياسيين، الذين يعدونه من رعاة "الهبوط الناعم"، وحتى لاعتراضات في داخل حزبه. كما أنه لم يهب أو يكترث لتهديدات النظام الرامية لإجباره على التخلي عن حلفائه ممن اختار اللجوء إلى حمل السلاح طالما قبلوا في العمل تحت مظلة سياسية. وبذلك، قطع السيد الإمام وعدا على نفسه ولجمهوره وحلفائه وشق طريقا شاقا وقطع مشوارا طويلا مزروعا بالألغام من أجل السلام والتحول الديمقراطي. رحيل الإمام فقد كبير للبلاد وحزب الامة الذي هو عموده وسنده. إن تداعيات وفاته يصعب التكهن بها، على صعيد الوطن بفقده لزعيم قومي سياسي واجتماعي بوزن السيد الإمام، وعلى مستوى حزب الأمة على وجه الخصوص. إن الوحدة ونبذ الخصومات وتجاوز خلافات الماضي وتخطي الانقسامات ينبغي أن تكون غاية وشعار كل عضوية الحزب بكل تقاطعاتها وليسموا فوق جراحات الماضي. لا أملك إلا أن أردد ما كان يقوله السيد الإمام *من فقه الحياة والموت*، أن الناس يحيون إذ يتوالدون. ويحيون في خلود الفكرة والعطاء: *قد مات قوم وما ماتت مآثرهم". وهو الذي قال *يمكن للموت أن يصير أذان للحياة"، مستشهداً بحكمة الأديب: كم قد قتلت وكم قد مت عندكم……… ثم انتفضت فزال القبر والكفن……….. هكذا الحياة الظالمة إماتة والموت الواعظ إحياء. الدوام لله والبقاء له وحده يرحمه الله ويغفر له ويسكنه فسيح جناته تورونتو، 25 نوفمبر 2020