الكثير من الناس يفهم فهماً خاطئاً ويظلم الآخرين عندما يسيئ الظن بهم، فعندما نقابل شخصاً ما لأول مرة يرسخ في أذهاننا انطباع معين عنه، فتستلطفه، أو لا تستلطفه، وغالباً ما يكون هو الآخر يحس بنفس الشعور، وسبحان الله إذا كنت تكره شخصاً معيناً، فغالباً ما يكون هو الآخر يكرهك، والعكس صحيح، إذا أحببت شخصاً ما أو استلطفته، فغالباً ما تجده كذلك. فقد يكون عدم الارتياح لشخصٍ ما بسبب شكله أو أسلوب تعامله أو طريقة كلامه، ولكن في نفس الوقت، قد يكون ذات الشخص من أطيب الناس، وأكرمهم، إذ تتوافر فيه كل الأشياء الجميلة، وكل الإمكانيات التي تؤهله لأن يكون شخصاً رائعاً نحبه كثيراً، وبسبب انطباعنا عنه، تغيرت نظرتنا بأن هذا الشخص لا يصلح بأن نتعامل معه أو أن يكون صديقا أو رفيقا على طول الطريق. إذن الانطباع الأول يكون من أول نظرة، وهي حاسة يحسها الشخص تجاه شخصٍ آخر، قد تكون النظرة صائبة وقد تكون غير ذلك، ولكن يجب أن نضع في حسباننا أن النظرة الأولى والانطباع الأول ليس بالكفاية بأن نحكم على الآخرين ونتخذ القرار النهائي فيه، بل يجب التعامل معه أولاً وإعطائه الفرصة الكافية، بعد أن نقترب منه ونتأكد من ذلك جيداً، حينها يمكننا الحكم عليه بأنه شخصٌ جيد أو غير ذلك. ذات مرة كنت في حاجة ماسة لمبلغ من المال لأرسله إلى ابني الذي يدرس بإحدى الجامعات بدول شرق آسيا، فطلبت المبلغ من زملاء العمل المقربين لي على أن أرده في نهاية الشهر، ولكن لا أحد استجاب لي، وقد يكون المبلغ غير متوفر معهم، بحكم أن الوقت كان آخر الشهر، طلعت بعدها لأبحث عن جهة أخرى تساعدني، وسرعان ما لحق بي أحد العاملين معي بعد أن سمعني أتحدث مع زملائي بالمكتب، وأنا في السيارة على أمل التحرك، استوقفني، وقال لي سوف يكون معك المبلغ بعد قليل، أطلع معي وسوف أعطيك المبلغ الذي تُريده كاملاً، وسبحان الله كان هذا الشخص من غير المقربين لي، بدليل أنني لم أسأله، وفي نفس الوقت كنت لا استلطفه ولا أجلس معه ولا أكلمه، هكذا البعض منا، فلنتعلم من هذه العبرة، حيث هناك أناسُ طيبون أفذاذ يقضون حوائج الناس في صمت، فلماذا نظلمهم؟ تأثرت كثيراً بينما فرحت كثيراً وسرعان ما غيرت نظرتي وانطباعي الأول، فعرفته جيداً واستغفرت ربي في ظلمي له، والنتيجة أنه ظهر بثوب أجمل من ثوبي، فهو أفضل مني بأيةِ حالٍ من الأحوال، ويا لخجلي وفشلي لو عرف أنني لا استلطفه، وللأسف الانطباع الأول لا ينتهي بسهولة بل يظل عالقاً إلى حين، وقد نأخذ انطباعاً عن شخصية بأنها شخصية عدوانية غير أنها ودودة، فيقع الظلم بالحكم الخاطئ الذي أصدرناه بسوء الظن، وهنا تحضرني قصة رجلٍ أحس بأن عاملاً فقيراً يمشي خلفه ويناديه، فقال الرجل في نفسه (هؤلاء الشحاذون دائماً يلاحقوننا ليطلبوا مزيداً من المال)، فقال العامل الفقير للرجل: عفواً سيدي محفظتك سقطت منك، فلنحسن الظن بالآخرين. خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية